إحاطة أممية لغريفيث اليوم بعد 4 أشهر من التعثر

الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين بنهب حساب «مركزي» الحديدة

غريفيث وإلى جواره نائبه معين شريم (الموقع الإلكتروني لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن)
غريفيث وإلى جواره نائبه معين شريم (الموقع الإلكتروني لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن)
TT

إحاطة أممية لغريفيث اليوم بعد 4 أشهر من التعثر

غريفيث وإلى جواره نائبه معين شريم (الموقع الإلكتروني لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن)
غريفيث وإلى جواره نائبه معين شريم (الموقع الإلكتروني لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن)

يستمع مجلس الأمن اليوم مجددا إلى إحاطة أخرى من المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي سيحيط المجلس بما توصل إليه طيلة أربعة أشهر متعثرة من المساعي لتحقيق دعوة الأمين العام إلى الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف النار.
الحكومة اليمنية تدعم المبعوث لكنها تكرر بأن التعديلات التي أدخلها مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث على خطته لوقف إطلاق النار «منحازة للحوثيين»، أما الحوثيون فتحدوا المنظمة الدولية واستولوا على دفعة جديدة من مليارات الريالات اليمنية من حساب الرواتب في فرع البنك المركزي في الحديدة.
ووفق مصادر سياسية يمنية تحدثت معها «الشرق الأوسط» فإن الحوثيين يرفضون مناقشة خطة المبعوث الأممي المعروفة باسم إعلان وقف شامل لإطلاق النار والإجراءات الإنسانية والاقتصادية، ووضعوا شرط الإفراج عن سفن المشتقات النفطية التي يمتلكها تجار وقادة الميليشيات والموقوفة بسبب استيلائها على الأموال المودعة في حساب الرواتب ويتم تحصيلها من رسوم المشتقات النفطية الواصلة إلى موانئ الحديدة استنادا إلى اتفاقات استوكهولم.
هذه التطورات تأتي وسط قراءات مصادر سياسية يمنية تعتقد بأن مساعي المبعوث الأممي وصلت إلى طريق مسدود وأرجعت ذلك إلى أنها احتوت على قضايا تخص الحل النهائي وهي نقاط «يفترض أن يتم مناقشتها والاتفاق عليها خلال مفاوضات سياسية لا يمكن عقدها قبل الاتفاق على وقف إطلاق النار» وفق المصادر التي أضافت أن «ميليشيات الحوثي أرادت توظيف الإعلان لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية قبل الانتقال إلى محادثات الحل النهائي التي اقترح المشروع انطلاقها عقب الاتفاق على وقف إطلاق شامل للقتال وتثبيته وتنفيذ الإجراءات الإنسانية والاقتصادية المقترحة».
وفيما يتعلق بمسألة الأموال المنهوبة، وبعدما قطع الحوثيون الرواتب على موظفي الدولة لما يربو على 3 أعوام، قالت مصادر اقتصادية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى الذي يحكم مناطق سيطرة الميليشيات بدأ الاثنين بصرف نصف راتب لموظفي الدولة في مناطق الحوثيين بعد استبعاد عشرات الآلاف من الموظفين الفارين من الاعتقالات بحجة الغياب عن العمل، واستولت الميليشيات على ثمانية مليارات ريال يمني (نحو 11 مليون دولار) من حساب الرواتب الذي افتتح في فرع البنك المركزي في الحديدة، بهدف توريد عائدات موانئ الحديدة إلى هذا الحساب ومن ثم وضع آلية متفق عليها مع الشرعية لصرف رواتب موظفي الدولة المقطوعة رواتبهم منذ نهاية عام 2016.
وهذه الخطوة أتت بعد انتقادات نادرة وعلنية وجهها المبعوث الأممي لخطوة مماثلة أقدمت عليها الميليشيات خلال شهر مايو (أيار) الماضي وقامت بالاستيلاء على 35 مليار ريال يمني، بحجة صرف نصف راتب للموظفين عن شهر يناير (كانون الثاني) للعام 2017، لكن الميليشيات ردت بغضب على انتقادات المبعوث الدولي، وسعت لتحميله مسؤولية فشل مساعي إحلال السلام، واتبعت ذلك بحملة تظليل إعلامية للتغطية على الخطوة التي تتعارض مع اتفاق استوكهولم بشأن وقف إطلاق النار في موانئ ومدينة الحديدة، وقالت إن الأمم المتحدة ترفض أن تصرف الميليشيا نصف راتب للموظفين للتغطية على تنصلها من أحد بنود اتفاق استوكهولم. واستمرار توظيف كل عائدات الدولة في تلك المناطق لصالح ما تسميه بالمجهود الحربي.
وعلّق وزير الإعلام اليمني على «ما تروج له ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران عن ضغوط دولية لمنعها من صرف نصف راتب كل نصف عام»، ووصف ذلك بأنه «وقاحة واستخفاف بعقول اليمنيين ودعاية رخيصة هدفها تضليل الرأي العام والتغطية على نهبها المتواصل لمرتبات الموظفين والإيرادات العامة وعرقلتها جهود الحكومة والأمم المتحدة لصرف الراتب بانتظام».
وقال الإرياني في تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «دأبت ميليشيا الحوثي منذ تمردها وانقلابها على الدولة على نهب مرتبات الموظفين في القطاع الحكومي والإيرادات العامة للدولة في مناطق سيطرتها، ومغالطة الرأي العام بإلقاء اللائمة في توقف المرتبات على الحكومة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ثم تحاول تصوير صرفها نصف راتب كل ستة أشهر إنجاز»، وأضاف أنه مؤخراً أجهضت ميليشيا الحوثي ترتيبات الحكومة برعاية أممية لصرف مرتبات الموظفين وفق كشوفات 2014 «بانتظام» بعد نهبها ٤٠ مليار ريال (يمني) تم جمعها في الحساب الخاص بالمرتبات بفرع البنك المركزي بمدينة الحديدة من عائدات رسوم استيراد المشتقات النفطية، ودون التنسيق أو إخطار المبعوث الدولي.
واتهم الوزير اليمني الميليشيات بأنها مستمرة «في نهب المليارات بذريعة صرف نصف راتب كل ٦ أشهر للموظفين في مناطق سيطرتها، فيما بالإمكان صرف راتب كامل بشكل منتظم لكافة موظفي الدولة وفق كشوفات 2014 لو تم إعادة الأموال المنهوبة من الحساب الخاص بالمرتبات والتزمت بتوريد إيرادات ميناء الحديدة».


مقالات ذات صلة

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.