قبل عامين تأسست وزارة الثقافة السعودية، (2 يونيو «حزيران» 2018)؛ حاضنة الثقافة، وبيت المثقفين، بعدها بعام واحد أطلقت الوزارة استراتيجيتها الثقافية (27 مارس «آذار» 2019)، لكن الأهم أن الثقافة السعودية أصبحت أهم محركات التغيير نحو مجتمع منفتح، ومتسامح، ومحب لبلاده، وعاشق للحياة.
كان على الثقافة أن تزيح عن كاهل المجتمعات المحلية عبئاً ثقيلاً تراكم عبر السنين، يمقت البهجة، ويشد الرحال نحو التاريخ والتراث والماضي، ويحدث القطيعة مع الحداثة والمستقبل.
خلال عام واحد تأكد موقع الثقافة في الحياة العامة، باعتبارها عنصراً رئيسياً في صناعة التحول الوطني نحو التنمية البشرية. ومع تشكيل الهيئات الثقافية، انطلقت عشرات الفعاليات التي كسرت النمط التقليدي الذي اعتاده الناس في الأنشطة الثقافية. أصبحت الثقافة قريبة جداً من الناس، ومعبّرة عن أحوالهم، وعن تطلعاتهم. استوعبت الفنون البصرية وفنون الأداء والموسيقى والمسرح والسينما، كما استوعبت ابتكارات الشباب.
حددت الوزارة ثلاث تطلعات رئيسية؛ هي: تكريس الثقافة نمط حياة، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية. وبالتزامن مع إطلاق الاستراتيجية الثقافية، أعلنت الوزارة عن 27 مبادرة لتحقيق هذه التطلعات، ومن أبرز المبادرات المعلنة: تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وإنشاء صندوق «نمو» الثقافي، وإطلاق برنامج الابتعاث الثقافي، وتطوير المكتبات العامة، وإقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
العام الحالي كان تحدياً للجميع بسبب الوباء الذي يجتاح العالم، والقيود المفروضة على الحركة والنشاط العام، وفرض التباعد بين الناس، لكن الوزارة واصلت تشكيل هياكلها التنظيمية، وبلورت التصورات الناظمة لعمل الهيئات والقطاعات الثقافية التي شكلتها.
لكن أين المثقف من كل هذا النشاط الثقافي غير المسبوق...؟، أين الجمهور المستفيد النهائي من هذا الحراك الثقافي...؟، حتى الآن لم تتحول الفعاليات الثقافية إلى نشاط يومي اعتيادي، وحتى الآن ما زالت هناك جمعيات ثقافة وفنون تعاني من شح الإمكانيات، وأندية أدبية تحبس نفسها في الأنشطة المنبرية، لا زلنا نحلم بمكتبة في كل حارة، وفرقة مسرحية في كل مدينة، وفنون بصرية وأدائية في كل مناسبة، ولا زلنا ننتظر جمعيات للمثقفين ونوادي للأدباء وصندوقاً لرعاية أهل الثقافة والأدب.
ما زال المثقف ضيف الفعاليات، وينبغي أن يكون هو صاحبها والمشارك في صناعتها وصياغتها، ولا زلنا بحاجة لمنابر لحوار الشباب، ومنصات لإطلاق مواهبهم.
ليس كثيراً على المثقفين السعوديين أن تتحول أحلامهم في المشاركة في صناعة التغيير إلى واقع، لا بد من قنوات إعلامية ثقافية، ومنابر للنقاش عن شكل الهوية الثقافية التي نطمح إليها، ودور المثقف، ومسؤوليته في صناعة التحول. فما دمنا آمنّا بأن الثقافة أحد محركات التحول والتغيير والتنمية وتحسين جودة الحياة، فلا بد أن تخلق هذه الثقافة فضاءً حراً للمشاركة والتفاعل مع الجمهور.
الثقافة ليست مجرد أنشطة وفعاليات، بل هي روح تصنع التغيير نحو الأفضل، ولذلك لا بد أن يكون المثقف جزءاً رئيسياً منها، ولا بد من الاعتناء بالمراكز والمؤسسات الثقافية لتصبح حاضنة لطاقات المبدعين على اختلاف توجهاتهم.
هذه هي الثقافة... فأين المثقف؟
هذه هي الثقافة... فأين المثقف؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة