مخاوف من فلتان أمني في الضفة بعد مقتل مسؤول «فتحاوي»

غضب شعبي وانتقادات الاستخدام المفرط للقوة من «السلطة»

عناصر الأمن الفلسطيني في حي بلاطة البلد بنابلس بعد مواجهات ليلة الأحد (أ.ف.ب)
عناصر الأمن الفلسطيني في حي بلاطة البلد بنابلس بعد مواجهات ليلة الأحد (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من فلتان أمني في الضفة بعد مقتل مسؤول «فتحاوي»

عناصر الأمن الفلسطيني في حي بلاطة البلد بنابلس بعد مواجهات ليلة الأحد (أ.ف.ب)
عناصر الأمن الفلسطيني في حي بلاطة البلد بنابلس بعد مواجهات ليلة الأحد (أ.ف.ب)

أثار مقتل أمين سر حركة «فتح»، في حي بلاطة البلد في مدينة نابلس بالضفة الغربية على يد قوات الأمن الفلسطيني، القلق من حالة فلتان أمني وفوضى بعد مواجهات اندلعت بين شبان غاضبين وتلك القوات، سمع خلالها إطلاق نار كثيف احتجاجاً على الحادثة.
ووقعت الحادثة عندما حاولت الأجهزة الأمنية إغلاق محلات في منطقة بلاطة البلد، واعتقال أصحابها، لعدم الالتزام بإجراءات الإغلاق بسبب وباء «كورونا»، فدب شجار سرعان ما تطور إلى مواجهات وإطلاق رصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع. وقال شهود عيان إن الأجهزة الأمنية أرادت اعتقال صاحب محل، لكن عماد دويكات اعترض على ذلك بسبب أنه هو من سمح لأصحاب المحلات بصفته أمين سر التنظيم في الحي، بفتح محالهم لمدة ساعتين، لتمكن المواطنين من التبضع قبل الإغلاق مجدداً.
وتسعى السلطة إلى فرض هيبتها في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، مع تصاعد الاحتجاجات ضد سياساتها، وظهور بوادر تمرد على القرارات. ووقعت مشادات كبيرة قبل أن يتطور الأمر، ويقوم أحد رجال الأمن بإطلاق النار تجاه المحتجين، ما أدى إلى مقتل دويكات وإصابة شاب آخر بقدمه. ويمثل دويكات تنظيم حركة «فتح»، الذي يشكل قوة لا يستهان بها في الشارع، لكن التنظيم محكوم من الرئيس الفلسطيني الذي يرأس السلطة كذلك.
وسرعان ما تحولت الحادثة إلى مناسبة للاحتجاج من قبل غاضبين داخل فتح، وتخلل ذلك إطلاق نار كثيف في الهواء، كرسالة للسلطة التي حشدت مزيداً من القوات حول المنطقة. ورشق محتجون الأجهزة الأمنية بالحجارة، وقاموا بإغلاق الطرق في مشهد متوتر أعاد للأذهان مواجهات شبيهة في مخيم الدهيشة في بيت لحم بين مواطنين غاضبين وقوات الأمن التي استخدمت الرصاص. وشهدت الضفة الغربية مناوشات بين محتجين على سياسة السلطة، وقوات الأمن، ومظاهرات منددة بالسياسات الاقتصادية المتبعة ضمن خطة الطوارئ المتعلقة بوباء «كورونا».
وجاءت أحداث نابلس في وقت تتهم فيه السلطة بقمع الحريات واعتقال ناشطين ومطاردة آخرين. ورفضت فصائل ومراكز حقوقية استخدام السلطة للقوة المفرطة. وطالبت «الجبهة الشعبية»، وهي فصيل رئيسي في منظمة التحرير، إلى سرعة تطويق الأحداث المؤسفة التي شهدتها منطقة بلاطة البلد، وتقديم كل المتورطين في هذه الجريمة إلى المحاكمة العاجلة وفقاً للقانون. وطالبت الجبهة، السلطة، بضرورة اتخاذ قرارات ميدانية حاسمة «بلجم السلاح المنفلت للأجهزة الأمنية، واحترام القانون وكرامة وحقوق شعبنا، والبحث عن إجراءات أكثر جدوى في التعامل مع أزمة (كورونا)». وقالت «إن الإجراءات الحالية يدفع ثمنها المواطنون والفقراء، ويجني ثمارها الأغنياء والمؤسسات القابضة».
كما دان مركز حماية لحقوق الإنسان استخدام القوة المفرطة من قبل السلطة، الذي يشكل مخالفة لمدونة الأمم المتحدة الخاصة بقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون لعام 1979، التي تنص في المادة الثالثة منها على أنه: «لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوى، وفي الحدود اللازمة لأداء واجبهم». وطالب المركز بتحقيق فوري ومستقل وجاد في حادثة مقتل المواطن عماد دويكات، من أجل الوقوف على معطيات تدخل قوات الشرطة، وتجاوزاتها في الحادثة، ونشر نتائج التحقيق بشكل علني تحقيقاً للعدالة والردع.
وفوراً، أعلن محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان، تشكيل لجنة تحقيق بناء على تعليمات الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ونعى رمضان، الشاب دويكات، وطالب بضرورة تحلي الجميع بروح المسؤولية والوقوف عند المسؤوليات بالتحقيق الفوري بالأحداث بناء على تعليمات الرئيس، ورئيس الوزراء. وأهاب ممثل الرئيس في نابلس، بأهل بلاطة البلد «المعروفين دوماً بمواقفهم الوطنية المتقدمة، أن يكونوا على درجة عالية من المسؤولية درءاً للفتنة وحفاظاً على السلم الأهلي في المجتمع».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.