جنوب أفريقيا تسعى إلى مواجهة «فرس النهر» الذي يلتهم رزقها

قال صندوق النقد الدولي إن من المرجح أن ينكمش اقتصاد جنوب أفريقيا بنسبة 7.2 في المائة هذا العام بسبب تأثير فيروس كورونا المستجد، وإن تزايد مدفوعات الديون سيعرقل تعافيها.ووافق صندوق النقد في وقت متأخر مساء الاثنين على تمويل طارئ بقيمة 4.3 مليار دولار للاقتصاد الأكثر تقدماً في أفريقيا. ويأتي قرض الصندوق في إطار خطط لاقتراض سبعة مليارات دولار من مؤسسات مالية دولية. ووافق بنك بريكس على قرض بمليار دولار، فيما يقول البنك الأفريقي للتنمية إنه سيقرض الحكومة خمسة مليارات راند (304.55 مليون دولار). وهناك محادثات جارية مع البنك الدولي.
وقال بيان صادر عن الصندوق إنه وافق على إعطاء جنوب أفريقيا «مساعدة مالية عاجلة بموجب أداة التمويل السريع لدعم جهود السلطات في التعامل مع التحدي الذي يمثله الوضع الصحي وتأثيراته الاقتصادية القاسية الناجمة عن صدمة (كوفيد - 19)».
وتوقع وزير المالية الجنوب أفريقي تيتو مبويني في يونيو (حزيران) أن ينكمش اقتصاد بلاده بنسبة 7.2 في المائة عام 2020. وهو أكبر تراجع في 90 عاماً، وشبّه تضخم الدين العام بحيوان «فرس النهر الذي يأكل إرث أولادنا». وأعلنت جنوب أفريقيا الثلاثاء أنها تدرس حالياً وضع سقف للدين العام بهدف المساعدة في السيطرة على الديون. ونقلت وكالة بلومبرغ عن وزير المالية، وليستغا كجانياغو محافظ بنك جنوب أفريقيا المركزي، قولهما في خطاب نوايا موجه إلى صندوق النقد الدولي: «نحن مستعدون لوضع سقف للدين العام بالإضافة إلى السقف الحالي للإنفاق».
وأشارت الحكومة إلى أن أموال صندوق النقد الدولي سوف تخصص لتحقيق استقرار الدين وخلق فرص العمل ومساعدة العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية الذين يكافحون «كوفيد - 19» وإصلاح الاقتصاد لتحفيز النمو.
وهذه هي الدفعة الأحدث من صندوق النقد بموجب أداة التمويل السريع التي تسمح للبلدان بتجاوز الإجراءات والمفاوضات الطويلة لتأمين برامج مساعدات اقتصادية، في حين تسابق غالبية الدول الوقت في الجهود المبذولة لمعالجة تداعيات «كوفيد - 19».
وقال نائب المدير العام لصندوق النقد جيفري أوكاموتو إن «ركوداً اقتصادياً عميقاً بدأ يتكشّف»، في حين يسهم بطء معدلات النمو في جنوب أفريقيا وارتفاع البطالة في مفاقمته.وأضاف أن أموال أداة التمويل السريع ستساعد على معالجة الخلل في ميزان المدفوعات في جنوب أفريقيا «الذي ظهر نتيجة للوباء، وبالتالي احتواء الاضطراب الاقتصادي وتداعياته».
وفي تقرير نشر مساء الثلاثاء، قال صندوق النقد إن الركود سيقوض قدرة حكومة جنوب أفريقيا على تقليص الديون وعجز متضخم في الميزانية. وأضح الصندوق أنه «رغم حزمة المساعدات الضخمة، ستدفع الجائحة الاقتصاد إلى ركود عميق في 2020، مع آثار سلبية على عجز الميزانية والديون».
وأعلن الرئيس سيريل رامابوسا في أبريل (نيسان) الماضي عن حزمة تحفيز بقيمة 500 مليار راند بعد فرض إجراءات إغلاق صارمة في أواخر مارس (آذار) للحد من الإصابات بفيروس كورونا التي تخطت 450 ألفاً هذا الأسبوع، وهو الأعلى في القارة. ويتوقع صندوق النقد أن يبلغ إجمالي العجز في الميزانية 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع دين عام عند 78.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، و82.4 في المائة في 2021. وقال إن التوقعات «عرضة لمخاطر نزولية كبيرة»، مشيراً إلى زيادة إصدار السندات وعدم الاستقرار الاجتماعي وحزم إنقاذ لشركات مملوكة للدولة، على أنها تشكل مخاطر.
وبالأمس، ارتفع معدل التضخم في جنوب أفريقيا لأول مرة منذ أربعة أشهر خلال شهر يونيو الماضي، وذلك بعد تخفيف القيود المفروضة على استهلاك السلع والبضائع.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مكتب الإحصاءات في جنوب أفريقيا القول إن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 2.2 في المائة خلال شهر يونيو الماضي مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. ويذكر أن الأسعار ارتفعت بنسبة 2.1 في المائة خلال شهر مايو (أيار) الماضي.
وكانت جنوب أفريقيا قد انتقلت إلى ما يطلق عليه المرحلة الثالثة من إجراءات الإغلاق المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا في الأول من يونيو الماضي، وهي الخطوة التي سمحت باستئناف معظم الأنشطة التجارية. وكان البنك المركزي قد خفض معدل الفائدة الأسبوع الماضي بواقع 25 نقطة مئوية.