أروى خميّس: أدب الطفل عصي على كثير من الكتّاب

الكاتبة والناشرة السعودية ترى أنه ليس حكراً على المرأة

الكاتبة والناشرة أروى خميّس
الكاتبة والناشرة أروى خميّس
TT

أروى خميّس: أدب الطفل عصي على كثير من الكتّاب

الكاتبة والناشرة أروى خميّس
الكاتبة والناشرة أروى خميّس

كثيراً ما ارتبط أدب الطفل في الخليج العربي بالكاتبات النساء، إلا أن الكاتبة السعودية الدكتورة أروى خميّس، ترى أن أدب الطفل ليس حكراً على المرأة، مؤكدة أن هذه الفكرة تأصلت فقط في الثقافة العربية التي ربطت قصص الأطفال بالشأن التربوي، كوسيلة لغرس القيم.
وتقول خميّس، في حوار هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط»، إن ربط قصص الأطفال بالأم أو المعلمة أو الجدة (العنصر الأنثوي) جردها في أحيان كثيرة من الحس الأدبي وجعلها شأناً تربوياً بحتاً. وعلى أي حال، هي ترى أن كثيراً من الكُتاب لا يفضلون الكتابة للطفل، وذلك لصعوبة هذه الكتابة. ود. أروى خميّس، هي أستاذة مشاركة في كلية التصاميم والفنون بجامعة جدة، نشرت أول كتاب لها عام 2003، والحصيلة لحد الآن 28 كتاباً للصغار والكبار، فضلاً عن الكتب التي نشرتها لكتاب سعوديين وعرب عن دار نشر «أروى» التي تملكها.
وهنا نص الحوار:
> المرأة حاضرة بشكل كبير في أدب الطفل... لماذا يغيب الرجل؟ أم أن أدب الطفل مرتبط بالجانب الأمومي للمرأة؟
- أرى أن أدب الطفل ليس شأناً تربوياً فقط، بل يجمع بين الجانبين التربوي والأدبي، وإن كنت أميل لجانبه الأدبي أكثر. ولو نلحظ أسماء رواد أدب الطفل في العالم سنجد أن معظمهم من الكُتاب الرجال. بالتأكيد هناك أسماء نسائية قوية جداً، لكني أتكلم عما كان حاصلاً قبل نحو 50 عاماً، حيث كان معظم من يكتب في هذا المجال من الكُتاب الرجال، وفي أفلام ديزني - مثلاً - التي تستند على قصص شعبية؛ نجد أن جميع من وثقها رجال، لكن في مجتمعنا كان أول من بدأ في أدب الطفل الكاتبات النساء. أما في ثقافتنا العربية؛ فقد ارتبطت قصص الأطفال بالأم، أو الجدة، بسبب ربط ثقافتنا العربية الجانب الحكائي بالعنصر الأنثوي. ومن هنا، لم يعامل أدب الطفل في مجتمعاتنا بشكل أدبي، بل يعتبر مُكملاً للتربية، كالحث على الأمانة والصدق وغيرهما من القيم في قصص الأطفال، وهذا نجده أيضاً في مدارسنا، بينما في الواقع أن أدب الطفل يشمل قصصاً وحكايات فيها جانب أدبي عالٍ.
> هل تعتقدين أن التركيز على القصص الواقعية في أدبنا العربي أضعف من صناعة القصص الخيالية الهادفة لتنمية مخيلة الطفل؟
- الطفل لن ينتظرنا، إن لم نستطع صناعة الأدب أو أن نوجد له قصصاً فسيذهب لأشياء أخرى... على سبيل المثال، مَن مِن الأطفال لا يعرف قصة «سندريلا»؟ وهي قصة من الأدب الألماني الشعبي. لكنها أكثر من كونها مجرد قصة كُتبت للأطفال، فعندما نحللها نجد فيها جانباً اجتماعياً، الخيال عند الطفل من الأمور التي تميّزه، وإن لم يجد ما يُلفت انتباهه ويثير مخيّلته، فسيبحث عن ذلك في مكان آخر.
للقصص الخيالية قيمة مستترة دائماً، فقصة سندريلا ليست قصة مقتصرة على فتاة لبست فستاناً قدمته لها الساحرة. بل بالإمكان أن نستخلص منها مفهوم الأخوة وحسن الخلق، وكذلك وضع المرأة الاجتماعي في فترة معينة كان فيها أفضل خيار للمرأة هو أن تتزوج من أمير وتعيش في قصر، لكن الآن هذه النقطة أصبحت قابلة للجدال: هل هناك حاجة إلى ظهور ساحرة كي تُزوّج الفتاة من الأمير وتُلبِسها أجمل فستان؟ وهل هذا أقصى ما يمكن لفتاة الحصول عليه؟ هذه القصة ظهرت في فترة من الفترات الزمنية التي كانت فيها المرأة بالكاد تتعلم، لذا كان أفضل خيار للمرأة في ذاك الحين، هو أن تتزوّج أميراً. وبالتالي نستطيع قراءة الوضع التاريخي الذي ظهرت فيه القصة (رغم أنها خيالية) التي تكشف كثيراً من العناصر الاجتماعية التي كانت مسيطرة في تلك الحقبة الزمنية.
> مع تعلّق صغار اليوم بالأجهزة الإلكترونية، ألا ترين أن ذلك يؤثر على حبهم للقراءة؟ كيف نجذب جيل «الآيباد» لعالم القراءة؟
- أتذكر مرة حضرت فيها مؤتمراً للناشئين بلندن، ولاحظنا أن كلاً من الكتاب والأفلام و«الآيباد» هي تطبيقات مختلفة، لكن لا شيء يأخذ مكان شيء آخر. بمعنى؛ إذا كان الطفل قارئاً فهذا لا يعني أن الكتاب سيأخذ مكان الأفلام أو التطبيقات الإلكترونية، فكل شيء له خط مستقل. مثلاً، بناتي يحببن مشاهدة الأفلام عبر التطبيقات الإلكترونية، لكن لا يعني هذا أنهن لا يقرأن الكتب، بل على العكس من ذلك، هن يحببن القراءة بشكل كبير.
> الكُتاب عادة يتعاملون مع أدب الطفل بأحد اتجاهين: إما يستصعبون الكتابة للطفل أو يستهينون ذلك... وأنتِ كما هو معروف استقطبت روائيين وكُتاباً وأقنعتهم بالكتابة للطفل. كيف نجحت في ذلك؟
- أنا أكتب شعراً بالأساس، وكُتباً للكبار. لكني في نهاية الأمر أحب الكتابة للطفل، وأجد متعة في هذه الكتابة التي بقدر ما هي بسيطة لغوياً إلا أنها تحوي عُمقاً معيناً، وهذا ليس بالأمر السهل.
كثير من الكُتاب لا يحب اللجوء للكتابة للطفل ربما لاستصعاب ذلك، لكونه مضطراً أن يقدم فكرة عميقة بأقل عدد ممكن من الكلمات وبشكل مباشر من السهل فهمه، وهذا ليس بالأمر الهين إذا نظرنا لكاتب اعتاد أن يكتب روايات بعدد كبير من الكلمات والصفحات؛ ثم نطلب منه أن يأتي ليكتب قصة للأطفال بهذه الكيفية. هذا ليس سهلاً عليه.
أنا أعمل مع الكُتاب كمحررة أيضاً، وأحيانا يصلني نص جميل ويعجبني، فأطلب من كاتبه أن يعيد كتابته بشكل معين ويحذف تفاصيل كثيرة ليكون مركزاً بشكل كبير. والرسومات تتكفل بالباقي؛ بحيث تقول كل الأشياء التي يرغب الكاتب بها وليست موجودة في النص، علماً بأني أيضاً لا أخبر الرسامة أو الرسام كيف يرسمان، بل أترك لهما الحرية، ومن الممكن أن تضيف على النص أضعاف ما كان الكاتب يفكر فيه.
أما مسألة الاستهانة بالكتابة للطفل، فهذا أمر وارد أيضاً، وربما مؤخراً أصبحت هناك نظرة مختلفة لهذا الموضوع. أتذكر قبل سنوات عديدة، كان الكثير يسألني: «متى ستكتبين رواية؟»، لأن هناك من يظن أن الرواية هي مرحلة متقدمة تأتي بعد الكتابة للطفل، وهذا غير صحيح، ولا يمكن المقارنة بينهما، فلكل واحد منهما خط مختلف تماماً. وربما هذه النظرة عائدة لكوننا تأخرنا في العالم العربي في أدب الطفل، مقارنة بغيرنا.



هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».