20 ألف نازح في «الهول» ينتظرون العودة بدفعات إلى دير الزور

TT

20 ألف نازح في «الهول» ينتظرون العودة بدفعات إلى دير الزور

ينتظر عقلة جلبي الرجل الخمسيني المتحدر من بلدة الشعفة شرق سوريا، و20 ألف نازح سوري يقطنون في مخيم الهول وغالبيتهم من مدن وبلدات ريف دير الزور الشمالي، العودة إلى ديارهم بعد انتهاء العمليات العسكرية في مناطقهم منذ مارس (آذار) العام الماضي، مع تشديد القيود داخل المخيم بسبب تفشي فيروس «كورونا» المستجد.
واجتمع شيوخ عشائر عربية ووجهاء من أبناء المنطقة مع مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مُنتصف الشهر الفائت، وطالبوا بالسماح لأبناء ريف دير الزور والمناطق الخاضعة للإدارة الذاتية بالعودة إلى منازلهم وممتلكاتهم، على أن يخرجوا بقوائم اسمية عبر دفعات بحسب المناطق الأقل تضرراً من الحرب، وقالت إدارة مخيم الهول إنها أخرجت دفعتين خلال يوليو (تموز) الماضي، ضمت الأولى 115 عائلة وبلغ عدد أفرادها 460 شخصاً، فيما خرجت دفعة ثانية قبل يومين ضمت 40 عائلة وكانوا 150 شخصاً، على أن تخرج دفعات جديدة في قادم الأيام شريطة عدم وجود شكاوى وبلاغات أمنية عليها.
ويروي سعدون كيف فر رفقة عائلته وكثير من سكان البلدة من مسقط رأسهم بداية عام 2019 على وقع المعارك العنيفة والقصف الجوي من طيران التحالف وحملة عسكرية واسعة نفذتها «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية، لطرد عناصر تنظيم «داعش» آنذاك، ونزحت الأسرة إلى مخيم الهول بالحسكة واضطروا للبقاء وتحمل قساوة الحياة وارتفاع درجات الحرارة التي وصلت إلى معدلات قياسية حيث قاربت 50 درجة مئوية.
أثناء حديثه، جلس سعدون تحت خيمته بالقسم الرابع المخصص للسوريين على بساط تقليدي واضعاً دلة قهوة عربية أمامه، وقال: «الحرارة قتلتنا، والخيمة عبارة عن قماش لا تقينا من لهيب الشمس؛ كما نشتكي من قلة مياه الشرب وننتظر ساعات طويلة حتى يأتينا المساء»، ووصف حالتهم بالمأساوية وينتظر بفارغ الصبر الموافقة على خروجهم من المخيم، وتساءل مستغرباً: «سمعنا بمبادرة شيوخ العشائر وإن شاء الله تنجح مساعيهم، لكن لأيمته راح يتركونا بهذا المكان». أما سعدية البالغة من العمر 51 سنة، فنقلت كيف أن الحرب مزقت عائلتها، فبعد هروبها من مسقط رأسها بلدة الباغوز التي شهدت آخر المعارك بالقضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي، وصلت برفقة زوجها وأطفالها الصغار إلى مخيم الهول قبل عام ونصف العام، فيما هرب أبناؤها الكبار إلى لبنان خشية اعتقالهم أو إشراكهم في المعارك. أما بناتها فتزوجن وسافرن إلى مدن الداخل الخاضعة لسيطرة القوات النظامية.
ويؤوي مخيم الهول الواقع على بعد نحو 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة، 65 ألفاً معظمهم من النازحين السوريين واللاجئون العراقيون، وأوضحت ماجدة أمين مديرة المخيم أنهم يتبعون نظام «الكفالة» في إخراج النازحين السوريين، وبعد تدخل عشائر عربية من أبناء المنطقة أخرجوا دفعات، وقالت: «العام الماضي أخرجنا عدة دفعات وهناك عوائل كثيرة ستخرج قريباً، بحسب القوائم المرسلة من شيوخ العشائر العربية»، ووصفت مديرة المخيم الوضع بأنه «شديد الصعوبة وكارثي» بعد انتشار جائحة كورونا في مناطق الإدارة، حيث سجلت طواقمها الطبية 17 حالة.
وترفض عنود (35 سنة) المتحدرة من بلدة الشعفة بدير الزور ونساء أخريات الخروج من المخيم قبل معرفة مصير أزواجهنّ. وتقول: «زوجي سلم نفسه بشكل طوعي وكان موظفاً عند التنظيم، منذ 17 شهراً ما بعرف عنه شيء، قدمت طلبات للسماح بزيارته دون جدوى، لن أعود قبل معرفة مصيره».
وقال مصدر أمني من إدارة المخيم إن العديد من الشكاوى والبلاغات قدمت من سكان المناطق بحق الذين تورطوا بالقتال والعمل في صفوف التنظيم سابقاً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.