نائب إيراني يكشف عن «خرق أمني» وراء انفجار «نطنز»

بعد تقارير عن استهداف إسرائيلي لمنشأة تخصيب اليورانيوم

النائب جواد كريمي قدوسي يرفع يده مقاطعاً خطاب وزير الخارجية محمد جواد ظريف بداية الشهر الحالي (مهر)
النائب جواد كريمي قدوسي يرفع يده مقاطعاً خطاب وزير الخارجية محمد جواد ظريف بداية الشهر الحالي (مهر)
TT

نائب إيراني يكشف عن «خرق أمني» وراء انفجار «نطنز»

النائب جواد كريمي قدوسي يرفع يده مقاطعاً خطاب وزير الخارجية محمد جواد ظريف بداية الشهر الحالي (مهر)
النائب جواد كريمي قدوسي يرفع يده مقاطعاً خطاب وزير الخارجية محمد جواد ظريف بداية الشهر الحالي (مهر)

كشف عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، جواد كريمي قدوسي، عن «خرق أمني» وراء انفجار موقع لتطوير أجهزة الطرد المركزي في منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم وسط البلاد مطلع الشهر الحالي.
ونقل موقع البرلمان الإيراني «خانه ملت» عن النائب جواد كريمي قدوسي أن «إجماعنا النهائي هو حول فرضية الخرق في القضايا الأمنية»، نافياً في الوقت نفسه فرضية «إصابة شيء خارجي» المنشأة الحساسة.
وقال كريمي قدوسي: «لم نتوصل إلى إمكانية تحليق أو إصابة شيء غامض وخارج السيطرة» وأضاف: «في حال إصابة شيء من خارج المبنى، لكنّا شاهدنا قطعاً منه، لكن لم يتم العثور على أي شيء على الإطلاق»، نافياً في الوقت نفسه «احتمال زرع شيء في الأجهزة» من قبل أطراف غربية.
ولم يقدم كريمي قدوسي تفاصيل عن «الخرق» في فريق الحراسة والأمن بمنشأة «نطنز»، وقال: «من المؤسف أننا حددنا أكثر تضرر الداخلي»، وذلك في إشارة إلى زيارة تفقدية قام بها نواب إلى منشأة «نطنز» بعد الحادث. وهذه المرة الثانية التي يرتبط اسم كريمي قدوسي باسم منشأة «نطنز» بعد الحادث. وكان النائب في 7 يوليو (تموز) الحالي قد تحدث عن «عمل تخريبي» وراء الحادث، لكنه حينذاك اتهم مفتشي الوكالة الدولية بالوقوف وراءه، لافتاً إلى أن موقع الحادث شهد 6 جولات من حضور المفتشين الدوليين، منتقداً بقاء بلاده في «البروتوكول الإضافي».
وتعزز التفاصيل الجديدة تقريراً نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في 5 يوليو الحالي، نقلت فيه عن مسؤول في «الحرس الثوري» أن الحادثة جرت باستخدام مواد متفجرة، مشيراً إلى أن فريق التحقيق «لا يعرفون حتى الآن كيف ومتى تسللت المتفجرات، لكن الهجوم أظهر بوضوح وجود مشكلة كبيرة في أمن المنشأة».
وبموازاة المسؤول في «الحرس الثوري»، كان مسؤول استخباراتي شرق أوسطي قد صرح للصحيفة بأن إسرائيل هي المسؤولة عن الحادث، وأنها زرعت قنبلة قوية في مبنى يتم فيه تطوير أجهزة طرد مركزي متطورة.
وكان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد أعلن أن التحقيقات قد حددت بدقة سبب الحادث في منشأة «نطنز»، لكنه رفض الإعلان لاعتبارات أمنية.
ولم توجه إيران أي اتهام مباشر لإسرائيل، لكنها أعلنت تمسكها بحق «الرد المناسب» إذا ما أثبتت نتائج التحقيق أي دور خارجي في الهجوم. وبعد ساعات من تأكيد السلطات وقوع الحادث في منشأة «نطنز»؛ نسبت خدمة «بي بي سي» الفارسية الحادث إلى مجموعة إيرانية تطلق على نفسها اسم «فهود الوطن»، استناداً إلى رسائل تلقاها عدد من مراسليها قبل ساعات قليلة من الإعلان الرسمي.
وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، إن الحادث قد يؤدي إلى إبطاء تطوير وتوسيع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، معلناً أن بلاده ستعمل على إقامة مبنى آخر أكبر ومزود بمعدات أكثر تطوراً بدلاً من المبنى المتضرر فوق سطح الأرض في منشأة «نطنز».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، إن إجماع الخبراء على سبب الحادث في طور الاكتمال، مشيراً إلى التحقيق في كل الفرضيات المطروحة، ومنها القصف بطائرات مسيّرة أو هجمات إلكترونية. وقبل نحو أسبوع، رجح رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان الإيراني، أردشير مطهري، عبر حسابه على «تويتر»، فرضية استهداف منشأة «نطنز» بطائرة «درون». وقال في تغريدة على «تويتر» إن «الطرف المقابل منذ فترة ينفذ هجمات عبر طائرات (درون) مجهولة ولا يتقبل تحمل مسؤولية أعماله رسمياً لكي يحمي نفسه من ثأرنا القاسي».
وشهدت إيران، إلى جانب تفجير منشأة «نطنز»، تفجيرات وأحداثاً غامضة عدة بمنشآت عسكرية وصناعية خلال الشهرين الماضيين. وجاء حادث منشأة «نطنز» بعد أقل من أسبوع على تفجير هز منطقة عسكرية في شرق طهران. ورغم أن التقارير الرسمية الإيرانية تصر على وقوع انفجار جراء تسريب غاز في قاعدة «بارشين» الاستراتيجية، فإن صور الأقمار الصناعية أظهرت لاحقاً وقوع انفجار في مجمع «همت» للصناعات العسكرية بمنطقة خجير الجبيلة على بعد 24 كيلومتراً من قاعدة «بارشين».
وبموازاة تفجير منشأة «نطنز»، تدوولت معلومات عن وقوع انفجار في مركز اليورانيوم الطبيعي بمدينة ميبد بمحافظة يزد، لكن السلطات الإيرانية نفت صحة التقارير.
وفي 10 يوليو الحالي، رفضت السلطات الإيرانية تقارير عن وقوع تفجير في بلدة «قدس» أو منطقة غرمدره، غرب طهران، وذلك غداة تغريدات كتبها مغردون عن سماع دوي انفجار في تلك المنطقة.
ولكن صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها خدمة «بي بي سي» الفارسية، الأحد الماضي، أظهرت آثار حريق على هضاب تعادل 3 ملاعب كرة قدم، وقالت إنها في منطقة عسكرية.



بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.