دعم شيعي «مشروط» لجهود الكاظمي لضبط الحدود

مطالبات بإجراءات مماثلة تطال معابر إقليم كردستان

TT

دعم شيعي «مشروط» لجهود الكاظمي لضبط الحدود

تحظى جهود رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي المتعلقة بفرض سيطرة الدولة على منافذ البلاد البرية والبحرية، وتخليصها من قبضة الأحزاب والفصائل المسلحة والعشائر النافذة، باهتمام ودعم واسعين على المستويين الشعبي والرسمي.
ويأمل كثيرون أن تكلل مساعي الكاظمي في أحكام السيطرة النهائية على منافذ البلاد التي تعاني من الفوضى وسوء الإدارة والفساد منذ 17 عاماً. وكان الكاظمي دشن السبت الماضي، حملة حكومية لفرض سلطة الدولة على منافذ البلاد في محافظة ديالى (شرق) المحاذية للحدود مع إيران، ثم عاد، أول من أمس، وزار ميناء أم قصر ومنفذ سفوان الحدودي مع دولة الكويت في محافظة البصرة الجنوبية، وتعهد خلالها بـ«حصر السلاح بيد الدولة وإخضاع المنافذ الحدودية لسلطة القانون وليس الفاسدين». وأمر الكاظمي القوات الأمنية بمنع أي قوة أو جهة تحاول الدخول عنوة إلى ما سماه «الحرم الجمركي»، باعتبار أن «الموانئ تعد من أهم المنافذ الحدودية في كل دول العالم، فهي تشكل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد» على حد قوله.
وتناقلت وسائل إعلام محلية أمس، مجموعة أوامر أصدرها الكاظمي تتعلق بإعادة الهيكلة الإدارية والمناصب الحكومية في موانئ ومنافذ البصرة، وتضمنت إعفاء مديري مراكز ميناء أم قصر الشمالي والجنوبي والأوسط، بجانب إعفاء مدير جمرك بوابة البصرة. ورغم تشكيك بعض الاتجاهات العراقية في قدرة الحكومة على توجيه «ضربة قاصمة» لجماعات النفوذ في غالبية المنافذ والموانئ العراقية على المدى القريب لأسباب كثيرة، فإن كثيرين يعتقدون أنها بداية ضرورية وإجراءات مهمة طال انتظارها لفرض هيبة الدولة على منافذ البلاد الحدودية.
وفي مقابل ترحيبها بإجراءات الكاظمي، تشترط غالبية القوى السياسية الشيعية أن تشمل أيضاً، السيطرة على المنافذ الحدودية في إقليم كردستان الذي يشترك بحدود طويلة مع تركيا وإيران، وفيها ما لا يقل عن 5 منافذ رسمية، إلى جانب منافذ كثيرة غير رسمية. وفي هذا الإطار، أعلن ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي دعمه لإجراءات الكاظمي، لكنه طالب بشمول جميع منافذ البلاد بها وضمنها إقليم كردستان.
ودعم الائتلاف، في بيان، أمس «إجراءات حكومة الكاظمي الهادفة لبسط سلطة الدولة على بعض المنافذ البرية والبحرية، وطالبها في الوقت نفسه بشمول جميع بوابات الدولة ومنافذها البرية والبحرية والجوية بنفس الإجراءات لضمان امتداد سلطة وسيادة الدولة على جميع منافذها من شمالها (إقليم كردستان) لجنوبها». وشدد الائتلاف على أن «سيادة الدولة لا تتجزأ، وعلى السلطات الاتحادية ممارسة صلاحياتها الدستورية على جميع أراضي الدولة، لحفظ وحدتها وسيادتها من الفوضى والتمرد والاستلاب».
وتطابقت وجهة نظر أمين عام حركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، الداعمة لإجراءات الكاظمي، مع وجهة النظر التي عبّر عنها ائتلاف «النصر»؛ حيث قال الخزعلي في تدوينة، عبر «تويتر»، أمس: «ندعم إجراءات الحكومة بالسيطرة على المنافذ الحدودية مع تأكيدنا على ضرورة بسط السيطرة على باقي المنافذ في إقليم كردستان وعدم اقتصار الإجراءات على منافذ الوسط والجنوب».
بدوره، اعتبر القيادي في الحزب «الديمقراطي» الكردستاني شوان محمد طه، أن «الإقليم لا يمانع أي خطوات تقوم بها الحكومة الاتحادية لضبط منافذ وحدود البلاد شرط أن تتطابق مع الدستور وما يقرّه من صلاحيات للمركز والإقليم». وقال طه لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا أي اعتراض، وقد تحدثت الوفود الكردية التي زارت بغداد مؤخراً حول قضية المنافذ، وهناك ما يشبه الاتفاق حول الأمر بين حكومتي بغداد والإقليم. ربما تكون إحدى مطالب الإقليم هي أن تتم الاستعانة بموظفين من المكونات كافة في المنافذ، ولا يقصر الأمر على موظفين مبعوثين من بغداد». وأضاف أن «حكومة الإقليم التي هي جزء من السلطات الفيدرالية الاتحادية في البلاد، كانت وما زالت داعمة لحكومة رئيس الوزراء الكاظمي، وتريد اعتماد الدستور للتفاهم حول جميع القضايا الخلافية بين الجانبين».
من جهتها، اعتبرت النائبة عالية نصيف عن ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أمس، أن «زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى البصرة منعطف مهم باتجاه فرض سلطة الدولة على مؤسساتها كافة، وتحريرها من قبضة مافيات الفساد». وقالت نصيف، في بيان: إن «أهم ما تضمنته زيارة الكاظمي هو اتخاذه خطوة جريئة وشجاعة بإحكام قبضة المؤسسة التنفيذية على المنافذ الحدودية والموانئ، وهذه الخطوة تأتي لفرض سيطرة الدولة وعدم الخضوع لسلطة الفاسدين، وهي رسالة إلى العابثين بمقدرات البلد وسراق المال العام بأن لا مكان لكم في مستقبل العراق». وأشارت نصيف إلى أن «مكافحة الفساد عملية صعبة لكنها ليست مستحيلة، بدليل أن زيارة ميدانية حسمت كثيراً من الأمور، ونأمل أن تكون الخطوة القادمة في شمالنا الحبيب (إقليم كردستان)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.