عقيلة صالح يدعو إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة وحدة في ليبيا

TT

عقيلة صالح يدعو إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة وحدة في ليبيا

دعا عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية في ليبيا، تتكون مما سمَّاها أقاليم البلاد التي بُنيت وفقها الدولة الليبية، وهي برقة وطرابلس وفزان، على أن يكون ذلك تحت إشراف الأمم المتحدة.
وخلال لقاء جمعه في عمَّان برئيس البرلمان الأردني عاطف الطراونة، أمس، وضع صالح أطر شكل المرحلة الانتقالية في بلاده، بحيث يباشر المجلس الرئاسي إنجاز المصالحة الوطنية، وتشكيل لجنة لصياغة دستور للبلاد، وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية؛ مطالباً بوقف الاعتداء التركي على الأراضي الليبية، ومنع التدخل الأجنبي السلبي بكافة أشكاله، مع الدعوة للبدء في عملية سياسية، بإطلاق حوار مباشر برعاية عربية وأممية، ووضع آليات حقيقية لتنفيذ مخرجات مؤتمر برلين، وبنود إعلان القاهرة، ووقف فوري لإطلاق النار.
كما أكد صالح على أهمية وجوب وقف الاعتداء التركي على الأراضي الليبية، ومطالبتها بإخراج الإرهابيين والمرتزقة، وأن يباشر المجلس الرئاسي بتشكيلته الجديدة عمله من أي مدينة ليبية، إلى حين تأمين العاصمة، مقترحاً بشكل مبدئي أن تكون مدينة سرت هي مقر عمل المجلس.
وإزاء ما سمَّاه التعنت ومحاولة شراء الوقت، رأى صالح ضرورة إرجاع الأمانة إلى أهلها، أي الشعب الليبي الذي قال إنه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في تقرير مصير البلاد، لافتاً إلى أن الصراع في ليبيا اليوم «أصبح صراعاً دولياً تتسع رقعته كل يوم ليشمل البحر الأبيض المتوسط، وجنوب أوروبا ومنطقة الساحل والصحراء، ولم يعد أمام المجتمع الدولي إلا الاحتكام لإرادة الليبيين دون تأخير، وهو ما يتطلب وضع آليات حقيقية فاعلة لتنفيذ مخرجات مؤتمر برلين وبنود إعلان القاهرة».
في سياق ذلك، أشار صالح إلى زيارته مؤخراً إلى المغرب؛ معرباً عن التقدير لجهود المغاربة وحرصهم على أمن ليبيا واستقراره، لافتاً إلى أنه أوضح خلال زيارته للرباط أن سبب تفاقم الأوضاع في ليبيا «لا يتعلق باتفاق الصخيرات في حد ذاته؛ بل بما نتج عنه من جسم عاجز، لم ينل ثقة مجلس النواب، ولم يؤدِّ اليمين الدستورية، ولم يضمَّن في الإعلان الدستوري، وانتهت مدة ولايته، وتجاوز صلاحياته واختصاصاته بأن فرَّط في سيادة ليبيا، وسلَّمها رهينة لقوى أجنبية لمجرد الرغبة في البقاء في السلطة، وكل ذلك تم بالمخالفة العلنية والصريحة لبنود الاتفاق السياسي الذي وقع بالصخيرات عام 2015».
كما تناول صالح في حديثه مع المسؤول الأردني جملة من الشواهد على تردي الأوضاع في بلاده، وقال إن إقليم طرابلس؛ حيث العاصمة الليبية، ومقر المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، أصبح كل من الجماعات الإرهابية والميليشيات، والعصابات المسلحة، والمرتزقة الأجانب، يعيثون فساداً في مؤسسات الدولة، ويهيمنون على القرار السياسي بقوة السلاح، ويمارسون الابتزاز والخطف والقتل، وتدبير السجون ومراكز الاحتجاز السرية التي ينكل فيها بالليبيين المقيمين والمهاجرين، وذلك باعتراف وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» الذي وصف أحد مشاهد الابتزاز بقوله إن ميليشيا مسلحة اقتحمت وزارة المالية، وهددت الوزير بوضع رصاصة في يده، وأن جهاز المخابرات تديره ميليشيا مسلحة محسوبة على أحد الشوارع، مبرزاً أن طرابلس تضم أجساماً موازية لوزارة الداخلية تملك إمكانيات أكثر منها، و«للأسف يحدث ذلك كله على مرأى من المجتمع الدولي الذي منح الشرعية لهذه الحكومة».



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».