هيغل يبحث في بغداد مواجهة «داعش».. ويشير إلى «تقدم ثابت»

العبادي دعا إلى تكثيف الغارات الجوية> اجتماع ثلاثي بين وزراء خارجية العراق وإيران وسوريا لمحاربة «متشددين سنة»

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي لدى استقباله وزير الدفاع الأميركي المستقيل تشاك هيغل أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي لدى استقباله وزير الدفاع الأميركي المستقيل تشاك هيغل أمس
TT

هيغل يبحث في بغداد مواجهة «داعش».. ويشير إلى «تقدم ثابت»

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي لدى استقباله وزير الدفاع الأميركي المستقيل تشاك هيغل أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء حيدر العبادي لدى استقباله وزير الدفاع الأميركي المستقيل تشاك هيغل أمس

بحث وزير الدفاع الأميركي المستقيل تشاك هيغل في بغداد، التي وصلها أمس في زيارة غير معلنة وأخيرة له، مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي جاهزية القوات العراقية لمواجهة تنظيم داعش وسط مطالبات حثيثة من قبل سياسيي وشيوخ المحافظات الغربية من العراق بأهمية تسليح العشائر التي تتصدى لهذا التنظيم المتطرف. وطلب العبادي من هيغل أن تشن الطائرات الغربية مزيدا من الغارات الجوية وإمداد الجيش العراقي بمزيد من الأسلحة في مواجهة «داعش».
وفي مستهل محادثاتهما في بغداد قال العبادي لهيغل إن «قواتنا تحرز تقدما كبيرا جدا على الأرض، لكنها تحتاج إلى مزيد من القوة الجوية (...) والأسلحة الثقيلة. نحن بحاجة إلى ذلك». وأضاف العبادي أن تنظيم داعش «بدأ يتراجع في الوقت الحالي» وقدراته قد أضعفت.
بدوره، تحدث هيغل عن «تقدم ثابت» في تصدي القوات المسلحة العراقية لتنظيم داعش بدعم من التحالف الدولي. وقال هيغل بعد مباحثاته مع العبادي ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم «مناقشاتنا اليوم تركزت على الجهود لإضعاف وتدمير تنظيم داعش (...) ونلاحظ تقدما ثابتا في تحقيق هذا الهدف».
كما دعا هيغل العراقيين إلى تحقيق النصر «بأنفسهم» على المتشددين، وقال خلال حديثه إلى مجموعة من الجنود الأميركيين والأستراليين إنه باستطاعة الولايات المتحدة وحلفائها مساعدة العراقيين في القتال ضد تنظيم داعش، لكن حكومة بغداد هي من سيتولى الحملة في النهاية. ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله «إنه بلدهم، وسيترتب عليهم تولي إدارته. إنهم الوحيدون الذين يتحملون المسؤولية (...) نستطيع أن نساعد، نستطيع أن ندرب، ونستطيع أن نقدم المشورة (...)، ونحن نقوم بهذا». ودعا القادة العراقيين إلى تشكيل حكومة جامعة قادرة على الفوز بثقة مختلف الطوائف الدينية والإثنية في البلاد.
في السياق نفسه، أشاد الرئيس العراقي بالدعم الذي قدمته الولايات المتحدة إلى العراق. وقال بيان رئاسي بعد لقاء الرئيس معصوم وزير الدفاع الأميركي إن «العراق يرغب في توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية على الصعد السياسية والاقتصادية والدبلوماسية ضمن إطار الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين»، مثمنا «الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في دعم العراق في حربه ضد الإرهاب».
وأكد معصوم «أهمية الدعم الأميركي من خلال الإسناد الجوي الذي أسهم في تفوق القوات المسلحة العراقية وتحريرها العديد من المناطق من دنس (داعش) الإرهابي»، مشددا على «ضرورة تعزيز قدرات القوات المسلحة العراقية من خلال التدريب والتجهيز بالمعدات اللازمة والأسلحة المتطورة، لا سيما أنها تمتلك الكوادر التي أثبتت قدرتها على دحر الإرهابيين ومخططاتهم». وأضاف أن «دحر الإرهابيين بشكل نهائي يحتاج إلى دعم المواطنين بكل أطيافهم وتقديم العون إلى القوات المسلحة استخباريا وأمنيا، إلى جانب الخطط العسكرية والأمنية».
وتأتي زيارة المسؤول الأميركي في وقت بدأت فيه المطالب بتسليح العشائر في المحافظات الغربية من البلاد، والتي يحتل تنظيم داعش معظم أراضيها، تتسع وسط صمت الحكومة العراقية. وفي هذا السياق، طالب رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بتسليح العشائر العربية والتركمانية في كركوك أسوة بالمطالبات الخاصة بتسليح العشائر في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى. وقال الجبوري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ كركوك نجم الدين كريم في مبنى محافظة كركوك، أمس «نطالب بتسليح العشائر العربية والتركمانية لمواجهة (داعش) في محافظة كركوك، رغم تأكيدنا على بناء الدولة المدنية، لكن الظروف الاستثنائية تحتم علينا أن نطالب بذلك»، مبينا أن «للعشائر دورا كبيرا في محاربة التنظيم في المحافظة».
بدوره، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار محمد ناصر الكربولي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مسألة تسليح العشائر في الأنبار وكل العشائر التي تقاتل تنظيم داعش في المحافظات الغربية باتت أمرا مهما لأكثر من سبب، الأول أن هذه العشائر هي وحدها القادرة على طرد هذا التنظيم مهما كانت قوته وإمكانياته، لأنها تعرف مناطقها وتعرف بالتالي مواطن ضعفه، كما أنها متحمسة جدا لمقاتلته بعد الجرائم التي ارتكبها بحق أبناء هذه المناطق خلال الشهور الماضية». وتابع «الحكومة لم تقم بواجبها على صعيد التسليح مما يحتم على الإدارة الأميركية الالتفات إلى هذه الناحية»، مشيرا إلى أن «أهالي الأنبار والمحافظات الغربية لم يطلبوا سلاحا خارج سيطرة الدولة، بل إنهم طالبوا بذلك عبر البرلمان، وبالتالي فإن مثل هذه المطالب مشروعة، وكل ما تحتاج إليه عملية تسريع لها لأن أسلحة بعض العشائر نفدت أو أوشكت على النفاد».
من جهة اخرى, قالت وسائل إعلام رسمية سورية وإيرانية إن وزراء خارجية إيران وسوريا والعراق اجتمعوا في طهران أمس الثلاثاء، مشيرة إلى أن بلادهم ستواصل التعاون لمحاربة متشددين سنّة.
وألقت إيران بثقلها وراء الرئيس السوري بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، التي مضى عليها أكثر من 3 سنوات. واعترفت طهران بأنها أوفدت مستشارين عسكريين إلى العراق لمساعدة الجيش العراقي في معركته ضد تنظيم «داعش».
إلا أن إيران ليست ضمن تحالف تقوده الولايات المتحدة ينفذ ضربات جوية ضد مقاتلي «داعش» الذين يسيطرون على مناطق واسعة من الأراضي في سوريا والعراق. وألقت إيران بظلال من الشك على الأسباب التي دعت واشنطن لشن مثل هذه الهجمات. وقالت أجهزة إعلام محلية إن وزيري خارجية العراق وسوريا حضرا مؤتمرا في طهران حول العنف والتطرف، وانتهز الوزيران هذه المناسبة لإجراء محادثات ثلاثية ضمت أيضا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وقال التلفزيون السوري: «تم الاتفاق في ختام الاجتماع الثلاثي على مواصلة التنسيق والتشاور بين الدول الثلاث في مجال مكافحة إرهاب تنظيمي (داعش) و(جبهة النصرة) وبقية أذرع تنظيم القاعدة الإرهابي».
ونسب إلى ظريف القول: «تقف إيران دوما إلى جانب الشعبين السوري والعراقي منذ البداية لمحاربة هذا الخطر. سيستمر تأييدنا دوما».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم