واشنطن: عودة النازحين السوريين يجب أن تكون بطريقة طوعية

شينكر يتهم «شركاء الحكومة في حزب الله» بعرقلة الإصلاحات

TT

واشنطن: عودة النازحين السوريين يجب أن تكون بطريقة طوعية

اعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر، أن من المبالغة القول إن حكومة لبنان منخرطة في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فما يحصل هو نقاش لم يصل بعد إلى مرحلة التفاوض الفعلي.
وانتقد شينكر خطة الحكومة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين؛ مؤكداً أنه لا يمكن لهؤلاء العودة إلى ديارهم إلا بطريقة طوعية، وعندما تكون بلادهم آمنة. وقال إن بلاده ملتزمة بمساعدة لبنان على تحمل عبء اللاجئين السوريين على أراضيه، من خلال المساعدة الإنسانية المستمرة.
ولفت شينكر إلى أن الحكومة اللبنانية لا تزال تحاول تحديد كمية الأموال التي يملكها لبنان في حساباته، وأنها «لم تفعل الكثير لدفع الأمور إلى الأمام»، مرجعاً السبب إلى من سماهم «شركاء الحكومة في حزب الله» الذين يعارضون الإصلاح المالي، باعتبار أنه سيضر بقدرتهم على جني أرباح من المؤسسات المالية اللبنانية.
وانتقد شينكر في حوار مع مجموعة «ألفا أوكتوبس» التي تنشط ضمن الحراك الشعبي اللبناني، اعتراض الرئاسة اللبنانية على قانون يضمن توظيف أشخاص حسب المؤهلات، وإصرارها على بناء ثلاث محطات لتوليد الكهرباء، في حين ينصح صندوق النقد الدولي وآخرون ببناء محطة واحدة فقط، معتبراً أن هذا كله لا يوحي للشركاء الدوليين بأن الحكومة جادة بشأن الإصلاح.
كما اعتبر أن بلاده لا تستطيع مساعدة لبنان إذا لم يساعد نفسه، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر مانح للبنان، ففي العام الماضي قدمت 750 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين للبنان، وقدمت نحو 30 مليون دولار هذا العام لمساعدته في مواجهة وباء «كورونا»، وأن المساعدات الأميركية للبنان بلغت على مدى الأعوام العشرين الماضية نحو 5 مليارات دولار.
وحذر شينكر من الخيار الصيني الذي يروج له «حزب الله» معتبراً أن الصين لا تتنازل عن أي شيء، وإنها ستقرض لبنان بعض الأموال، وعندما لا يتمكن لبنان من تسديدها فستأخذ إيجاراً لمدة 99 عاماً على الميناء من دون مقابل.
وفيما خص «قانون قيصر» رأى شينكر أنه لن يؤثر على لبنان واقتصاده؛ بل على من يريدون التعامل مع نظام الأسد، أو يبرمون صفقات نيابة عنه، وعلى «حزب الله» كما هو الحال مع العقوبات الماضية، معتبراً أنه من الممكن إجراء ترتيبات للإعفاء من العقوبات بالنسبة للصادرات اللبنانية المتوجهة إلى الخليج.
وفي حين لفت شينكر إلى أن الولايات المتحدة تُعلم وبشكل مسبق السلطات اللبنانية والبنك المركزي بالحسابات التي تجب مراقبتها، رأى أن العقوبات المفروضة على «جمال ترست بنك» لم تكن السبب في انخفاض التصنيف الائتماني للبنان من B- إلى CCC؛ بل سوء الإدارة المالية من قبل السلطات اللبنانية.
وعن احتمال توجيه ضربة إسرائيلية إلى لبنان، اعتبر شينكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثبت أنه حذر للغاية لجهة الإقدام على أي عمل عسكري في المنطقة، وأن بلاده لا تتوقع حرباً على الجبهة اللبنانية في وقت قريب؛ لكن ما يفعله «حزب الله» من تطوير أسلحة خطير للغاية، ويعرض لبنان واقتصاده لخطر كبير.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.