البرلمان العراقي يقترب من حسم قانون الانتخابات

TT

البرلمان العراقي يقترب من حسم قانون الانتخابات

أجرى رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، سلسلة لقاءات خلال اليومين الماضيين مع رؤساء الكتل السياسية في البرلمان العراقي وزعامات الكتل من أجل حسم قانون الانتخابات وتحديد موعد مناسب لها خلال العام المقبل. ففي الوقت الذي تعهّد فيه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بإجراء انتخابات مبكرة تلبيةً لمطالب المتظاهرين الذين أجبروا حكومة سلفه عادل عبد المهدي على الاستقالة، فإن الشلل الذي أصاب المؤسسة البرلمانية بسبب جائحة «كورونا» وإصابة العشرات من النواب والموظفين بالجائحة ووفاة إحدى النائبات (غيداء كمبش) بسبب «كورونا»، أدى إلى عدم قدرة البرلمان على عقد جلسات منتظمة.
كان البرلمان العراقي قد وافق بالأغلبية على قانون جديد للانتخابات أواخر السنة الماضية (2019) كان يمثل مطلباً أساسياً للمحتجين لجعل الانتخابات أكثر نزاهة، لكنّ الخلافات استمرت بشأن ملاحق القانون خصوصاً عدم إكمال الجداول الخاصة بعدد الدوائر الانتخابية وطبيعتها وخريطتها الجغرافية والإحصاءات السكانية في كل مدينة، فضلاً عن عدم حسم حصة النساء، مما حال دون إرسال القانون إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه.
وللإسراع باستكمال القانون عقد رئيس البرلمان اجتماعاً مع رؤساء الكتل النيابية واللجنة القانونية، بحضور النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حسن الكعبي. وطبقاً لبيان من الدائرة الإعلامية للبرلمان، «تمت خلال الاجتماع مناقشة الدوائر الانتخابية والنسخة النهائية لقانون الانتخابات، الذي سبق أن صوّت عليه المجلس». كما ناقش المجتمعون «إكمال جدول الدوائر الانتخابية وتهيئة المستلزمات والظروف اللازمة لإجراء الانتخابات وضرورة قيام الحكومة بتقديم الدعم الكامل للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات من كل النواحي المالية واللوجيستية والأمنية لتمكينها من إجراء انتخابات حرة وعادلة ونزيهة».
وفي سياق الاتفاق على الصيغ النهائية للقانون وملاحقه اجتمع الحلبوسي مع وفد من الهيئة السياسية للتيار الصدري برئاسة نصار الربيعي، رئيس الهيئة، وتم خلال الاجتماع تأكيد أهمية الإسراع بإقرار النسخة النهائية من قانون الانتخابات، وتهيئة المستلزمات والظروف اللازمة لإجراء انتخابات حرة وعادلة ونزيهة. كما بحث الحلبوسي الأمر نفسه مع كتلة النهج الوطني برئاسة النائب عبد الحسين الموسوي.
ويقول مقرر اللجنة القانونية في البرلمان، يحيى المحمدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون الانتخابات تم التصويت عليه من البرلمان العراقي في المجمل لكن تم إرجاء مسألة الدوائر الانتخابية إلى وقت آخر حيث تم الاتفاق على ذلك في أثناء التصويت»، مبيناً أن «المادة 15 من القانون وبالذات الفقرة الخامسة منها تنص على أن المحافظة تقسَّم إلى دوائر متعددة». وبشأن الاجتماع الأخير الذي ترأسه الحلبوسي مع رؤساء الكتل البرلمانية، يقول المحمدي: «تم بحث كل ما يتعلق بالانتخابات سواء لجهة القانون أو مواعيد إجرائها في وقت مبكر وما هي الخطوات اللاحقة بعد تشريع القانون ومن بينها مسألة تعديل قانون المحكمة الاتحادية أو معالجة الخلل الخاص في ذلك أو تحديد الموعد النهائي الذي يجب أن يسبقه حل البرلمان، فضلاً عن مدى إمكانية الحكومة توفير أجواء ملائمة لإجراء الانتخابات بمن في ذلك مسألة حصر السلاح بيد الدولة ودور الأمم المتحدة في الإشراف على الانتخابات ومسألة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات». وأوضح المحمدي أن «التركيز خلال الاجتماع كان على مسألة الدوائر المتعددة حيث طرحت كل محافظة موقفها»، مؤكداً أنه «خلال الاجتماع المقبل سيتضح الموقف النهائي لكل محافظة من القانون والدوائر المتعددة لا سيما المحافظات المتداخلة قومياً وطائفياً، حيث تحتاج هذه المسألة إلى أن تُبحث بشكل دقيق». وأشار المحمدي إلى أنه «بعد عيد الأضحى سوف يواصل مجلس النواب جلساته مع رؤساء الكتل والجهات المعنية لإعداد المسودة الرئيسية لكي يتم التصويت عليها».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.