رئيس الوزراء العراقي يوجه قواته بحماية المتظاهرين السلميين

غداة مقتل ثلاثة محتجين ضد تردي أوضاع الكهرباء في البلاد

الكاظمي مجتمعاً مع رئيسي جهازي الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب (واع)
الكاظمي مجتمعاً مع رئيسي جهازي الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب (واع)
TT

رئيس الوزراء العراقي يوجه قواته بحماية المتظاهرين السلميين

الكاظمي مجتمعاً مع رئيسي جهازي الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب (واع)
الكاظمي مجتمعاً مع رئيسي جهازي الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب (واع)

تسعى حكومة رئيس الوزراء العراقي هذه الأيام إلى الخروج بأقل الخسائر على الصعيد الشعبي، بعد أن وجدت نفسها في غضون أقل من ثلاثة أشهر على تسنمها مهام عملها، وسط عاصفة من الاحتجاجات الشعبية الناجمة عن التردي الشديد في أوضاع الشبكة الكهربائية، وعدم قدرتها على تلبية حاجة المواطنين إلى التيار الكهربائي، في ظل الارتفاع الجنوني لدرجات حرارة الجو وتجاوزها سقف الـ50 درجة مئوية.
وتدرك الأوساط الحكومية أن مشكلة الكهرباء كانت ومنذ سنوات بمثابة الشرارة التي تشعل حركة احتجاجات واسعة؛ خصوصاً في مدن وسط وجنوب البلاد التي غالباً ما تسببت في تقويض سمعة الحكومات المتعاقبة، نتيجة حالات القمع التي يجابه بها المحتجون، والخسائر في الأرواح التي تنجم عن ذلك. ويميل كثيرون إلى الاعتقاد بأن مقتل الشاب منتظر الحلفي في يونيو (حزيران) 2015 بعد مشاركته في تظاهرة احتجاجية شمال مدينة البصرة على ضعف وتدهور أوضاع الكهرباء هناك، كان بمثابة نقطة الانطلاق الأكثر أهمية التي مهدت لتظاهرات السنوات اللاحقة.
ومنذ أكثر من أسبوع، تواجه حكومة مصطفى الكاظمي التحدي ذاته الذي واجهته الحكومات السابقة؛ حيث تخرج بانتظام وبطريقة شبه يومية مظاهرات احتجاجية في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، ضد تدهور أوضاع الكهرباء. ولم تتمكن حكومة الكاظمي من تفادي حالات العنف التي طالت المتظاهرين في السنوات السابقة من قبل قوات الأمن ومكافحة الشعب؛ حيث سقط في بغداد أول من أمس (الثلاثاء) ثلاثة قتلى، وجرح نحو 15 متظاهراً، ما عرَّض الحكومة إلى انتقادات شديدة من قبل الناشطين والأوساط الشعبية، على الرغم من نفي المتحدث العسكري باسم الكاظمي مسؤولية القوات الأمنية عن حالات القتل، وتحميله ما سماها «مجاميع إجرامية» الوقوف وراء تلك الحوادث.
ودفعت الانتقادات المتواصلة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إلى إصدار أوامر لقياداته الأمنية بتوفير الحماية اللازمة للتظاهرات السلمية.
وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، أمس (الأربعاء)، أن «الكاظمي عقد اجتماعاً مع رئيس جهاز الأمن الوطني، عبد الغني الأسدي، ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق أول الركن عبد الوهاب الساعدي، وبحثوا الأوضاع الأمنية في البلاد، ومضاعفة الجهود المبذولة لبسط الأمن والاستقرار، وملاحقة العصابات الإجرامية التي تنفذ جرائم الخطف والقتل، وكذلك تعقب خلايا (داعش) الإرهابية».
وأضاف أن «الاجتماع تناول حركة التظاهرات السلمية التي يشهدها عدد من محافظات العراق؛ حيث وجه القائد العام للقوات المسلحة، القوات الأمنية المختصة، وضمن نطاق واجباتها، بتوفير الحماية اللازمة للتظاهرات السلمية، وعدم استخدام أي نوع من أنواع العنف، وتلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين».
- استمرار المظاهرات
وتواصلت أمس المظاهرات في مختلف المدن ومحافظات وسط وجنوب البلاد، ضد تردي أوضاع خدمات الكهرباء؛ حيث عمد متظاهرون في قضاء الهندية في محافظة بابل، إلى قطع الطريق الرابط مع محافظة كربلاء المجاورة. كما قام المئات في محافظة الديوانية بالتظاهر وإحراق الإطارات وسط المدينة.
ونظم العشرات من مواطني قضاء العزيزية شمال محافظة واسط، تظاهرة للمطالبة بالخدمات وإقالة المحافظ، متهمين الحكومة المحلية بعدم الجدية في تحقيق مطالبهم وتوفير الخدمات، لا سيما المتعلقة بتوفير الطاقة الكهربائية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».