«حلاوة زمان»... بصمات فنية تخفف العُزلة وتراهن على الإبداع

75 تشكيلياً عربياً يلتقون افتراضياً لتجاوز أزمة «كورونا»



تصوير فوتوغرافي للفنان جورج ماهر
تصوير فوتوغرافي للفنان جورج ماهر
TT

«حلاوة زمان»... بصمات فنية تخفف العُزلة وتراهن على الإبداع



تصوير فوتوغرافي للفنان جورج ماهر
تصوير فوتوغرافي للفنان جورج ماهر

بعدما فرضت عزلة «كورونا» على الجميع ما لم يكن في الحسبان، استغل معظم التشكيليين العرب هذه الفترة في تنشيط أفكارهم وتطويع أساليبهم وحشد خاماتهم داخل مراسمهم الخاصة، فأبدعوا أعمالاً فنية حاولوا بها فك قيود الحظر والعزلة.
ولإخراج هذه الإبداعات من نطاق تلك المراسم إلى فضاء المتلقين، يأتي معرض (حلاوة زمان)، الذي ينظم افتراضياً، من جانب «الجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية»، بالتعاون مع «جامعة الدول العربية» ممثلة في إدارة الثقافة وحوار الحضارات، ولجنة الحضارة والعمارة والفنون بـ«رابطة الجامعات الإسلامية»، ويشارك فيه 75 فناناً عربياً من مصر والعراق والأردن والسعودية.
ويعد هذا المعرض الافتراضي الأول من نوعه الذي تنظمه الجمعية، بعد سلسلة من المعارض الواقعية، ويكرس لإبداع الفنانين التشكيليين خلال فترة وباء كورونا، محاولا إظهار إبداعاتهم الفكرية وأعمالهم الفنية، التي تنتمي إلى فنون التصوير والنحت والخزف والنسيج والطباعة والتصوير الفوتوغرافي، حيث يشارك فيه مجموعة كبيرة من كليات التربية الفنية والفنون التطبيقية والفنون الجميلة، من الفنانين الرواد والكبار والشباب، وفق الدكتورة هبة عكاشة، مقرر لجنة المعارض بالجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية.
وتقول عكاشة لـ«الشرق الأوسط»: «تم اختيار ثيمة (حلاوة زمان) ليعبر من خلالها الفنانون عن رؤيتهم لهذا المصطلح بطرق مختلفة، حيث عبر كل منهم عنه برؤيته وإحساسه الخاص، مع وجود نوع من المعالجات الحديثة لهذه الرؤى، وهو ما تم ترجمته في أعمال المعرض بالتعبير عن العادات والتقاليد، أو الأشكال القديمة كالمشربيات، أو التعبير برموز من البيئة المحلية التي تؤثر في الفنان».
من بين هذه الرؤى؛ يطل عمل الفنانة الدكتورة منال هلال، التي اعتمدت على مجموعة من الأطباق البورسلين لتقدم عملا خزفيا على شكل سمكة، التي اختارتها لتعبر بها عن «حلاوة زمان»، لكونها رمزا قديما يرتبط بالحضارة المصرية القديمة، وامتداد الشواطئ ونهر النيل في مصر، كما أنها وجبة شعبية يتجمع حولها المصريين بفئاتهم.
وتثمّن هلال العرض الافتراضي للمعرض، الذي يصل إلى فئات عمرية وثقافات وبيئات مختلفة، ما يساعد في النهاية المتلقين على تذوق الفن وهم في منزلهم.
بينما تتمثل «حلاوة زمان» لدى الفنانة الدكتورة وهاد سمير في تلك التداخلات بين قطع الأخشاب وشرائح وأسلاك النحاس المؤكسدة التي تعطي إحساسا بالقِدم، وهو التصميم المستلهم من وحي الطبيعة، حيث الأزهار والتوريقات والأشكال العضوية، وعنه تقول: «اعتبرت أن حلاوة زمان تكمن وسط الزهور وتأمل الطبيعة، التي افتقدنا التمتع بها خلال فترة انتشار فيروس كورونا، لتتحول حياتنا فيه إلى حياة مغلقة، لذا تأخذ فكرة التصميم حركة الزهور، حيث أتنقل بإيقاع حركتها نفسه من قطعة خشب لأخرى، وطريقة التوصيل بين القطع».
وترى سمير أن «العرض الافتراضي يضاعف نسب المشاهدة، ويخلق حالة من الإثراء الفني، بعد أن استطاع الفن التشكيلي أن يصل إلى المنازل حاليا كغيره مثل الفنون الأخرى».
وجاءت مشاركة الفنانة الدكتورة هبة ذهني بلوحات تعبيرية، تم تنفيذها بخامات مختلطة من الألوان المائية وألوان الأكريليك، تعبر من خلالها عن أحاسيس المرأة وهي في طريقها في الحياة، وكيف تحتضنها الطبيعة، وما يحمله هذا الطريق من جمال وصعوبات في الوقت نفسه، وأنها دائما بحاجة إلى أن يكون لها شركاء ليتغلبوا معا على الصعوبات لمواصلة حياتهم وتحقيق أهدافهم، لافتة إلى أن هذا التعبير عن تلك الأحاسيس متوافق بشكل كبير مع ما نعيشه اليوم من اضطراب وعدم وضوح للطريق في ظل كورونا.
واعتبر الدكتور محمد علي زينهم، مؤسس ورئيس الجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية، أن الفنانين المشاركين أحسنوا استغلال وقت العزلة بأسلوب يختلف عن باقي البشر، فأخرجوا تلك الروائع الفنية، في إطار مبادرة (ابدع في بيتك) التي تبنتها الجمعية، بهدف دعم جموع الفنانين والمتذوقين للفنون من خلال منصات إلكترونية تمكنهم من عرض آرائهم الفنية عليها، والوصول بأفكارهم وإبداعاتهم الفنية إلى المتلقي، والمساهمة على التواصل الثقافي والحضاري والإبداعي حتى في زمن كورونا.



إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
TT

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده ردوداً متباينة، فبينما رأى مؤيدوه أنه «واجهة مدنية جيدة»، رأى معارضوه أنه «استمرار للنظام السابق»، ووسط الجدل الدائر بشأن الفنان المقيم في القاهرة، الذي لم يحسم بعد موعد عودته إلى دمشق، تصاعدت التساؤلات بشأن فرص التيار المدني في الوصول إلى سُدّة الحكم، في ظل سيطرة فصائل مسلحة على المشهد.

وأطاحت فصائل المعارضة في سوريا بالرئيس بشار الأسد، الأحد الماضي، بعد هجوم خاطف شهد، في أقل من أسبوعين، انتزاع مدن كبرى من أيدي النظام، وصولاً إلى دخولها العاصمة دمشق.

وتعليقاً على سقوط نظام الأسد، أعرب الفنان السوري وعضو «هيئة التفاوض السورية» جمال سليمان، في تصريحات متلفزة، عن «رغبته في الترشح لرئاسة البلاد، إذا لم يجد مرشحاً مناسباً»، مشيراً إلى أن ترشحه «رهن بإرادة السوريين». وأضاف: «أريد أن أكسر هذا (التابوه) الذي زرعه النظام، وهو أنه لا يحق لأحد الترشح للرئاسة أو للوزارة، وأن النظام هو فقط مَن يقرر ذلك».

سليمان لم يحدّد بعد موعد عودته إلى سوريا (حساب سليمان على «فيسبوك»)

وأكد أن «الانتقال السياسي في سوريا يجب أن يشمل جميع الأطياف، مع الابتعاد عن حكومة (اللون الواحد)»، مشدداً على «ضرورة طي صفحة الماضي». وقال: «نريد سوريا ديمقراطية تشكل الجميع». وتأكيداً على رغبته في المصالحة، قال سليمان إنه «سامحَ كل مَن اتهمه سابقاً بالخيانة».

وأثارت تصريحات سليمان جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدّ حساب باسم «يمان»، على منصة «إكس»، سليمان بأنه «وجه تسويقي مثالي لسوريا، وشخصية مقبولة من الكل؛ بسبب أصوله الطائفية المختلفة».

بيد أن بعضهم انتقد رغبة جمال سليمان في الترشح للرئاسة، وعدّوها بمنزلة «إعادة للنظام السوري»، مشيرين إلى تصريحات سابقة لسليمان، وصف فيها بشار الأسد بـ«الرئيس».

وفي حين أبدى الكاتب والباحث السياسي السوري غسان يوسف دهشته من شنّ حملة ضد جمال سليمان، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «من المبكر الحديث عن الانتخابات الرئاسية، لا سيما أن الحكومة الانتقالية الحالية ستستمر حتى الأول من مارس (آذار) المقبل».

وقال يوسف إن «الحكومة الانتقالية هي مَن ستضع ملامح الدولة السورية المقبلة»، موضحاً أن «الدستور الحالي يكفل لأي مسلم الترشح في الانتخابات، من دون النص على مذهب معين، ومن غير المعروف ما إذا كان سيُغيَّر هذا النص أو المادة في الدستور الجديد».

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي السوري المقيم في مصر عبد الرحمن ربوع، أن «حق أي مواطن تنطبق عليه شروط الترشح أن يخوض الانتخابات»، موضحاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «جمال سليمان فنان مشهور، وناشط سياسي له جهود معروفة في المجالَين السياسي والإنساني السوريَّين طوال 13 عاماً، ما يجعله واجهةً جيدةً لمستقبل سوريا، لا سيما أنه كان من جبهة المعارضة التي دقّت أول مسمار في نعش نظام الأسد». وفق تعبيره.

جمال سليمان له نشاطات سياسية سابقة (حساب سليمان على «فيسبوك»)

وأعرب ربوع، الذي أبدى دعمه لجمال سليمان حال ترشحه للرئاسة، عن سعادته من حالة الجدل والانتقادات والرفض لترشحه، قائلاً: «لم يكن بإمكاننا الترشح في الانتخابات، ناهيك عن رفض مرشح بعينه. هذه بوادر سوريا الجديدة».

ولعب سليمان دوراً في مقعد المعارضة، والتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في فبراير (شباط) 2021. وقال، في منشور عبر «فيسبوك»، إنه «طرح خلال اللقاء، بصفته الشخصية، مقترح تشكيل (مجلس عسكري) يحكم سوريا في المرحلة الانتقالية، بوصفه صيغةً بديلةً لجسم الحكم الانتقالي الواردة في وثيقة جنيف، التي لم ترَ النور».

وتثير سيطرة التيار الإسلامي على المشهد الحالي في سوريا، تساؤلات بشأن تأثيرها في فرص المرشحين المدنيين للانتخابات الرئاسية في سوريا. وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) محمود بدر، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «جمال سليمان رجل وطني محترم ومعارض وطني شريف»، متسائلاً عمّا «إذا كانت القوى المسيطرة على المشهد حالياً في سوريا ستسمح بانتخابات وبوجود شخصيات وطنية».

وهنا قال المحلل السياسي غسان يوسف: «إن الأمر رهن الدستور المقبل وقانون الانتخابات الجديد، ومن المبكر الحديث عنه، لا سيما أنه من غير الواضح حتى الآن ما الذي سينصُّ عليه الدستور الجديد لسوريا».

ويشير ربوع إلى أن «التيار الإسلامي» أظهر قدراً مفاجئاً من التسامح والعفو، لكن يتبقى أن ينفتح على المعارضة المدنية، التي ما زالت أبواب سوريا مغلقة أمامها. وأعرب عن تفاؤله بالمستقبل، مؤكداً «الاستمرار في الضغط من أجل دولة مدنية في سوريا».

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن تولّي فنانين مناصب سياسية أو حتى رئاسة الدولة أمر تكرر في العالم وليس جديداً، ضارباً المثل بالرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، والرئيس الأوكراني الحالي فولوديمير زيلينسكي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن النظرة التقليدية للفنان كأن يراه الناس (أراجوزاً) موجودة ولها تنويعات في العالم أجمع، ومن المؤكد أن التيار الإسلامي يرفض الفن عموماً، لذلك فمن الصعب أن يُقبَل فنان رئيساً».

مطار دمشق بعد سقوط نظام الأسد (أ.ف.ب)

لم يحدّد سليمان موعد عودته إلى سوريا، لكنه سبق وقال، في منشور عبر حسابه على «فيسبوك»، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، إنه «يتوق للعودة» إلى بلاده، التي أُجبر على «مغادرتها تحت سطوة الترهيب والتهديد المباشر». وأضاف: «سنعود إلى سوريا عندما يكون هناك نظام ديمقراطي يقبل الاختلاف ويقبل المحاسبة، نظام يقوم على الشفافية وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة».

وكان الفنان السوري المولود في دمشق عام 1959 قد حصل على درجة الماجستير في اﻹخراج المسرحي بجامعة ليدز البريطانية في عام 1988. وبعد عودته إلى سوريا بدأ التمثيل في عدد كبير من الأعمال الدرامية، منها «صلاح الدين الأيوبي»، و«ربيع قرطبة»، و«ملوك الطوائف»، «التغريبة الفلسطينية».

وبدأ سليمان رحلته في الدراما المصرية عبر مسلسل «حدائق الشيطان» في عام 2006، ليكمل رحلته في بطولة عدد من الأعمال على غرار «قصة حب»، و«الشوارع الخلفية»، و«سيدنا السيد»، و«نقطة ضعف»، و«الطاووس». و«مين قال».