نباتات نادرة في حدائق المتاحف المصرية تنافس المقتنيات الأثرية

«البرساء» و«البردي» و«اللوتس» و«البونسيانا» و«الملوكي» من أشهرها

TT

نباتات نادرة في حدائق المتاحف المصرية تنافس المقتنيات الأثرية

الحدائق الموجودة داخل بعض المتاحف المصرية ليست مجرد مساحات خضراء، أو أماكن للاستراحة من التجول بين الجدران العتيقة، لكنها جزء من هذا التاريخ، إذ تضم أشجاراً ونباتات نادرة تُنافس المُقتنيات الأثرية المعروضة داخل القاعات، وتؤرخ بطريقتها الخاصة لحقب متنوعة يعود بعضها إلى العصر الفرعوني، لتتحول الأشجار والمقتنيات إلى مزج لافت لتاريخ واحد، غير أن الراوي مختلف، فما زال نبات البردي ينبض بالحياة جنباً إلى جنب مع زهرة اللوتس الشهيرة داخل حديقة المتحف المصري بالتحرير.
وتُشكل حديقة المتحف المصري واجهة ومدخلاً رئيسياً، حيث يجب أن يعبر الزائرون خلالها للوصول إلى قاعات العرض والأقسام المختلفة، بينما تتجاور قطع التماثيل الفرعونية مع الأشجار والنباتات النادرة في نموذج لافت يعكس التداخل التاريخي للحضارة. صباح عبد الرزاق، مدير المتحف المصري بالتحرير، تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «حديقة المتحف تضم مجموعة كبيرة من الأشجار والنباتات النادرة، فهي بداية احتكاك الزوار بالمتحف، وأول ما يشاهدونه قبل الدخول إلى القاعات المختلفة، لذلك تتولى الإدارة الزراعية المتابعة والصيانة اليومية والدورية للحديقة».
وتضم الحديقة مجموعات متنوعة من الأشجار والنباتات النادرة التي يرتبط بعضها بالعصر الفرعوني وفقاً للمهندسة سحر حسين فرغلي، المهندسة بالإدارة الزراعية بالمتحف المصري بالتحرير، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «أشهر الأشجار النادرة الموجود بالمتحف هي شجرة (البرساء) وهي شجرة تنتمي إلى العصر الفرعوني، وتطرح ثمراً يشبه الزيتون الأخضر يمكن أكله، وفي كثير من الأحيان يقوم بعض الزوار بالتقاطه من على الأرض وتناوله، ويوجد بالمتحف ثلاث شجرات منها هي آخر ما تبقى بمنطقة الشرق الأوسط كلها، وقد حاولنا استخلاص شتلات من الشجرة لزراعة مثلها مرة أخرى، لكننا لم نتمكن من ذلك حتى الآن».
ومن بين النباتات النادرة التي يحرص مهندسو الإدارة الزراعية بالمتحف على الاستمرار في زراعة أعداد كبيرة منها بشكل دوري، نبات البردي الذي يرتبط بإنتاج ورق البردي الشهير، ونبات اللوتس بزهرته الفرعونية المعروفة، وتشير فرغلي إلى أن «نبات اللوتس يجب أن يكون مغموراً في المياه بشكل دائم، لذلك نقوم بزراعته داخل النافورة الموجودة بالحديقة، حيث نقوم بتجفيف زهوره وإعادة نثرها في المياه لتنبت مجموعات جديدة، بينما نبات البردي نقوم بقطع الجزء الظاهر منه على سطح الأرض في شهر ديسمبر (كانون الأول) ونغرسه ليطرح مجموعات جديدة، وهو يحتاج إلى أن تكون الأرض المزروع فيها رطبة دائماً، لذلك يتم ريه يومياً».
وتتنوع الأشجار والنباتات التي تحويها الحديقة لتشمل مجموعات كبيرة، منها شجر السرو الليموني، وشجرتا البونسيانا والمورينغا، ومجموعة من نخيل (سيكاس) الشهير، والنخيل الملوكي، ونخيل الكوكس، ومجموعة كبيرة تضم أنواعاً عديدة من نبات الصبار. وتثير مجموعات الأشجار والنباتات النادرة فضول الباحثين وطلاب كليات العلوم والزراعة والطب والصيدلة، حيث يحصلون من المتحف على عينات أغصان وأوراق وزهور بعض النباتات لدراستها معملياً.
وتُعد حديقة متحف قصر المنيل «جنوب القاهرة» من أكبر وأبرز حدائق المتاحف الشهيرة في مصر، إذ تبلغ مساحتها 6 أفدنة من إجمالي مساحة القصر التي تبلغ نحو 14 فداناً، وتضم مجموعات متنوعة من الأشجار والنباتات النادرة، حسب محمد السيد البرديني، وكيل متحف قصر المنيل، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تنوع الأشجار والنباتات التي تضمها حديقة المتحف سببه أن القصر كان مكان إقامة الأمير محمد علي توفيق (أحد أبرز أمراء الأسرة العلوية) وعندما بناه حرص على جمع مجموعات متنوعة من الأشجار والنباتات من جميع أنحاء العالم خلال رحلاته التي اشتهر بها».
إلى جانب الأشجار المثمرة، مثل شجرة تفاح الورد، والجوافة الحمراء، والبشملة، والأفوكادو، وعين الخروف، واللوكوما، والبكان، تضم حديقة قصر المنيل مجموعات متنوعة من الأشجار والنباتات النادرة وفقاً للمهندسة تريزة لبيب يوسف، استشاري الحدائق النباتية، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «حديقة متحف قصر المنيل تضم مجموعات نادرة ومبهرة من الأشجار والنباتات المتنوعة، وأشجار المخروطيات النادرة جداً، منها نبات الأجاسس، وهي من فصيلة شجرة عيد الميلاد، وشجرة الأروكاريا كاننجهامياي، والأروكاريا الشوكية».
ومن النخيل النادر بالحديقة، نخلة الأطلايا، والأرنغا انجليري، والديكتيوسبرما ألبا، والكنتيا، والهايوفورب، التي كان يطلق عليها من قبل، الماسكارينا، وفصائل متنوعة من نخيل الزاميا، والتي يطلق عليها أشباه النخيل، منها، الديون، والانسيفالارتوس نتالينسس، وهوريدس.
وتشير يوسف إلى أن «بعض الأشجار والنباتات الموجودة بالحديقة لا يوجد لها مثيل في مصر أو العالم، منها، نخيل الواليشيا، الذي لا يوجد سوى في هذه الحديقة، ومن بين الأشجار النادرة أيضاً، شجرة خف الجمل (بوهينيا فاهلياي) والتي يصل ارتفاعها إلى 20 متراً وأوراقها كبيرة جداً، كما يوجد العديد من الأشجار ذات القيمة الطبية والاقتصادية، بينها شجرة القرفة، وشجرة المانوليا، والأنوجيسس، والمورايا».


مقالات ذات صلة

متاحف مصرية لاستقبال كنز أثري «غارق»

يوميات الشرق جانب من المضبوطات الأثرية الغارقة (وزارة الداخلية)

متاحف مصرية لاستقبال كنز أثري «غارق»

أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن ضبط 448 قطعة أثرية تعود للعصرين اليوناني والروماني بحوزة لصّين تحصّلا عليها عبر الغوص، وتم التحفظ على القطع المضبوطة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
علوم الماموث «إيانا» عمرها 50 ألف عام (رويترز)

روسيا تعرض بقايا ماموث محفوظة بشكل جيد عمرها 50 ألف سنة

عرضت روسيا، اليوم (الاثنين)، بقايا محفوظة بشكل جيد لماموث صغير عمرها 50 ألف عام، عُثر عليها خلال الصيف الفائت في أقصى الشمال الروسي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق القبقاب الذي تم العثور عليه عمره 500 عام (رويترز)

علماء آثار هولنديون يكتشفون قبقاباً نادراً عمره 500 عام

تشتهر هولندا عالمياً بأحذيتها الخشبية، لكن الاكتشاف النادر في الآونة الأخيرة لقبقاب عمره 500 عام بمدينة ألكمار أظهر مدى انتشار استخدام مثل هذه الأحذية بالماضي.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
سفر وسياحة رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)

نافورة تريفي في روما تستقبل زوارها بعد إعادة افتتاحها (صور)

أُعيد افتتاح نافورة تريفي الشهيرة رسمياً بعد أعمال تنظيف استمرت أسابيع، وقررت البلدية الحد من عدد الزوار إلى 400 في آن واحد.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي لقطة جوية تُظهر قلعة حلب (أ.ف.ب)

حلب «الشاهدة على التاريخ والمعارك» تستعد لنفض ركام الحرب عن تراثها (صور)

أتت المعارك في شوارع حلب والقصف الجويّ والصاروخي على كثير من معالم هذه المدينة المُدرجة على قائمة اليونيسكو، لا سيما بين عامي 2012 و2016.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».