تضاعف أعداد المتظاهرين ضد نتنياهو

TT

تضاعف أعداد المتظاهرين ضد نتنياهو

منذ أقدمت الشرطة الإسرائيلية على قمع «مظاهرة المئات» وتحطيم خيام الاعتصام أمام مقر رئاسة الحكومة، احتجاجا على سياسة بنيامين نتنياهو «الفوضوية» و«الفاسدة»، على حد تعبير قادة الحركات المبادرة، يزداد عدد المشاركين تنوعا وعددا. وبدلا من 20 شخصا كانوا ينامون في خيام الاعتصام، تضاعف العدد عشر مرات إلى 200. أمضوا لليلة البارحة الخميس - الجمعة. واستيقظوا ليجدوا معهم مئات أخرى يرفعون الشعارات التي تطالب نتنياهو بالاستقالة.
وقد ارتدى المتظاهرون الشباب البيجامات وحملوا دمى وأسموها «مظاهرة البيجامة»، تعبيرا عن الإصرار على النوم هناك إلى حين يستقيل نتنياهو. وشاركت في تنظيمها عدة حركات احتجاج، أبرزها: «حراس الليل»، الذين كانوا قد بدأوا المظاهرات ضد نتنياهو في مدينة بيتح تكفا، منذ بدء التحقيقات معه في الشرطة قبل أربع سنوات، وحركة «الأعلام السوداء»، وهو التعبير العسكري الذي يمنح الندي أن يتمرد على أمر قائده إذا شعر بأنه غير قانوني، وحركة «CRIME MINISTER» (رئيس وزراء مجرم). وقال حايم شدميميمين، أحد قادة الحركة الأخيرة، إن الضغط الجماهيري هو الذي جعل رئيسة الوزراء، غولدا مئير، وخلفها مناحيم بيغن يستقيلان من الحكم. ومع أن نتنياهو هو من طينة أخرى، إلا أن زيادة الضغط ستجبره على الاستقالة».
وقد امتنعت الشرطة عن اعتراضهم، أمس وأول من أمس، وحاولت التفاهم معهم على قيود جغرافية محددة للتظاهر، فالتزموا بالامتناع عن إغلاق الشوارع المحيطة بمقر رئيس الوزراء. ومع أن هؤلاء المتظاهرين يختلفون عن المتظاهرين في تل أبيب وفي عشرات مفارق الطرقات، ممن يحتجون على سياسة الحكومة الفاشلة في مكافحة فايروس كورونا أو يحتجون على الضربات الاقتصادية التي تلقوها من جراء تلك السياسة، فإنهم يعتبرون كل مظاهرة ضد الحكومة وسياستها مدماكا مهما في مهمة التخلص من نتنياهو، علما بأن شعارهم المركزي في هذه المظاهرة هو: «لا يجوز لإسرائيل أن تسمح بوجود رئيس حكومة فيها يتعرض للائحة اتهام جنائية (تلقي الرشى والاحتيال وخيانة الأمانة)».
وقد كتب نتنياهو أنه يرى في المظاهرات أمام مقر إقامته «جزءا من مؤامرة يشارك فيها الخصوم السياسيون من اليسار والفوضويين ووسائل الإعلام وقسم من موظفي الشرطة والنيابة العامة والدولة العميقة، في محاولة للإطاحة بي وبحكومتي». لكن أحد قدامى المتظاهرين، سيغليت كاسلر، الذي يبيت منذ حوالي 3 سنوات في خيمة احتجاج في المكان، يقول: «أنا شخصيا يساري ولكن غالبية المشاركين في المظاهرة من الوسط ومن اليمين وبعضهم حتى من الليكود. لقد انتظرت ثلاث سنوات الشباب كي يأتوا ويتظاهروا معنا، وفي هذه الأيام أنا سعيد. فرغم بطش الشرطة، يأتي الشباب ليطلقوا صرختهم معنا. أنا أعتبرها انعطافا وتطورا مباركا للعملية التي بدأت قبل سنوات، عندما بات واضحا أن لدينا رئيس حكومة فاسدا».
وقال كاسلر، إنه لا يزال يخشى اعتداء جديدا للشرطة، لبث الرعب بين صفوف المتظاهرين: «أشعر مثل العروس في ليلة زفافها. لقد تصببنا عرقا وتلقينا اللكمات، الاعتقال والتخويف خلال ثلاث سنوات ونصف، وأخيرا استيقظ الناس وفهموا عما كنا نتحدث».
ويقول يشاي هداس، وهو يشارك في المظاهرات منذ حوالي السنة: «نحن المتظاهرين القدامى نحاول استغلال الوضع الجديد الذي يبدو فيه الجمهور الواسع والشبيبة قد استيقظوا، وصرنا نجذب إلى المظاهرات ضد نتنياهو حتى ليكوديين. الأعداد تتزايد، وهذا ليس فقط من اليسار الكلاسيكي البالغ». ويضيف: «عندما رفعنا الشعار «يوم البي باستيل»، تيمنا بالثورة الفرنسية التي اخترقت قلعة الباستيل، لم نتوقع أن يفهم ويتفهم الناس ما نقول. لكن الجمهور يبدي نضوجا مذهلا. لم يعد نتنياهو قادرا على تضليل كل الناس. محاولته المسرحية لتفجير حرب أهلية، فشلت فنحن نعرف أنه لا يوجد عندنا وضع تنشب فيه حرب أهلية. وحتى التحريض ضد اليسار لا ينفعه، وإذا أراد أن يجري اليوم مظاهرة ضد اليسار فسيحضر في الحد الأقصى 500 شخص. في يوم أمس بلغ عدد المتظاهرين لدينا حوالي الألفين، ومقابلنا تظاهر 10 أشخاص من اليمين».
ويقول يغئال رمبام، وهو أيضا من قادة هذه المظاهرات، إن الهدف هو «أن نجعل ضغط الشارع قادرا على ترجمة المظاهرات إلى فعل، يقوم بموجبه نتنياهو بمغادرة «بلفور» (المقصود مقر رئاسة الوزراء القائم في شارع بلفور). أنا آمل أن يتم تشويش النظام. حلمي هو رؤية عشرة آلاف شخص وهم يجلسون حول بلفور ولا يسمحون لنتنياهو بالخروج. هذا عدائي جدا، لكنه أيضا غير عنيف وفعال.

وإذا لم يكن هذا فعلينا قطع طريق أيلون (وسط تل أبيب)، لكن ليس في الحادية عشرة ليلا، بل في يوم الأحد الساعة السابعة صباحا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.