الحدود مع لبنان وسوريا تشهد أكبر حشود إسرائيلية منذ 2006

جنود إسرائيليون على دباباتهم في الجولان السوري قرب الحدود اللبنانية الثلاثاء الماضي (أ.ب)
جنود إسرائيليون على دباباتهم في الجولان السوري قرب الحدود اللبنانية الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

الحدود مع لبنان وسوريا تشهد أكبر حشود إسرائيلية منذ 2006

جنود إسرائيليون على دباباتهم في الجولان السوري قرب الحدود اللبنانية الثلاثاء الماضي (أ.ب)
جنود إسرائيليون على دباباتهم في الجولان السوري قرب الحدود اللبنانية الثلاثاء الماضي (أ.ب)

أكدت مصادر مطلعة في منطقة الجليل، أن الجيش الإسرائيلي عزّز قواته في القطاعات التابعة لقيادة المنطقة الشمالية، على حدود سوريا ولبنان، على أوسع نطاق تشهده المنطقة منذ حرب لبنان الثانية، في يوليو (تموز) عام 2006.
وقالت تلك المصادر، إن الجيش الإسرائيلي لم يكتف بإبقاء قواته في حالة تأهب، بل رفدها بعدد من بطاريات القبة الحديدة وأعلن الاستنفار في قواعده الجوية والبحرية في الشمال، وعزز القوات الحدودية بالمدفعية المتطورة ووحدات استخباراتية وقوات خاصة ووسائل تكنولوجية حديثة. وأوضحت أن هذه الخطوات اتخذت بعد مداولات في قيادة اللواء الشمالي بحضور رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، ووزير الأمن، بيني غانتس؛ وذلك بغرض ردع «حزب الله» وإفهامه بأن إسرائيل جادة في منعه من تنفيذ «هجوم آخر» ضدها.
وأكدت مصادر عسكرية في تل أبيب، اليوم (الخميس)، أن رفع مستوى الجهوزية وزيادة حجم القوات، يدل على أن الجيش لا يعمل فقط في سياق الرد على «حزب الله» بضربة مقابل ضربة، بل إنه يعمل كمن يستعد لمجابهة اندلاع معركة قد تستمر لفترة طويلة، في المواجهة مع «حزب الله». من جهة ثانية، أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أن قائد سلاح الجو، اللواء، عميكام نوركين، أصدر تعليمات لقواته، مساء الأربعاء، بزيادة مستوى التعاون مع قوات المشاة والألوية التابعة لقيادة المنطقة الشمالية، من أجل رصد أي واقعة قد تشهدها المناطق الحدودية. كما أمر نوركين قواته، بالاستعداد لاحتمال تصعيد واسع، «الأمر الذي يتطلب هجوماً جوياً واسع النطاق من قبل الجيش الإسرائيلي».
المعروف أن التوتر بين إسرائيل ولبنان، نشب هذا الأسبوع، إثر إعلان إسرائيل عن قدوم خلية من «حزب الله» مكونة من أربعة أشخاص اخترقوا الحدود اللبنانية - الإسرائيلية وحاولوا التسلل إلى الشارع المؤدي إلى موقع عسكري في جبل روس (منطقة سورية محتلة منذ عام 1967)، لقنص الجنود والضباط وربما محاولة أسر عدد منهم. وقد نفى «حزب الله» إرسال أي عنصر من رجاله إلى هذه المنطقة، واعتبر الإعلان الإسرائيلي، وهمياً ويدل على ارتباك وفقدان ثقة بالنفس. ولكن الإسرائيليين أصروا على روايتهم وعرضوا أشرطة فيديو تدل على تحركات أشخاص في المكان.
ونشر الجيش تحقيقاً أولياً، أمس، يشير إلى أنه «من المحتمل أن يكون الأشخاص الأربعة، مرتزقة أرسلهم (حزب الله) كبالون اختبار، فقد بدوا مقاتلين من دون خبرة يتصرفون بشيء من البدائية وقلة التنظيم». وأكد أن الجيش الإسرائيلي قرر ألا يقتلهم؛ لأنه لا يريد أن يسارع إلى صدام حربي. وأكد على هذه الرواية رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، بنفسه، وقال، خلال لقاء له مع جنود في الشمال، أمس (الخميس)، إن «هدف الجيش من الأحداث في مزارع شبعا، الاثنين، كان التشويش؛ وذلك كي لا نصل إلى القتال الحربي». وأضاف كوخافي «إننا نتوقع أن ينفذ (حزب الله) هجوماً آخر ونستعد لذلك. وسنبذل كل ما بوسعنا كي لا نصل إلى حرب، ولكن لن نجعل (حزب الله) يشعر أننا مرتدعون». وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن كوخافي أطلع الضباط على تفاصيل عملية أخرى توضح الأحداث بالتفصيل، لكن الرقابة العسكرية الإسرائيلية تمنع نشرها حالياً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».