حفتر يلتقي وفداً أميركياً لبحث وقف النار

معلومات عن «مفاوضات سرية} لإقناع {الجيش الوطني} بالتراجع عن سرت إلى أجدابيا

عناصر «كتيبة طرابلس» الموالية لحكومة {الوفاق} في عرض عسكري وسط طرابلس (أ.ف.ب)
عناصر «كتيبة طرابلس» الموالية لحكومة {الوفاق} في عرض عسكري وسط طرابلس (أ.ف.ب)
TT

حفتر يلتقي وفداً أميركياً لبحث وقف النار

عناصر «كتيبة طرابلس» الموالية لحكومة {الوفاق} في عرض عسكري وسط طرابلس (أ.ف.ب)
عناصر «كتيبة طرابلس» الموالية لحكومة {الوفاق} في عرض عسكري وسط طرابلس (أ.ف.ب)

التقى المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، بمقره في الرجمة (شرق) أمس، وفدا عسكريا وسياسيا أميركيا رفيع المستوى، وصفته مصادر مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط» بوفد «الفرصة الأخيرة» للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وسط معلومات غير رسمية عن «مقترح أميركي لإخلاء منطقة الهلال النفطي الحيوية من أي قوات عسكرية، وإشراف قوات أوروبية عليها برعاية الأمم المتحدة». وفي غضون ذلك نقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، عن مصادر مقربة من وزير داخليتها، فتحي باشاغا، حدوث تعديل وزاري وشيك، يشغل بموجبه منصب وزير الدفاع، الذي يتولاه رئيس الحكومة السراج، مؤكدة اعتزام أغا الاستقالة من منصبه الحالي.
ورغم ارتفاع وتيرة طبول الحرب. لكن مصادر ليبية مطلعة قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن مفاوضات سرية تجري حالياً بين عدة أطراف إقليمية ودولية لإقناع حفتر، ومن وصفتهم بحلفائه الروس، بالتراجع عن سرت إلى مدينة أجدابيا، مقابل عدم إقدام قوات حكومة «الوفاق»، التي تدعمها أنقرة، على شن هجوم تتحضر له منذ بضعة أسابيع للسيطرة على منطقتي سرت والجفرة.
ووسط تهديدات أميركية معلنة لحفتر بمواجهة العزلة والتعرض لعقوبات أميركية ودولية في حال استمرار موقفه الرافض لاستئناف إنتاج النفط مجددا، كشفت مصادر النقاب عن تهديد تركي جديد باستهداف مقر حفتر بالرجمة (شرق)، حال اندلاع مواجهة عسكرية مع قوات «الوفاق». وقالت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، إن «طائرات حربية تركية أجرت مؤخراً سلسلة مناورات عسكرية قبالة السواحل الليبية، من بينها محاكاة استهداف المقر العام للجيش، بهدف توجيه ضربة استباقية، تستهدف مركز اتصالاته ببقية غرف العمليات العسكرية التابعة له».
وأكد مسؤول عسكري بالجيش الوطني، رفض ذكر اسمه، أن «المخطط التركي استدعى تعزيز الحماية من أي ضربات جوية محتملة»، لكنه رفض الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.
وقال خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، إن قواته تتمتع بقدرات جيدة للدفاع الجوي، مما يقيد حركة طائرات «الدرون» التركية، مشيرا إلى أن أنقرة وجهت عدة طائرات مسيرة لضرب خط إمداد مياه بعيدة عن سرت.
من جانبه، لفت اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، إلى استمرار تحشيد قوات «الوفاق»، وجلب المزيد من المرتزقة الموالين لها من سوريا عبر مصراتة، وقال في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، إن «المعركة لن تكون للجيش الوطني وحده»، مشيرا إلى احتمال تدخل عربي وأجنبي، على اعتبار أن «مخطط إردوغان يهدد الأمن والسلم في المنطقة».
وزعمت قوات «الوفاق» أنها رصدت وصول ما وصفته بـ«إمدادات عسكرية» قادمة من مصر إلى مدينة طبرق (شمال شرقي ليبيا)، وبثت على صفحتها الرسمية صورة لسيارات نقل مخصصة لحمل الأسلحة والعتاد الحربي، يقف بمحاذاتها أشخاص يرتدون زياً عسكرياً، دون أي تفاصيل إضافية.
وقالت قوات «الوفاق» على لسان الناطق باسم غرفة تحرير سرت والجفرة إنها رصدت انسحاب مجموعات من مرتزقة «فاغنر» و«الجنجويد» من مدينتي هون وسوكنة في اتجاه شرق البلاد.
إلى ذلك، قالت مصادر في قوات «الوفاق» إنها تبادلت أمس 8 أسرى مع قوات الجيش الوطني شرق مدينة سرت، وذلك في إطار مفاوضات غير معلنة، برعاية بعثة الأمم المتحدة، بينما استمر وصول تعزيزات عسكرية للطرفين على تخوم مدينة سرت، التي تشهد هدوءاً منذ أكثر من شهر، ويترقب محيطها بداية المعركة.
وعلى صعيد متصل، طلب رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، من رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي، في روما خلال اجتماعهما مساء أول من أمس، العمل على تثبيت وقف إطلاق النار في خط التماس، كي لا تكون ليبيا مسرحا للعمليات العسكرية، التي تلحق الضرر بالمنشآت النفطية والحيوية الليبية، وأكد أن عدم الالتزام بوقف إطلاق النار «سيقود إلى حرب طاحنة في ليبيا لا يعلم نتيجتها إلا الله». كما دعا صالح، وفقا لما أوضحه مستشاره الإعلامي، إيطاليا إلى حث بعثة الأمم المتحدة في ليبيا للإسراع في دعوة لجنة الحوار لتشكيل السلطة التنفيذية الجديدة المكونة من رئيس ونائبين، ورئيس وزراء ومجلس رئاسي، على أن يسمي كل إقليم من يمثله في هذا المجلس، وشدد على ضرورة التوزيع العادل لعوائد النفط على كل الليبيين بإشراف دولي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.