رجال دين شيعة يرفضون طرح الحياد... وقبلان يعتبره «خيانة»

عون يربط هذا الخيار بالتوافق الوطني اللبناني

نائب رئيس ​المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى​ الشيخ علي الخطيب
نائب رئيس ​المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى​ الشيخ علي الخطيب
TT

رجال دين شيعة يرفضون طرح الحياد... وقبلان يعتبره «خيانة»

نائب رئيس ​المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى​ الشيخ علي الخطيب
نائب رئيس ​المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى​ الشيخ علي الخطيب

تحرك رجال الدين الشيعة أمس رفضاً للنقاش القائم حول دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي في الأسبوع الماضي إلى حياد لبنان، وذلك انطلاقاً من ثابتة «عدم الحياد في الصراع مع إسرائيل»، وسط دعوات إلى «التركيز على ما يجمع ولا يفرق»، في وقت لا يزال فيه الرئيس اللبناني ميشال عون يصر على أن أي خيار سياسي من هذا النوع يحتاج إلى توافق وطني.
وبينما تتجه الأنظار إلى عظة البطريرك الراعي غداً الأحد، قال مصدر وزاري مطلع على موقف الرئيس عون، إنه ينظر إلى موضوع الحياد وسواه من المواضيع التي تعني كافة أطياف المجتمع اللبناني، على أنها تحتاج إلى توافق وطني، وهو ما يقتضيه الواقع اللبناني الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الموضوعات المرتبطة بمواد خلافية: «يفترض أن يكون عليها توافق بين الجميع، بالنظر إلى أنه لا يمكن أن تتفرد بها جهة دون أخرى».
وذكر المصدر أن الرئيس عون كان واضحاً خلال لقائه البطريرك الراعي في أن التوافق هو الأساس لأي خيار يتناول الواقع اللبناني، وهو الضمانة الأساسية لأي صيغة: «تجنباً لتباينات مرتبطة بأي مادة خلافية في ظل هذه الظروف الاستثنائية في الداخل، لجهة الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، وفي المنطقة»؛ مشيراً إلى أن عون «يصر على أن الوفاق الوطني ضمانة للوحدة، وأي ملف تتباين حوله الأطراف يحتاج لموافقة جميع المكونات الوطنية».
وبينما تحث أطراف سياسية لبنانية، مثل «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» و«الكتائب اللبنانية» على انتهاج «الحياد لإنقاذ لبنان»، يتجنب «حزب الله» و«حركة أمل» الخوض في النقاش حول فكرة الحياد، وسط تأكيد مصادر نيابية شيعية لـ«الشرق الأوسط» أن «لا حياد في الصراع مع إسرائيل، وهو أمر محسوم ولا نقاش فيه»، في وقت أكد فيه عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم أن «الحاجة اليوم إلى ما يجمع ويوحد اللبنانيين، بغية إيجاد مساحة مشتركة للتلاقي، ونحن بغنى عن أي طرح يزيد من حدة الأزمة الداخلية».
ولا تزال خطوط التواصل بين «حزب الله» والبطريركية المارونية قائمة عبر اللجنة المشتركة، بحسب ما أعلن نائب أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في الأسبوع الماضي، واصفاً العلاقة مع البطريركية بـ«الجيدة».
وفي مقابل الصمت السياسي حيال دعوة الراعي، عبر رجال الدين الشيعة، من مختلف المؤسسات الدينية، عن رفض الحياد في الطرح السياسي القائم، واعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب أمس «أن الحديث عن موقف حيادي للمظلوم من الظالم لا معنى له، وإن صدر عن حسن نية، وهو يأتي في الوقت الذي تشتد فيه الضغوط على لبنان»، داعياً «أصحاب هذه الدعوات (البطريرك) إلى عدم الوقوع في هذا الفخ». وقال: «لا يجوز تحميل المقاومة مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي»، كما «لا يجوز العمل على إثارة الانقسام الداخلي، وتفكيك قواه التي حمت لبنان، المتمثلة بالشعب والجيش والمقاومة».
كذلك اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن الحياد في هذه المعركة حرام وخيانة؛ لأن الحياد في معركة خنق البلد هروب واستسلام، كما أن الحياد بحسابات مذهبية ودينية وثقافية ونمطية رغم فساد الفاسد وظلم الظالم أمر كارثي، فلا حياد في حرب الوطن، ولا حياد في مصالح البلد، ولا حياد في معركة الحق، ولا حياد في معركة الاستقلال والسيادة، ولا حياد في مواجهة الظالم والفاسد والمعتدي، كما أنه لا حياد في وجه الحصار المالي، ولا حياد في وجه تماسيح اللعبة المالية النقدية الداخلية والخارجية».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.