تراجع إجمالي الناتج المحلي الأميركي بنسبة 32.9 في المائة خلال الربع الثاني من العام، وهي فترة الأشهر الثلاثة الثانية على التوالي التي يسجل فيها أكبر اقتصاد عالمي انكماشاً؛ ما يعني دخوله في مرحلة ركود، وذلك وفق تقديرات أولية نشرتها وزارة التجارة الخميس.
ويمثل التراجع الشديد في الفترة من أبريل (نيسان) حتى يونيو (حزيران) التدهور ربع السنوي الأكثر حدة لنمو الاقتصاد منذ بدأت الحكومة الفيدرالية الأميركية تسجل البيانات الربع سنوية للناتج المحلي الإجمالي. ومقارنة بالربع الأول هذا العام، فقد انكمش الاقتصاد بنسبة 10 في المائة.
وأوضحت الوزارة في بيان، أن هذا التراجع، وهو أقل مما كان متوقعاً (35 في المائة)، «يشكل انعكاساً للاستجابة لوباء (كوفيد – 19)، مع تدابير العزل التي فرضت في مارس (آذار) وأبريل الماضيين، عُوّض جزئياً مع استئناف جزء من النشاط الاقتصادي في بعض مناطق البلاد في مايو (أيار) ويونيو».
وتستخدم الولايات المتحدة مقياس المعدل على أساس سنوي لتقدير النمو، وهو يقوم على مقارنة إجمالي الناتج المحلي مع نسبته في الربع الفائت، ويقدّر تطوره للعام كاملاً بناءً على هذا المعدل. وهو يختلف عن مقياس المقارنة مع الربع نفسه في العام السابق الذي تستخدمه دول أخرى.
وفي الأشهر الثلاثة الأولى من العام، والتي كانت إلى حد كبير قبل إغلاق جزء كبير من اقتصاد البلاد لوقف انتشار الفيروس في أواخر مارس، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.8 في المائة على أساس سنوي.
وقالت شركة الاستشارات المالية «كابيتال إيكونوميكس»، التي أشارت إلى «انهيار غير مسبوق في الاستهلاك بسبب تدابير الإغلاق»، «نقدر أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 30 في المائة في الربع الثاني على أساس سنوي، ما يزيد على ثلاثة أضعاف الانكماش الفصلي القياسي السابق».
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه يتوقع انتعاشاً اقتصادياً سريعاً، لكن المحللين يبدون أكثر تشككاً. وأوضحت «كابيتال إيكونوميكس»، أنه في حين بدأ الاستهلاك ينتعش بقوة في مايو ويونيو؛ ما يمهد الطريق لتعافٍ قوي في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث، فإن «الطريق إلى التعافي بعد ذلك ستكون طويلة، مع احتمال أن يظل الناتج أقل مما كان عليه قبل الجائحة لسنوات».
ومرر الكونغرس ما قيمته 3 تريليونات دولار تقريباً من الحوافز للمساعدة في تخفيف الأزمة. وفي الوقت الذي لا تزال ترتفع فيه البطالة في الولايات المتحدة لمستويات في خانة العشرات، فإن الانتعاش الاقتصادي يظهر علامات على الاستقرار، على الرغم من ظهور مخاطر جديدة بارتفاع حالات الإصابة بالفيروس عبر أجزاء من البلاد.كما قام بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بخفض أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر، إضافة إلى التدخلات في السوق من جانبه. وكرر مجلس الفيدرالي تعهده باستخدام كل الأدوات المتاحة له لدعم الاقتصاد الذي قال إن آفاقه «ستعتمد إلى حد كبير على مسار الفيروس».
وفي نهاية اجتماع للجنته للسياسة النقدية استمر يومين، قال مجلس «الاحتياطي» إنه سيبقي على النطاق المستهدف لأسعار الفائدة من دون تغيير إلى أن يكون لديه ثقة بأن الاقتصاد اجتاز جائحة فيروس كورونا ويمضي في مسار نحو تحقيق أهدافه للتوظيف واستقرار الأسعار.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده جيروم باول رئيس «الفيدرالي»، قال إن التراجع الاقتصادي الحالي شديد وسيكون من الضروري تقديم دعم مالي ونقدي مستمر من أجل التعافي. كما حثّ باول الساسة على اتخاذ تدابير جديدة لتوفير الدعم الاقتصادي.
وكما كان متوقعاً، أعلن «الاحتياطي» الحفاظ على نسب فائدته في مستوى يراوح بين صفر و0.25 في المائة. واتخذ هذا القرار بالإجماع، وسيتم الإبقاء على هذه النسب ما لم يتعاف الاقتصاد بشكل كامل من الصدمة التي سببتها الأزمة الصحية، وفق المؤسسة. مشيراً إلى أنه «عقب تدهور واضح، عاود النشاط الاقتصادي والتوظيف الارتفاع قليلاً في الأشهر الأخيرة؛ لكنهما يظلان أدنى بكثير من مستوياتهما خلال بداية العام».
واعتبر باول أن «تزايد الإصابات بالفيروس والتدابير المتخذة للسيطرة عليه، بدأت بالتأثير على النشاط الاقتصادي». وبناءً على ذلك، فإن الوتيرة المستقبلية للاقتصاد الأميركي «غامضة بشكل استثنائي». وشدد باول على أن التعافي الحقيقي «يعتمد في جزء كبير على نجاحنا في السيطرة على الفيروس».
وزاد «الفيدرالي» تحركاته حتى يواصل الاقتصاد الأميركي نشاطه رغم الشلل الذي أصابه في مارس الماضي، ومحاولات إنعاشه منذ مايو. ولم يتوقف «الفيدرالي» عن التذكير بأهمية الدعم المالي الذي توفره الحكومة الفيدرالية إلى الأسر والشركات.
إلا أن باول أكد أن الفئات الأضعف اقتصادياً في المجتمع الأميركي، مثل النساء وأبناء الأقليات إلى جانب أصحاب الأجور المنخفضة، هي الأشد تضرراً من التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا. وأضاف أن الجائحة أبرزت ليس فقط انقسام المجتمع، وإنما أيضاً أن تفاوت الدخول أصبح «مشكلة متزايدة» خلال العقود الأربعة الأخيرة في الولايات المتحدة.
لكن البيت الأبيض قلل من آمال التوصل إلى مشروع قانون بشأن حزمة تحفيز اقتصادي جديدة من أجل مساعدة البلاد على تجاوز أزمة جائحة كورونا والركود الاقتصادي.
أميركا تهوي إلى ركود حاد مع فقد ثلث الناتج في الربع الثاني
البيت الأبيض متشائم حيال حزمة التحفيز
أميركا تهوي إلى ركود حاد مع فقد ثلث الناتج في الربع الثاني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة