المخابرات الإسرائيلية تشدد الحراسة على نتنياهو

لافتة بالعبرية أمام بيت نتنياهو تتهمه بالفشل الاقتصادي وبالفساد (إي)
لافتة بالعبرية أمام بيت نتنياهو تتهمه بالفشل الاقتصادي وبالفساد (إي)
TT

المخابرات الإسرائيلية تشدد الحراسة على نتنياهو

لافتة بالعبرية أمام بيت نتنياهو تتهمه بالفشل الاقتصادي وبالفساد (إي)
لافتة بالعبرية أمام بيت نتنياهو تتهمه بالفشل الاقتصادي وبالفساد (إي)

بعد اتساع المظاهرات الشعبية ضده واستمرار الاعتصام أمام مقره الرسمي، أعلنت أوساط في جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، عن تشديد إضافي في الحراسة حول رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وأفراد عائلته.
وقالت مصادر في الجهاز، أمس، إن «نفراً من المتظاهرين يستخدمون كلمات عنيفة ضد رئيس الحكومة وبعضهم لا يتردد في التهديد بقتله، لذلك تقرر رفد فرق الحراسة من حوله بالمزيد من حرس الشاباك».
وأضافت مصادر أخرى، أن الشاباك يمتثل بذلك لأوامر وزير الأمن الداخلي والشرطة، أمير أوحانا، الذي كان قد حذر قادة الأجهزة الأمنية مما سماه «انفلات المتظاهرين اليساريين العنيف»، قال إنه «سيؤدي إلى سفك دماء». وقالت المصادر، إن «تزايد المظاهرات قرب المنزل الرسمي في القدس، ومظاهرة أخرى قرب بيت عائلة نتنياهو في قيسارية، مساء السبت، دفعت شعبة حراسة الشخصيات العامة في (الشاباك)، إلى تغيير جزء من تنظيم الحراسة، وذلك بسبب مشاركة متواصلة لعشرات آلاف المتظاهرين قرب المنزل الرسمي. وخلافا للوضع العادي، لا يخضع هؤلاء المتظاهرون لتصنيف أو استجواب أمني، رغم وجود حراس وحواجز تفصل بينهم وبين نتنياهو وعائلته».
ورفض «الشاباك» أن يفصح عما إذا وردت تحذيرات استخبارية، حول نية أو محاولة لاستهداف نتنياهو أو أفراد عائلته. وأثارت خطوة «الشاباك»، انتقادات وتهكما في أوساط المتظاهرين، وقال ناطق بلسان حركة «الأعلام السود»، وهي واحدة من القوى التي تنظم المظاهرات، إن «من يحتاج إلى حراسة هم المتظاهرون، الذين يتعرضون لاعتداءات دامية من أنصار نتنياهو، وفقط قبل يومين تعرض أحدهم لطعن في رقبته من أحد المتطرفين في اليمين». وأضاف: «قبل أسبوعين أبلغونا بأنهم قاموا بتعزيز الحراسة على نتنياهو. فكم يمكن زيادة هذه الحراسة بعد؟».
وخرجت صحيفة «هآرتس»، أمس الاثنين، بمقال افتتاحي حذرت فيه من تكرار اغتيال متظاهرين بأيدي اليمين، كما حصل في سنة 1983، عندما قتل رجل السلام إميل غرينتسفايغ، في أول مظاهرة لحركة «سلام الآن». وجاء في المقال: «لقد روى متظاهرون في أرجاء البلاد بأنهم تعرضوا للاعتداء يوم السبت، برشهم بغاز الفلفل، وإلقاء قناني الزجاج عليهم، وبالاعتداءات الجسدية المختلفة. وفي ليل أول من أمس، أوقفت الشرطة ثلاثة مشبوهين. أحدهم، من سكان الجنوب في العشرينات من عمره، مشبوه بالضلوع بطعن متظاهر في مفترق شارع هنيغف. وفي رمان غان، اعتقلت الشرطة أحد سكان المدينة، بشبهة رش غاز الفلفل نحو متظاهرين في مفترق ألوف سديه، وقد اعترف بالفعلة وأشار إلى أنه فعل ذلك لغضبه من «قيامهم بالمساس برموز الدولة». وفي القدس، اعتقل شخص وأوقف خمسة كانوا معه، للاشتباه بضلوعهم في الاعتداء على متظاهر. وقالت الصحيفة، إنه لا ينبغي سلخ هذه الأفعال عن التحريض المنهجي والمتواصل من جانب رئيس الوزراء ومحيطه. وبدلا من الانشغال بتهديدات وهمية عن «اغتيال رابين» التالي، على يد يساري، «من الأفضل للوزير أوحانا، أن يوجه تعليماته لمكافحة التهديدات الحقيقية، منعاً لـ(قتل غرينتسفايغ) التالي، من قبل نشيط يميني». وكانت القناة الرسمية للتلفزيون الإسرائيلي «كان»، قد كشفت شريط تسجيل يظهر الوزير أوحانا يوبخ قيادة الشرطة والمخابرات على «السماح بالمظاهرات المزعجة» أمام مقر رئيس الوزراء، متسائلاً عن سبب «التساهل» مع المتظاهرين: ويتضح من الشريط أن القائد العام للشرطة في القدس، والميجر جنرال دورون يديد، رد، بأن عناصره سجلوا مخالفات لأكثر من 160 متظاهراً بتهمة مخالفة تعليمات كورونا.
وتسبب نشر هذا الفيديو، بانتقادات شديدة من حزب المعارضة «يش عتيد تيلم»، وقال النائب موشيه يعالون، إنه «عندما يمارس وزير الأمن الداخلي الضغوط على قائد شرطة لانتهاك القانون وأحكام المحكمة العليا فيما يتعلق بحرية التظاهر، فهذا يعني أن الدولة انحرفت عن مسارها الصحيح». وطالب رئيس المعارضة، يائير لبيد، بإقالة أوحانا من الحكومة. لكن النائب عن حزب الليكود، آفي ديختر، دافع عن أوحانا قائلاً: «يجب على الشرطة استخدام سياسة الردع ووقف المظاهرات، قبل أن تخرج عن السيطرة وتتسبب في وقوع إصابات بالأرواح».



«الحُمّيات» تفتك باليمنيين... والفقر يقلل من فرص النجاة

الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
TT

«الحُمّيات» تفتك باليمنيين... والفقر يقلل من فرص النجاة

الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)

اتسعت رقعة انتشار أمراض الحُمّيات، خصوصاً الملاريا وحمى الضنك، في مختلف المحافظات اليمنية، وتعدّ المناطق الساحلية والسهلية الأشد تضرراً خلال فصل الشتاء، فيما يتسبب الفقر وضعف القطاع الصحي في معاناة السكان وعدم قدرتهم على مواجهة الأوبئة، في ظل انحسار كبير للمساعدات الدولية.

ورغم أن البلاد تشهد حالياً طقساً بارداً يُفترض أن يقلل من مسببات هذه الأوبئة؛ فإن عوامل الرطوبة واستمرار هطول الأمطار في المحافظات السهلية والساحلية ساهمت في تكاثر البعوض الناقل لها بالتزامن مع ضعف وسائل مكافحته ومنع انتشاره.

واضطرت السلطات الطبية في محافظة مأرب (173 كيلومتراً شرق صنعاء)، إلى إعادة فتح مراكز الحجر الطبي بسبب الانتشار الواسع لعدد من الأوبئة؛ منها الملاريا وحمى الضنك والحصبة والكوليرا والدفتيريا. وكشفت «وحدة التَّرَصُّد الوبائي» في المحافظة عن تسجيل 892 إصابة بحمى الضنك و150 بالدفتيريا خلال العام الماضي، ولم تحدد أعداد الإصابات المسجلة بالملاريا.

وبينما انسحبت غالبية المنظمات الدولية والأممية التي كانت تعمل على تقديم الرعاية الطبية في مخيمات النزوح، فقد ساهمت «المنظمة الدولية للهجرة» في دعم مكتب الصحة العامة والسكان لتوزيع 53 ألف ناموسية مُشَبَّعَة بالمبيد على أكثر من 107 آلاف شخص في عدد من المديريات.

«الصحة العالمية» سجلت أكثر من مليون اشتباه إصابة بالملاريا وما يتجاوز 13 ألفاً بحمى الضنك العام الماضي (الأمم المتحدة)

ورغم انخفاض أعداد الإصابات بالملاريا المسجلة في محافظة تعز (جنوبي غرب) بنحو 50 في المائة خلال العام الماضي مقارنة بالأعوام السابقة، فإن انتشار الوباء لا يزال يوصف بالكارثي في المحافظة الأكثر سكاناً بالبلاد.

وأفاد تيسير السامعي، مدير الإعلام الصحي في محافظة تعز، «الشرق الأوسط» بتسجيل إصابة 4338 حالة بالملاريا في المنشآت الطبية منذ بداية العام الماضي وحتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع عدم تسجيل أي حالة وفاة.

وتعدُّ مديرية موزع، وهي مديرية قريبة من الساحل الغربي للبلاد، الأعلى من حيث أعداد الإصابات بالملاريا؛ إذ سجل القطاع الطبي 1157 حالة، تليها مديرية المخا المجاورة والساحلية بـ867 حالة، ثم مديرية مقبنة بـ689 حالة، وفقاً للإحصائية التي أوردها السامعي.

تدهور القطاع الصحي اليمني ساهم في انتشار الأوبئة وقلل من فرص مكافحتها (الأمم المتحدة)

وبين السامعي أن «قدرات القطاع الصحي في تعز شحيحة جداً، ولا تكفي لمواجهة الانتشار الكبير للأوبئة وأمراض الحُمِّيات، في حين لا يتوفر دعم كافٍ من الجهات الدولية المانحة، وتفتقر المراكز الصحية للأدوات والوسائل العلاجية والوقائية من الملاريا، ولا تتوفر لدى (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا) الإمكانات اللازمة للقيام بمهامه على أكمل وجه».

وأبدى حسرته لحدوث «كثير من الوفيات بسبب الملاريا، التي يصعب الحصول على بياناتها من قبل القطاع الصحي، ودون أن تتمكن العائلات من إنقاذ أرواح ذويها الذين تفاقمت إصاباتهم بالوباء بسبب الفقر وعدم القدرة على الحصول على الرعاية الطبية الكافية».

استيطان شبوة

منذ بداية العام الماضي، أبلغ اليمن عن أكثر من مليون و50 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالملاريا، و13 ألفاً و739 حالة يشتبه في إصابتها بحمى الضنك، كما أوردت منظمة الصحة العالمية في بيان لها منذ أكثر من شهر.

واستوطنت حمى الضنك في محافظة شبوة (جنوب) منذ عام 2002 وفقاً لحديث علي الذيب، مدير مكتب الصحة، الذي أكد أنه لا يمر عام دون أن تسجل هناك حالات تقدر بالآلاف أحياناً، وبلغ العدد المسجل في العام الماضي 1806 حالات على مستوى جميع المديريات، بينما كانت هناك 463 حالة يشتبه في أنها ملاريا.

تعاون أممي ورسمي في حملات رش لليَرَقات لحماية 4 ملايين يمني من الأمراض المنقولة بالبعوض (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

وأوضح الذيب لـ«الشرق الأوسط» أن أهم الصعوبات التي تواجه أنشطة القطاع الصحي في المحافظة لمواجهة الحميات «نقص الوعي الصحي في أوساط المجتمع بكيفية الحد من انتشار البعوض الناقل للأمراض، وزيادة الأعباء الاقتصادية على السكان نتيجة الحرب التى تمر بها البلاد، وهو ما نتجت عنه زيادة في استهلاك المياه غير النظيفة وتصريفها بشكل غير صحي».

وإضافة إلى تلك الصعوبات، فهناك «ضعف الميزانية المخصصة لمكافحة الأوبئة، والهجرة غير الشرعية من القرن الأفريقي التي ساهمت في نقل العدوى واستنزاف المخزون الدوائي»، طبقاً للمسؤول الصحي اليمني.

ويبذل القطاع الصحي في محافظة شبوة جهوداً كبيرة رغم شح الإمكانات؛ إذ «يسعى إلى إيجاد آليةِ ترصّد وبائي فعالة في جميع المواقع. وافتُتحت مراكز للحميات في المحافظة لاستقبال الحالات الحرجة، مع تأهيل كادر طبي للتعامل مع حالات حمى الضنك، وتدريب العاملين في جميع المرافق الصحية، وتوفير الأدوية والفحوصات السريعة للحميات».

هشاشة صحية في لحج

وفي اليمن مناطق ذات معدلات انتقال عالية للملاريا، كما ورد في تقرير من «منظمة الصحة العالمية»، التي قدرت أن 21 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بهذا الوباء الذي يشكل، مع حمى الضنك، مشكلة صحة عامة رئيسية.

توزيع الناموسيات المشبعة بالمبيد في عدد من المحافظات اليمنية الموبوءة (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

ورغم انخفاض الكثافة السكانية في محافظة لحج (جنوب) وتباعد التجمعات السكانية، فإنها تشهد انتشاراً واسعاً لأمراض الحميات التي تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل نقص شديد بالخدمات الطبية.

وذكرت مصادر طبية بمحافظة لحج لـ«الشرق الأوسط» أن فصل الشتاء الحالي شهد انتشاراً واسعاً للملاريا وحمى الضنك وأمراض أخرى؛ نتيجة هطول الأمطار التي تسببت في نشوء المستنقعات التي تعدّ بيئة تكاثر للبعوض، في عدد من المديريات، مشيرة إلى أن تشابه أعراض الحميات وضعف القطاع الصحي يقللان من إمكانية الحصول على إحصاءات وبيانات بشأن هذه الأوبئة.

وبينت المصادر أن المراكز الصحية والمستوصفات في مديريات الحوطة وتُبَن والمضاربة ورأس العارة والمقاطرة والقبيطة، تستقبل يومياً حالات كثيرة من الحميات متشابهة الأعراض، بالتزامن مع انتشار واسع للبعوض هناك، في حين لا تسجَّل الوفيات الناجمة عن هذه الحميات ضمن بيانات القطاع الصحي؛ إلا بعض الحالات التي تستقبلها المنشآت الطبية.

فعالية رسمية بمحافظة شبوة ضمن برنامج حكومي للوقاية من الملاريا (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

القصور في جمع البيانات والمعلومات بشأن أعداد الإصابات والوفيات أرجعته المصادر إلى «ضعف القطاع الصحي، وعدم إمكانية الحصول على تشخيص حقيقي للحالات، بالإضافة إلى أن كثيراً من المصابين يعالجون في المنازل إما باستشارة هاتفية مع الأطباء، وإما بوصفات شعبية تعتمد على الأعشاب والمشروبات الساخنة».

ويطالب الأهالي السلطات المحلية بسرعة اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة انتشار البعوض، عبر أعمال الرش الضبابي في مناطق تجمعاته، وردم المستنقعات، وتغطية خزانات المياه، وإيجاد حلول لتصريف مياه الحمامات، والتخلص من النفايات بعيداً عن المساكن، إلى جانب نشر التوعية بكيفية مواجهة الحميات والوقاية منها.

ويعمل «البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا»، رغم محدودية الموارد والإمكانات، على حملات موسعة في المحافظات الموبوءة لتوزيع الناموسيات المُشَبَّعة بمبيدات البعوض الناقل للأمراض، وتنفيذ أنشطة توعوية للسكان والفرق الصحية.