الحريري يصالح جمهوره... ومؤتمر «المستقبل» سيمنحه صلاحيات استثنائية

لاستعادة الثقة وردم الهوة بين القيادة والقاعدة

TT

الحريري يصالح جمهوره... ومؤتمر «المستقبل» سيمنحه صلاحيات استثنائية

يعقد المؤتمر العام لتيار «المستقبل» في 25 الشهر الجاري، في ظل تدحرج الوضع الداخلي نحو مزيد من التأزم الاقتصادي والمالي والاجتماعي، وهذا ما يدفع بالذين يواكبون التحضيرات لانعقاده إلى الرهان على أنه يشكل أول محاولة جدية للتأسيس لمرحلة جديدة.
ويؤكد هؤلاء لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي سيعاد انتخابه رئيساً لـ«التيار الأزرق» بات على قناعة بأن من مهامه الأولى إعادة ترتيب بيته الداخلي، بدءاً بالالتفات لردم الهوة بين القيادة والقاعدة الحزبية والجماهيرية التي تشكو من انقطاع التواصل واستحضارها عندما تدعو الحاجة، ويضيفون أن الحريري بدأ منذ فترة طويلة يستشعر الخطر الناجم عن القطيعة بين قاعدته الحزبية والجماهيرية وقيادة «المستقبل» التي لم تحسن التواصل معها لتبديد القلق الذي يساورها، والذي انعكس في الآونة الأخيرة إلى حالة من الضياع السياسي، ويؤكدون أنه قرر أخيراً التدخل بخطوات ملموسة في الشأن الحزبي، تمهيداً لإعادة ترتيب الوضع الداخلي لـ«التيار الأزرق» في ظل تراجع حضوره السياسي من جهة، وتبلد مكتبه السياسي الذي كاد يغيب كلياً عن الساحة.
ويعتبر هؤلاء أن قرار الحريري بالتدخل المباشر هو اعتراف منه بأنه يتحمل مسؤولية الخلل الذي أصاب قاعدته، وأن المكتب السياسي والأمانة العامة والمنسقيات ما هم إلا شركاء في التقصير الذي كان وراء عدم التفاتهم إلى السواد الأعظم الذي يشكل القوة الضاربة لـ«التيار الأزرق»، ويتعامل هؤلاء مع تدخل الحريري للتصالح مع جمهوره بأنه دليل على رغبته في التواصل مع قاعدته، وهذا ما لم يحصل من قبل، ربما لانشغاله لوجوده على رأس الحكومة، وعدم وجود من ينوب عنه للتعويض عن التقصير في التواصل معهم.
ويكشف المواكبون أن المؤتمر يجب أن يدفع باتجاه إعادة الاعتبار لحضور «التيار الأزرق»، وهذا ما يسعى له الحريري الذي باشر منذ فترة طويلة اتخاذ مجموعة من الخطوات، أبرزها تفعيل عمل كتلة «المستقبل»، والإفادة من خبرات قدامى الحريريين، وبعضهم من كانوا في عداد معارضي التسوية التي أدت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
ويضيف هؤلاء أن مؤتمر «المستقبل» الذي يشرف عليه النائب السابق أحمد فتفت بمعاونة آخرين، سيمنح الحريري صلاحيات استثنائية تتيح له التصرف كلياً في إعادة ترتيب البيت الداخلي، على قاعدة الإجازة له بتعيين أعضاء هيئة الرئاسة الذين هم بمثابة نواب للرئيس، واستحداث مجلس مركزي أشبه ببرلمان يضم 200 شخص، على أن يحق له تعيين 50 منهم، ويؤكدون أن إقرار الهيكلية التنظيمية يشكل الإطار العام للخوض في تجربة التعيين؛ شرط ألا تكون معلبة.
وقد يلقى منح الحريري صلاحيات واسعة تأييداً؛ خصوصاً في تعيين نوابه وأعضاء المجلس المركزي الذي يتشكل من النواب والوزراء الحاليين والسابقين والمحاربين القدامى، إلى جانب مسؤولي المنسقيات الحاليين والسابقين؛ لكن أكثرية الحضور تميل إلى تأييد طلب الحريري صلاحيات استثنائية، انطلاقاً من تحميله مسؤولية حيال إعادة الروح إلى «التيار الأزرق» وتفعيل دوره، مع الإشارة إلى إلغاء المكتب السياسي والأمانة العامة ومنصب الأمين العام، ودمج الإعلام لجهة حصر مرجعيته للحريري.
وفي سياق التحضير للمؤتمر، علمت «الشرق الأوسط» أن الخطاب الذي سيلقيه الحريري فور انتخابه سيكون بمثابة وثيقة سياسية واقتصادية، تتضمن الرغبة في إعداد قانون انتخابي جديد، على أن تصدر عن المؤتمر وتشكَّل خريطة طريق لـ«التيار الأزرق» الذي سيجدد تحالفه مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» وانفتاحه على التعاون مع حزب «القوات اللبنانية» على أساس القطعة في الملفات الداخلية، والتحالف الاستراتيجي على مستوى الثوابت المحلية.
ويؤكد المواكبون أن النداءات المتكررة للبطريرك الماروني بشارة الراعي ستكون حاضرة بامتياز في الوثيقة السياسية، لجهة تبنيه بالكامل لكل ما ورد فيها، ويقولون بأن تفاهم الحريري مع رئيس المجلس النيابي ثابت لا تراجع عنه؛ لما يشكله من صمام أمان للحفاظ على التوازنات الداخلية، وهذا ينسحب أيضاً على رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، مع الإبقاء على التواصل مع حزب «الكتائب» والشخصيات الاستقلالية، والانفتاح على معظم مطالب «الحراك الشعبي» وتأكيد تحالفه مع رؤساء الحكومات السابقين، في مقابل الإبقاء على ربط النزاع مع «حزب الله» واستمرار القطيعة مع كل من الرئيس عون و«التيار الوطني الحر»، وهذا يدحض مقولة تواصل الحريري معهما من تحت الطاولة للعودة إلى رئاسة الحكومة.
وبالنسبة إلى الحكومة، فإن «المستقبل» يتعامل معها على أنها حكومة لتصريف الأعمال، وأن رئيسها حسان دياب يتحمل مسؤولية استمرار التدهور المالي والاقتصادي، ولم يتمكن من إثبات حضوره داخلياً وخارجياً.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».