أمن المواطن على رأس اهتمامات الحكومة الفرنسية الجديدة

باريس تستبدل سَوق «مستهلكي» المخدرات أمام القضاء بدفع غرامات مرتفعة

رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس يزور محطة للقطارات في الضاحية الجنوبية الشرقية لباريس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس يزور محطة للقطارات في الضاحية الجنوبية الشرقية لباريس (أ.ف.ب)
TT

أمن المواطن على رأس اهتمامات الحكومة الفرنسية الجديدة

رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس يزور محطة للقطارات في الضاحية الجنوبية الشرقية لباريس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس يزور محطة للقطارات في الضاحية الجنوبية الشرقية لباريس (أ.ف.ب)

يعي رئيس الجمهورية ومعه رئيس الحكومة والوزراء أن معركة الإنتخابات الرئاسية المقررة ربيع العام 2022 ستتركز، في أحد محاورها الاساسية، على موضوع أمن المواطن وأن اليمين، بوجهيه المتطرف والكلاسيكي، سيستخدمه للتصويب على «ضعف» الأداء الحكومي وعلى «التراخي» في محاربة العنف والإجرام وتجارة المخدرات والفوضى والشغب وتراجع سلطة القانون وتراخي يد العدالة... وبالنظر لهذه التحديات، فإن جان كاستيكس، رئيس الحكومة الجديد ووزير داخليته جيرالد دارمانان ووزير العدل إريك دوبون موريتي مكلفون بمهمة بالغة الأهمية، وقد جعلها الأول على راس مهمات حكومته للستمائة يوم المتبقية من ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون.
خلال الزيارة التي قام بها نهاية الأسبوع الى مدينة نيس المتوسطية بمعية دارمانان ودوبون موريتي، انتقد كاستيكس «الإهمال» الذي عانى منه القضاء وميوعة الأحكام التي تصدر عنه، ومنها ما لا يطبَّق. وإذ اعتبر ان توفير الأمن سيكون إحدى أولويات حكومته، نبه إلى أن زمن «التساهل انقضى». وبحسب ما أكده، فإن «القوانين الوحيدة التي يمكن القبول بها هي قوانين الجمهورية ودولة القانون»، مشيرا الى «الممارسات» الحاصلة في بعض المناطق والأحياء التي تدوس القانون العام وتضرب قيم الجمهورية بعرض الحائط.
وما تريد الحكومة القضاء عليه هو «العنف اليومي». وفي هذا الخصوص، أعلن وزير الداخلية مؤخرا، في حديث لصحيفة «لو فيغارو» أن «هناك أزمة يمكن تسميتها أزمة السلطة إذ يتعني علينا أن نضع حدا لتوحش جزء من المجتمع ويتعين إعادة تأكيد هيبة الدولة وبعد اليوم لن نتسامح مع أي شيء أبداً».
وفي الأسابيع الأخيرة حصلت معارك شوارع في مدنية ديجون (جنوب شرق فرنسا)، ووقعت عمليات قتل في مدينتي مرسيليا ونيس، وقتل سائق حافلة في مدينة بايون (جنوب غرب)، واشتباكات بين مشاغبين ورجال الأمن في أكثر من مكان، إضافة الى عملية تصفية حسابات بين عصابات المخدرات للسيطرة على أحياء....
إلا أن التصريحات الحكومية لا يبدو أنها تقنع المعارضين. فقد قال رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه إنه «يتعين على الدولة ان تتحمل مسؤولياتها السيادية» وعلى رأسها أمن المواطن. أما زعيمة اليمين المتطرف والمرشحة السابقة لرئاسة الجمهورية مارين لو بن فقد ذكّرت الحكومة بأن الفرنسيين «لم تعد تكفيهم الكلمات» وبأنه «حان زمن الفعل والتحرك».
تريد الحكومة العمل على أكثر من صعيد. فهي من جهة، تعمل على صَوغ مشروع قانون لمحاربة ما يسميه ماكرون «الإنفصالية الإسلاموية»، أي الإنطوائية والإنغلاق والترويج لقيم وممارسات لا تتوافق مع قيم الجمهورية. ويفترض أن يقدم مشروع القانون بعد العطلة الصيفية. وبالتوازي، تعتزم الحكومة تشديد قبضتها على الأحياء والمناطق التي تعتبرها «خارجة عن الجمهورية» حيث العنف اليومي يطيح بأمن المواطن في حياته اليومية. وفي هذا السياق، تخطط الحكومة لزيادة عديد أفراد الشرطة من جهة، ومن جهة ثانية لإعطاء الشرطة المحلية مزيدا من السلطات باعتبارها الأكثر إدراكا لما هو حاصل في الشوارع والأحياء بسبب صلتها اليومية بالمواطنين.
أما بالنسبة للمخدرات، فإن الجديد تمكين الشرطة من فرض غرامة قيمتها 200 يورو على كل مستهلك للمخدرات يضبط وفي حوزته أقل من 10 غرامات من الكوكايين أو أقل من 100 غرام من حشيشة الكيف. ويمكن أن تصل الغرامة الى 450 يورو في حال التخلف عن الدفع. والغرض من ذلك ردع المستهلكين والتخفيف من الأعباء التي يتحملها القضاء والمحاكم التي تعاني من تراكم الملفات والتركيز على شبكات التهريب. ويجري تجربة هذه الطريقة في عدد من المدن المتوسطة الحجم. وأكد كاستيكس أنه سوف يتم تعميمها الخريف المقبل.
هل ستعيد التدابير الحكومية الأمن الى الشوارع وترعب المخلين والمشاغبين بحيث تكون الكلمة الأخيرة، وفق الوزير دارمانان، «للقانون ولا لشيء غيره»؟ السؤال مطروح وقد طرح العديد من المرات في الماضي. والثابت، بحسب ما بينته التجارب، أن «الرد الأمني» وحده لن يكون كافيا مهما كانت شديدة قبضة الشرطة والعدالة وأن المطلوب رد شامل يتضمن المعالجة التربوية والإقتصادية والإجتماعية. وباختصار، يتعين الإهتمام بالبيئة التي تنتج العنف وليس الإكتفاء بالمعالجات المجتزأة والقاصرة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».