غياب التنسيق الإسرائيلي ـ الفلسطيني يضاعف عمليات «المستعربين»

TT

غياب التنسيق الإسرائيلي ـ الفلسطيني يضاعف عمليات «المستعربين»

كشفت مصادر عسكرية في تل أبيب، الثلاثاء، أن نشاط «قوات كوماندوز المستعربين» في المنظومة العسكرية الاحتلالية (الجيش وحرس الحدود والشرطة والمخابرات)، ضاعفت عملياتها في الضفة الغربية، مرتين على الأقل، وبات يعتمد عليها اعتماداً أساسياً في تنفيذ الاعتقالات.
وقالت هذه المصادر إن السبب الأساس في هذا الارتفاع، هو غياب التنسيق الأمني الإسرائيلي الفلسطيني. فمنذ قرار السلطة الفلسطينية وقف التنسيق بين أجهزتها الأمنية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، احتجاجاً على قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، العمل على تنفيذ مخطط ضم مناطق فلسطينية محتلة في الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، يجد الإسرائيليون صعوبة في دخول المناطق الفلسطينية، وخصوصاً في المدن الكبرة مثل نابلس والخليل ورام الله.
ففي الماضي، كانت إسرائيل تبلغ الأمن الفلسطيني بأنها تنوي دخول مدينة أو قرية لتنفيذ اعتقال مشبوهين، فكانت هذه الأجهزة تغض الطرف أو تنسحب. أما اليوم، فإن قوات أجهزة الأمن الفلسطينية، منتشرة في المدن ولا تصغي لطلبات إسرائيلية، وتنصب الحواجز عند مداخل المدن والبلدات الفلسطينية من أجل فرض تعليمات وزارة الصحة لمكافحة انتشار فيروس كورونا. والجيش الإسرائيلي قرر الامتناع عن الاصطدام مع هذه القوات.
وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، التي ساد فيها هذا الوضع، أصبحت قوات الاحتلال تعتمد على وحدات المستعربين، المنتشرة في جميع أجهزة الأمن الإسرائيلية، وفيها يتم اختيار جنود يهود يتقنون اللغة العربية باللهجة المحلية فيتخفون بلباس عربي ويندسون في صفوف الفلسطينيين. وعندما يصلون إلى الهدف، ينقضون عليه ويخطفونه ويهربون إلى نقطة تنتظر فيها قوات مساندة.
وحسب التقرير، تضاعف مرتين عدد الاعتقالات بهذه الطريقة في الأشهر الأخيرة. وتم تجنيد عدة وحدات سرية ونخبوية إضافية. وهي تعمل في الليل والنهار. وتنفذ عملياتها من خلال مخاطرة كبيرة، إذ تداهم مواطنين وهم يركبون سياراتهم في شوارع مزدحمة. وزادت احتمالات الصدام بين هذه القوات وأفراد الشرطة الفلسطينية المسلحين. فالمعروف أن هناك نحو 50 ألف رجل أمن فلسطيني مسلحين ومدربين في عدة مدارس عسكرية فلسطينية وعربية حتى أميركية، على مواجهة حرب العصابات.
ولذلك فقد وضعت قوات الاحتلال على رأس المستعربين ضباطاً كبار نسبياً، مثل قادة سرايا أو كتائب أو ألوية، بادعاء منع حدوث أخطاء أو سوء تفاهم. ونقلت المصادر عن ضباط إسرائيليين قولهم إن «أحداثاً كهذه قد تنتهي بشكل خطير، في حال قرر شرطي فلسطيني إطلاق النار باتجاه الجنود الإسرائيليين، الذين قد يرتبكون بسبب التعليمات المتشددة بشأن عدم إطلاق النار باتجاه أفراد شرطة فلسطينيين».
وكانت صدامات كهذه قد وقعت في نهاية سنة 1996. إثر أحداث النفق في القدس، إذ أقدم رئيس الوزراء نتنياهو يومها على مفاجأة الفلسطينيين بافتتاح نفق تحت أسوار القدس، فنشبت اشتباكات بين الطرفين تسببت في مقتل 100 شرطي فلسطيني و17 جندياً إسرائيلياً.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».