من «الصقر» إلى «سبايكر»... شكوك حول حرائق المعسكرات العراقية

TT

من «الصقر» إلى «سبايكر»... شكوك حول حرائق المعسكرات العراقية

من «الصقر» جنوبي بغداد إلى «سبايكر» شمال شرقيها وما بينهما «التاجي» مسافات متفاوتة لا يجمع بينها سوى أنها معسكرات طالت بعضها الحرائق الغامضة والأخرى الصواريخ مجهولة الهوية. كل الحرائق والصواريخ ليست وليدة حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، بل ربما كانت على عهد سلفه عادل عبد المهدي أكثر وقعاً وخطورة لا سيما الصيف الماضي (2019) الذي شهد حرب الطائرات المسيّرة التي استهدفت عدة معسكرات للحشد الشعبي.
ومع بدء الاحتجاجات في الأول من أكتوبر 2019 التي راح ضحيتها المئات من القتلى والآلاف من الجرحى لم تتوقف لا حرب الكاتيوشا ضد المعسكرات التي تضم أميركيين ولا المظاهرات التي أخذ بعضها مساراً آخر حين اقتربت من السفارة الأميركية أواخر العام الماضي بعد استهداف الأميركيين للواء 45 من «الحشد الشعبي» الذي أدى إلى خسائر كبيرة في هذا المعسكر بلغت نحو 70 قتيلاً وجريحاً. كان ذلك وحده كفيلاً بمحاولة اقتحام السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء وحرق مداخلها، الأمر الذي ردت عليه الولايات المتحدة بعد أيام قلائل بغارة المطار في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020 التي أدت إلى مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس.
كان رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي قد تحول إلى رئيس لتصريف الأعمال بعد أن اضطر إلى تقديم استقالته تحت وقع المظاهرات. ومع أن مدة تصريف الأعمال طالت كثيراً (نحو 5 أشهر) فإن انهيار الوضعين الاقتصادي والصحي لم يؤثر على طبيعة المواجهة بين الفصائل الرافضة للوجود الأميركي في العراق وبين الولايات المتحدة التي بدأت تغضّ الطرف عن استهداف معسكراتها وتبدأ في مقابل ذلك حوارات من أجل تحديد طبيعة وجودها في العراق مع جدولة انسحابها منه.
ومع بدء حرارة الصيف وتجدد الاحتجاجات واستمرار صواريخ الكاتيوشا، وجد الكاظمي نفسه أمام تحديين. ففيما سقط اثنان من القتلى في أول يوم من أيام احتجاجات ساحة التحرير، اشتعلت النيران في معسكر «الصقر» للقوات الأمنية و«الحشد الشعبي» جنوبي بغداد. وبينما شُكّلت لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات حادث ساحة التحرير، وألقى خطاباً متلفزاً توعد فيه الجهات المسؤولة بالملاحقة جاءت الأخبار لكن هذه المرة من معسكر «التاجي» القريب من بغداد الذي سقطت عليه 3 صواريخ كاتيوشا دمرت إحدى الطائرات العراقية، ومن معسكر «سبايكر» في صلاح الدين الذي اشتعلت فيه النيران. الغموض يلف النيران رغم تأكيد المصادر الحكومية أن ما حصل لكلا المعسكرين عبارة عن حرائق ناتجة عن سوء الخزن.
لكن فرضية سوء الخزن ورغم البيانات الحكومية لم تقنع أطرافاً عديدة سياسية وغيرها بما فيها لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي. فعضو اللجنة والقيادي في ائتلاف دولة القانون كاطع الركابي، اتهم الطائرات الأميركية بقصف معسكرات القوات الأمنية و«الحشد الشعبي». وقال الركابي في تصريح أمس، إن «التفجيرات المتكررة التي تحدث في بعض المعسكرات بين الحين والآخر، وبخاصة القريبة من المناطق السكنية تولّد الكثير من المشكلات». وأضاف: «التحقيقات التي أُجريت بخصوص الانفجارات، سواء تلك التي حدثت في العام الماضي أو العام الحالي، لم توضح الحكومة ماهية الانفجارات، فمرة تقول طائرات مسيّرة، وأخرى تعزو السبب لماس كهربائي». وطالب الركابي الحكومة بإجراء تحقيقات شفافة، مشيراً إلى أن «الطرف المستفيد من هذه التفجيرات في سبيل ضرب الحشد والقوات الأمنية، هو الذي يملك الطائرات، وهو الذي تذهب أصابع الاتهام نحوه»، مؤكداً أنه «لا أحد يمتلك الطائرات غير الطرف الأميركي».
وحول استمرار القصف بصواريخ الكاتيوشا لبعض المواقع العسكرية الأميركية والعراقية أو الحرائق في معسكرات أخرى، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، لـ«الشرق الأوسط» إن «طبيعة الوجود الأميركي في العراق محكوم باتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام 2009 وما تلاها والتي يجري الحوار الاستراتيجي بين الطرفين الآن حولها»، مضيفاً أن «عمليات القصف التي تطال القوات الأميركية في بعض الأحيان يمثل في الواقع خلطاً للأوراق ومحاولة خلق أزمات بين الكاظمي وبين بعض الفصائل ومن ثم بين الكاظمي وبين الجانب الأميركي».
وأكد أبو رغيف أن «هناك زعامات سياسية تعمل على تهدئة الأجواء بين الطرفين لإيجاد حل لمثل هذه الأزمات»، موضحاً أنه «في حال تم الاتفاق بين القيادات الشيعية الرئيسية فإن هذا سيؤدي إلى نزع فتيل الأزمة وبالتالي فإن الأمور تسير باتجاه الحلحلة لا سيما مع ارتفاع منسوب المظاهرات احتجاجاً على نقص الخدمات».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.