«أصيلة» المغربية تراهن على الفن والأمل للتغلب على «كورونا»

مدينة مرسومة باليد قبل أكثر من أربعة عقود

أطفال أصيلة
أطفال أصيلة
TT

«أصيلة» المغربية تراهن على الفن والأمل للتغلب على «كورونا»

أطفال أصيلة
أطفال أصيلة

رغم الظروف الاستثنائية التي رافقت جائحة كورونا، حرصت مؤسسة منتدى أصيلة في المغرب على رسم طريق التخلص من الآثار النفسية للحجر الصحي، مستندة إلى الفن لزرع الأمل في نفوس سكان مدينة الفنون.
ولم تخلف المدينة العتيقة لأصيلة هذه السنة موعدها مع الجداريات، التي دأبت مؤسسة منتدى أصيلة، منذ عام 1978 على تنظيمها واستدعاء فنانين مغاربة وأجانب لإنجازها لتصبح مدينة مرسومة باليد بامتياز منذ أزيد من أربعة عقود.
لكن جداريات هذا العام كانت في جلها من إبداع فنانين زيلاشيين (نسبة إلى أصيلة) مخضرمين، وثلّة من اليافعين والأطفال المبدعين، غمسوا ريشاتهم في ألوان الأمل لتزيين طريق الخلاص من التبعات النفسية للجائحة.
ويلخّص مشهد في أحد أزقة المدينة العتيقة القصة، حيث تتراءى لزائرها مجموعة من الفتيان والفتيات وقد بدت على محياهم ابتسامات ملائكية وهم يرافقون مؤطرتهم وهي تواكبهم في خطواتهم الأولى في سفر فني متعدد الوجهات، في حين يحمل فنانون تشكيليون من المدينة نفسها في أيديهم ريشاتهم وأدوات صباغة وهم منغمسون برسم الجداريات والسباحة في ألوان الحياة.
في هذه المدينة ترعرعوا، وأمضوا طفولتهم بين أزقتها، وعاينوا أسلافهم الفنانين يرسمون هذه الجداريات الضخمة فساروا على نهجهم. لكل واحد من هؤلاء نمط يتبناه وفلسفة يتّبعها، غير أنهم أجمعوا على «تجديد حلّة مدينتهم» وبعث الأمل والسرور في هذه اللحظات العصيبة التي يعيشها العالم بسبب الجائحة.
في سياق ذلك، قال الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، محمد بن عيسى، في تصريح صحافي، إنه عقب اتخاذ قرار تأجيل الدورة الـ42 من موسم أصيلة الثقافي الدولي بسبب تداعيات جائحة «كوفيد – 19»، «ارتأينا تنظيم معرض فني بغية الخروج من أجواء الضيق والحزن التي تخيّم على حاضرة دأبت على الظهور في أبهى صورها، ولا سيما إبان فترة الصيف».
وأبرز بن عيسى أن فناني أصيلة اتفقوا على الإبقاء على فقرة الجداريات، وهي جزء من فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي، باعتبارها لا تتطلب تجمهر الناس، وكذا بالنظر إلى أنها كانت أول ما تبدأ به جميع الفعاليات الثقافية بالمدينة منذ سنة 1978. وأضاف أن «هذا لم يمنع مع ذلك من الترحيب بالزوار، ليس بعدد كبير كما كان معتاداً في السابق، الذي يأتون من مدن طنجة وتطوان والعرائش بالخصوص، ما خلق دينامية تجارية نوعاً ما».
وأشار بن عيسى إلى أن هذا النشاط يهدف إلى بعث طمأنينة وارتياح وأمل سكان مدينة أصيلة بعد حالة اتسمت بنوع من «الاكتئاب»، وذلك من خلال منح فرصة للجمهور للتأمل في جداريات جميلة رسمت بألوان زاهية.
من جانبه، أشار الفنان التشكيلي محمد العنزاوي، والمشرف على ورشة الجداريات والصباغة بمؤسسة منتدى أصيلة، إلى أن دورة هذا العام «استثنائية»؛ لأن الجائحة فرضت على العالم والمغرب بطبيعة الحال، وقف كل الاحتفاليات والمهرجانات، مبرزاً أن المؤسسة قرّرت الخروج من ضائقة الجائحة بنشاط يشرف عليه فنانون محليون بغية الترويح عن الناس ومنحهم جو البهجة والسرور.
الجدارية التي رسمتها ريشة التشكيلي العنزاوي مستوحاة من اللوحة الشهيرة لبابلو بيكاسو المناهضة للحرب بعنوان «غيرنيكا»، مع تغيير بعض ملامح شخوصها وإلباسهم أقنعة واقية لتتماشى والتهديد الذي تشكله الجائحة على العالم.
بدورها، تحاول الفنانة اليافعة هبة الفخاري، وهي تضع اللمسات الأخيرة على جدارية شاركت فيها برسم حمامة سلام تحلّق في سماء مدينة ذات معمار مغربي أصيل، تجسيد شعار هذه الدورة «كورونا... المواجهة والأمل»، موضحة أنها تقول للناس عبر الرسم، إن «الأمل هو أفضل وسيلة للتغلب على الفيروس، والفن يبقى طريقة فضلى للتعبير عن المعاناة بعد الجائحة، وهذه الدورة المصغّرة من موسم أصيلة الثقافي تبقى مناسبة للتخفيف عن الإحساس بالفقد الذي انتابنا خلال الحجر المنزلي».
بدوره، اختار الفنان التشكيلي حكيم غيلان المشاركة في جداريات أصيلة عبر تيمة «القطط اللعوب» على خلفية بلون أصفر طاغ على العين، معتبراً أن الغرض تمرير رسالة واضحة للحفاظ على جذوة الأمل متقدة وإبقاء روح المرح في إطار الجائحة، مضيفاً «لقد اخترت القطط لأنها حيوانات معروفة بروحها المرحة، وقدرتها على إدخال الفرح والسرور على الإنسان».
القطط التي رسمها هذا الفنان ستتجاوز حدود هذه الجدارية لتتجوّل بين أسوار المدينة العتيقة، حيث يخفي غيلان مفاجأة لسكان المدينة الأطلسية وزوارها، تتمثل في رسم 70 قطاً بمختلف الأزقة، وإطلاق مسابقة مفتوحة أمام الجميع لإيجاد أكبر عدد من القطط ومشاركة الصور على منصات التواصل الاجتماعي للفوز بلوحة فنية أصلية.
بينما يجسد الفنان المغربي المتخصص في الجداريات، عبد القادر الأعرج إحساسه بالانتماء إلى هذه المدينة وتفاعله مع عمرانها وناسها وألوانها وأشكالها، وهو الذي دأب منذ أكثر من 40 سنة على القدوم إليها من الدار البيضاء، وإبداع جداريات تزين أسوارها على مدى العام، موضحاً أن موضوع الجدارية هو «مدينة أصيلة ذاتها، المدينة الفنية بعمرانها وأقواسها وأزقتها، فأنا لا أختار الألوان والأشكال، بل فقط أرسم ما أحس وأنا فيها، أصيلة في حد ذاتها لوحة فنية».
من جهتها، قالت الفنانة التشكيلية، بدرية الحساني، إن هذا النشاط يشكل فرصة لها للعودة إلى مسقط رأسها، معبرة عن سعادتها بمبادرة مؤسسة منتدى أصيلة على تنظيم «النسخة المحلية» من الموسم الثقافي الدولي لمدينة أصيلة. وأوضحت أنه «فيما يتعلق بالموضوعات التي اشتغلت عليها، فقد اخترت أن أكون متفائلة من خلال اختيار ألوان مشرقة»، مضيفة أنه على الرغم من كل ما يقال عن الحجر الصحي فإنه سمح للطبيعة أن تتنفس، وللأشخاص بأن يثمنوا البساطة المستوحاة من المناظر الطبيعية، كمنظر الفراشة، والخضرة، والأشجار.
من جانبه، اختار الرسام أنس البوعناني لوحة جدارية على شكل رسالة أطلق عليها اسم «رسالة إلى بلدي». وأشار إلى أن كلمة «بلد» استخدمت هنا بالمعنى الأكثر شمولية للكلمة، موضحاً أنها قد تحيلك على «بلدنا المغرب»، كما يمكن أن تحيل على مدينة «أصيلة»، أو على «العالم» بشكل عام.
وتابع البوعناني، وهو أستاذ الفنون التشكيلية، قائلاً «إنها أيضاً رسالة عرفان لبلدنا المغرب على الدعم الذي ما فتئ يقدمه لنا، خاصة في هذه الأوقات الصعبة لـ(كوفيد – 19)».
أمّا بالنسبة للفنان معاذ الجباري، فإن الأمر يتعلق بتجربة «مختلفة قليلاً»، خاصة مع توظيف إكسسوار جديد هو «الكمامة».
ويقول الجباري «من جهتي، اخترت إعادة رسم (الموناليزا) للرسام الإيطالي ليوناردو دا فينشي بطريقتي الخاصة، بحيث أضفت كمامة على وجهها»، مشيراً إلى أن هذا يعكس الوضع الحالي الذي يعيشه العالم، وفي إيطاليا التي تضرّرت كثيراً من هذا الوباء.
وتبقى أصيلة، مدينة مفعمة بالفن والثقافة، والجداريات أحد محاور الأنشطة التي سطرتها مؤسسة منتدى أصيلة لمساعدة الناس على تجاوز الجائحة، إلى جانب المعارض ووضع منحوتة فنية كبرى بأهم مدارات مدينة أصيلة، وفق ما قاله توفيق لوزاري، النائب الثاني للأمين العام للمؤسسة، مشدداً على أن كل الأنشطة تتم وفق التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية كلبس الكمامة والتعقيم والتباعد الجسدي.
ويبدو من هذا الاهتمام الشعبي بالفنون ومشاركة الفنانين والأهالي في أنشطة الجداريات، أن المؤسسة ربحت رهان مواجهة الفيروس بالفن، فهدف هذه الأنشطة – التي تمتد من 15 إلى 30 يوليو (تموز)، حسب لوزاري، يكمن في التخفيف من وطأة الحجر عن سكان المدينة وزوارها، وخلق البهجة في نفوس الأطفال والشباب، وإشراك الفنانين المحليين، المخضرمين واليافعين، في تزيين وتجميل المدينة وخلق جو من السرور والبهجة لتجاوز الجائحة.
وإذا كانت الجائحة قد منعت، على غير العادة، توافد الفنانين والمثقفين من مختلف بقاع المعمورة على موسم أصيلة الثقافي الدولي، فإن أبناء المدينة كانوا في الموعد للحفاظ على تقليد سنوي شكّل منبع صيت لمدينتهم على امتداد العقود الماضية، تقليد الجداريات الذي ساهمت من خلاله مؤسسة منتدى أصيلة في دمقرطة الفن التشكيلي وإخراجه من إطار النخبوية وتقريبه من عموم الناس.



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.