«نظام اتصال» من أنفاس الإنسان لرصد المصابين بالأوبئة المميتة

باحثون في جامعة سعودية يبتكرون نموذجاً نظرياً له

TT

«نظام اتصال» من أنفاس الإنسان لرصد المصابين بالأوبئة المميتة

تحمل أنفاس الإنسان الكثير من المعلومات عن صاحبها، خاصة إذا كان الشخص يعاني من حالة مرضية مثل أمراض الجهاز الهضمي والسكري وعدوى الحلق والصدر وغيرها من الأمراض. هذه الحقيقة تلقفها العلماء في مجال الاتصالات وكانت دافعا لكل من الدكتور أسامة أمين، والبروفسور محمد سليم العويني، والدكتور باسم شهادة، من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، للبحث في كيفية الاستفادة من هذه المعلومات، بالمشاركة مع مريم خالد، والدكتور ساجد أحمد، من جامعة تكنولوجيا المعلومات في باكستان.
وعند التحدث عن وسائل الاتصال الحديثة دعونا نعود إلى الوراء قليلا إلى أواخر القرن الثامن عشر حيث ابتكر العلماء العديد من وسائل التواصل البشري عن بعد، بداية من التلغراف والهاتف ثم وصولاً إلى الهاتف المحمول والإنترنت. وفي السنوات الأخيرة أثيرت ضجة حول الوسائط متعددة الأبعاد التي يعرفها البعض بكونها تعني استخدام منظومة متكاملة من وسائط الحاسوب التفاعلية مثل الرسوم الثابتة والمتحركة ثنائية وثلاثية الأبعاد، والتسجيلات الصوتية والموسيقية، والألوان، والصور الثابتة والمتحركة، ولقطات الفيديو، إلى جانب النص المكتوب بأشكاله المختلفة، بحيث يتم توظيف تكنولوجيا تلك الوسائط بطريقة تفاعلية إلى أقصى حد ممكن تحت تحكم الحاسوب. وقد دفع الطلب على هذا النوع من الوسائط إلى البحث عن وسائل تواصل جديدة، يمكنها استخدام حواس أخرى، مثل الشم واللمس والتذوق، فضلاً عن حاستي السمع والبصر المستخدمتين في الوسائل التقليدية.
وقد وجد العلماء بالفعل طرقاً لاستخلاص معلومات عن الجسم البشري من خلال النفس، منها جهاز قياس نسبة الكحول في الدم عن طريق التنفس، الذي تم اختراعه في خمسينيات القرن الماضي، وأخيرا استخدم الأطباء عينات هواء النَفَس، جُمعت من بعض المرضى، لاكتشاف ما إذا كانوا مصابين بفيروس ما، مثل فيروس الإنفلونزا، أو حتى لتشخيص أنواع من أمراض السرطان، مثل أورام الثدي والرئة.
وحتى الآن، تمكن العلماء من التعرف على حوالي ألف مركب عضوي ينفثها الإنسان السليم أثناء تنفسه، وتختلف تلك المركبات بحسب الصحة والعمر والنظام الغذائي والنوع، ونسبة الدهون في الجسم، بالإضافة إلى طول القامة وأسلوب الحياة.
وفي إطار تطلع الفريق المشترك من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، «كاوست»، وجامعة تكنولوجيا المعلومات الباكستانية، إلى مفهوم أكثر شمولاً، عمل الفريق على تصميم بنية لنظام اتصال يمكنه، من الناحية النظرية، اكتشاف شخص مصاب بفيروس ما، أو بوباء مميت، في منطقة مزدحمة، كالمطارات على سبيل المثال.
ويشرح أمين فكرة هذا النظام قائلاً: «تتمثل فكرتنا في إنشاء نظام اتصال باستخدام هواء الشهيق والزفير، حيث توجد المعلومات اللازمة في الجزيئات».
ومن شأن تصميم نظام اتصال قائم على التنفس أن يفتح الباب أمام جيل جديد من شبكات الجسم اللاسلكية. وهي ذاتها أنظمة الاتصال التي يستخدمها الأطباء؛ لمراقبة الصحة لا سلكياً، على سبيل المثال، باستخدام مستشعرات قابلة للارتداء أو الزرع في الجسم البشري، يمكنها إرسال المعلومات إلى أجهزة في أماكن بعيدة.
وجدير بالذكر أنه وبينما من غير المتوقع أن يحل نظام الاتصال التنفسي محل شبكات المراقبة اللاسلكية هذه، إلا أنه يقدم درجة أكبر من الحرية، تلائم تطبيقات الحياة العملية، مثل تلك المطلوبة لمراقبة المرضى المحتجزين في الحجر الصحي.
ويتعاون الفريق مع خبراء من مختلف التخصصات، لتحديد أفضل نماذج لقنوات الاتصال التي يمكن استخدامها مع هذا النهج، في ضوء مجموعة من التساؤلات، يطرحها أعضاء الفريق، منها: ما هي أنواع المعلومات التي يمكن تبادلها؟ وأي نوع من المركبات الجزيئية يمكن إضافته لهذا النظام بهدف التفاعل مع الجسم البشري؟ وما هي أنواع المستشعرات والمستقبلات المطلوبة لإرسال واستقبال المعلومات؟ وما هي شواغل الأمن والخصوصية التي يجب وضعها في الاعتبار؟
وأوضح أمين إن الفريق يستخدم أيضاً المعلومات التي يتم جمعها من هواء النَفَس، لتلقين خوارزميات التعليم الآلية كيفية مراقبة الصحة البشرية، وقياس الأنشطة الجسدية، وحتى مراقبة الحالة النفسية.، ويمكن استخدام هذه الخوارزميات مع المستشعرات في الهواتف الخلوية في المستقبل، ويضيف: «كما ندرب الأجهزة الخلوية على التعرف على البصمات والأصوات والوجوه، يمكن استخدام التنفس في التعرف على الأفراد، ومراقبة حالتهم الصحية العامة».



دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة
TT

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

إن مسألة ما إذا كان الانحباس الحراري العالمي يتسارع، هي مسألة مثيرة للجدال بشدة بين علماء المناخ، ففي حين زعم ​​البعض أن معدل الانحباس الحراري الحالي -الذي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وبالتالي يتماشى مع نماذج المناخ الحالية؛ يُحذر آخرون من أن الأرض أضحت أكثر حساسية لتأثيرات الوقود الأحفوري مما كان يُعتقد سابقاً، وأن البشرية تتجه نحو نقاط تَحوّل لا يمكن العودة منها.

وتيرة ارتفاع الحرارة أقل داخل مومباي والقاهرة

في دراسة حديثة، زادت مجموعة من الباحثين من جامعة ملبورن تعقيد هذا النقاش من خلال تحليل معدلات الانحباس الحراري في جميع أنحاء العالم والأسباب المحتملة للاختلافات الإقليمية.

النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها: تزداد حرارة الكرة الأرضية بمعدل أسرع، لكن هذا التسارع يحدث بشكل غير متساوٍ. ولكن من المثير للدهشة أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مع التركيزات الكبيرة من الفقر -المدن الكبرى مثل القاهرة ومومباي-ـ ترتفع درجة حرارتها ببطء أكثر من المراكز الحضرية في أوروبا وأميركا الشمالية.

دقائق الهباء الجوي تعكس أشعة الشمس

لماذا؟ وجد الباحثون أن الكمية الكبيرة من دقائق الهباء الجوي في الهواء في المدن شديدة التلوث تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، وعلى الأقل في الأمد القريب، يمكن أن يكون لها تأثير تبريدي صافٍ على السكان.

وأشادت إديث دي جوزمان، المتخصصة في سياسة التكيف في مركز لوسكين للابتكار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، بالباحثين، على عملهم.

وأكد مؤلفو الورقة البحثية أن النتيجة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها علامة جيدة. فمن ناحية، من المرجح أن تكون مؤقتة فقط. وثانياً، تأتي الحماية، كما هي، فقط من الملوثات الضارة. ووافقت دي جوزمان على هذا الاستنتاج، قائلةً إن الاحترار المتسارع يعني أن «السكان الذين هم بالفعل عُرضة بشكل صارخ لمجموعة متنوعة من الظلم البيئي والمناخي سوف يكونون أكثر عرضة للخطر».

التخلص من التلوث الجوي يزيد الحرارة

ومع تطور البلدان اقتصادياً، تميل حكوماتها إلى تبني سياسات لتنقية البيئة من التلوث، ولكن مع صفاء الهواء، سوف تتعرض الفئات السكانية الضعيفة لخطر التعرض للحرارة الشديدة. وقد قدم كريستوفر شوالم، مدير برنامج المخاطر في مركز «وودويل لأبحاث المناخ»، مثال الصين، حيث بدأت الحكومة في تجهيز محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بتقنيات الحد من الانبعاثات مثل أجهزة التنظيف، لمنع السخام من التسرب من المنشأة. وقال إن مثل هذه التدابير جيدة لجودة الهواء، لكنها ستسمح بتسرب مزيد من الحرارة من الشمس.

الفقر يزيد تأثيرات ارتفاع الحرارة

وسوف يكون الأكثر تضرراً هم أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى مكيفات الهواء والمناطق المظللة. وأضاف شوالم: «كلما كنت أكثر فقراً، ارتفعت درجة الحرارة، حيث تكون الحرارة استعارة لجميع أشكال اضطراب المناخ».

وأوضح شوالم أن المجتمع العلمي لديه نحو ثلاثين نموذجاً مناخياً متطوراً للغاية يُنظر إليه بشكل جماعي على أنه «لجنة من الخبراء» حول مسار الانحباس الحراري العالمي. يعتقد أن دراسة الاحترار المتسارع مفيدة لأنها يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط لتدابير التكيف مع المناخ وفهم مدى واقعية أهداف سياسة المناخ الحالية -أو عدمها.

تغيرات مناخية مؤثرة

في العام الماضي، لم يحقق العالم أهداف الانبعاثات من اتفاقية باريس لعام 2015، وهو في طريقه لفعل نفس الشيء هذا العام. أصبح العلماء أكثر صراحةً بشأن ما تسمى وفاة التزام اتفاقية باريس بالحفاظ على العالم دون زيادة في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، في محاولات لإجبار صناع السياسات على التعامل مع حتمية موجات الحر المتفاقمة والأحداث الجوية المتطرفة القادمة.

يقدم مؤلفو ورقة ملبورن رؤى مطلوبة بشدة حول شكل المستقبل وكيف يجب على الدول الاستعداد: «يجب أن تشجع نتائجهم «استراتيجيات التكيف مع المناخ المستهدفة» الموجهة إلى أفقر المجتمعات الحضرية في جميع أنحاء العالم.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».