البيت المهجور!

بيت بغداي قديم
بيت بغداي قديم
TT

البيت المهجور!

بيت بغداي قديم
بيت بغداي قديم

بيت كبير مهجور، بني بطابوق بغدادي مزخرف برسوم زهور وطيور، ما زال يحتفظ بلمعانه الذهبي رغم تقادم الأعوام، لكن حديقته يابسة مصوحة ملأتها أشواك وأدغال، وربما سكنتها أفاع وعقارب وهوام!
كلما مررت به، أحس بقلبي يجرح بسياجه الشائك، ويتوقف وكأنه علق بسنارة، وبعد قليل سيجره صياد ماهر!
أتساءل في نفسي: من بناه؟ من تعاقب عليه؟ لماذا هجره أهله؟ وأين مضوا؟ ولكن أسأل من؟! لا بيت ولا شيء حوله سوى خلاء مديد. هذا المساء الخفيف الظلام، توقفت عنده، كان مضاء بقمر كأنه هبط على سطحه ساعة ليستريح، ويعود لسمائه!
أسندت جبهتي على أحد شبابيكه، محاولاً انتزاع قلبي من أسلاكه الشائكة.
فجأة، أخذت أسمع رنين تليفون يدق في داخله! من هذا الذي يدق باب هذا البيت المهجور منذ زمن طويل؟ من هذا الذي تذكرهم الآن؟ أعاد ساكنوه؟
أمعنت النظر، كانت أقفاله الصدئة الثقيلة في مكانها، وجرس التليفون يرن ويرن كصفائح نحاسية تتدحرج في بئر عميق! لماذا رحلوا وأبقوا تليفونهم؟ أم تراني أسمع رنيناً من قلبي أو طنيناً في أذني؟ ولكن الرنين انقطع هنيهة، ثم عاد؛ إنه نداء حقيقي، وصاحبه يقصد أهل هذا البيت تماماً! من هذا الذي تذكرهم؟ ولماذا الآن؟ ماذا يريد منهم؟ ماذا يعرف أو يعتقد عنهم؟ رحت أصغي.
لو فتح لي باب أو شباك، هل يحق لي أن أدخل، وأرفع السماعة لأقول: من؟ وهل المنادي من سيعلمني بشيء عن أهل البيت أم أنا الذي علي أن أعلمه؟ تليفون يدق في بيت مهجور، تركته يدق؛ أغنية لأصم، صرخة طير على قبر. بصعوبة انتزعت نفسي من رنين حزين يكاد يمسك بثيابي، ويشل خطاي!
- قاص وروائي عراقي



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.