حملة اعتقالات في تركيا وتراشق بين إردوغان وزعيم المعارضة

TT

حملة اعتقالات في تركيا وتراشق بين إردوغان وزعيم المعارضة

أطلقت الشرطة التركية حملات متزامنة للقبض على 60 مشتبهاً بالانتماء إلى حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن التي تتهمها السلطات بالوقوف وراء محاولة انقلاب وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، وذلك بالتزامن مع إحياء الذكرى الرابعة لمحاولة الانقلاب.
وأصدر المدعي العام للعاصمة التركية أنقرة، أمس (الأربعاء)، أوامر اعتقال بحق 60 شخصاً في 30 مدينة بدعوى ارتباطهم بحركة غولن. وتواصل السلطات التركية حملاتها المستمرة على المشتبهين بالانتماء لحركة غولن منذ 4 سنوات، حيث أعلنت حالة الطوارئ لمدة عامين تم خلالهما طرد أو وقف أكثر من 180 ألف شخص عن العمل في مختلف مؤسسات الدولة، كما اعتقل عدد مماثل وحكم على 80 ألفاً من بين نحو نصف مليون شخص خضعوا للتحقيق، كما أغلقت مئات المدارس والجامعات والمنصات الإعلامية، وبعد رفع حالة الطوارئ في يوليو 2018 استبدلت ببعض المواد في قانون مكافحة الإرهاب التي سمحت بالاستمرار فيما تسميه الحكومة «عملية التطهير» للقضاء على وجود عناصر غولن في مختلف مؤسسات الدولية العسكرية والمدنية بدعوى استمرار الخطر على أمن البلاد.
وتثير الحملة انتقادات واسعة من المعارضة التركية وحلفاء تركيا الغربيين والمنظمات الحقوقية الدولية، بعدما توسعت لتشمل بحسب هذه الأطراف، جميع معارضي الرئيس رجب طيب إردوغان من مختلف الاتجاهات. وينفي غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية منذ عام 1999 كمنفى اختياري، أي تورط في محاولة الانقلاب، ورفضت واشنطن طلبات متكررة من حكومة أنقرة لتسليمه. وبينما أحيت تركيا أمس الذكرى الرابعة لمحاولة الانقلاب الفاشلة، جرى تراشق بين زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو والرئيس رجب طيب إردوغان حول حقيقة وقوع محاولة الانقلاب. واستبق كليتشدار أوغلو هذه الاحتفالات، خلال اجتماع مع الكتلة البرلمانية لحزب في وقت متأخر أول من أمس، قائلاً إنه ليس من قبيل الصدفة أن إردوغان كان في منتجع مارمريس في بحر إيجة جنوب غربي البلاد، ليلة وقوع الانقلاب الفاشل، ملمحاً إلى أنه كان على علم مسبق بمحاولة الانقلاب عليه، ما يفسر وجوده وقتها في مخبأ له في ولاية موغلا الساحلية.
ووصف كليتشدار أوغلو الرئيس التركي بأنه هو نفسه أحد الأذرع السياسية لحركة «الخدمة» التابعة لغولن، وهي جماعة دينية يقودها رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، قائلاً «لقد قام بتثبيت أقدامهم بالدولة، ووضعهم في جميع المجالات، ولم يكن هذا كافياً وقام بتعيينهم في المحكمة العليا، والآن يسألون، من هو الجناح السياسي لحركة غولن؟». واتهم كليتشدار أوغلو إردوغان بمحاولة تضليل الشعب وإخفاء تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية على الرغم من مرور 4 سنوات على وقوع محاولة الانقلاب، قائلاً «أود مخاطبة أولئك الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إردوغان منع شخصين من المثول أمام اللجنة، هذان الشخصان مهمان للغاية، أحدهما وكيل وزارة الزراعة والتجارة والآخر رئيس أركان، كلاهما يعرف تفاصيل ما حصل، لماذا منع إردوغان هذين الاسمين؟». وأضاف أن «تقرير لجنة التحقيقات التي تشكلت عقب محاولة الانقلاب في 15 يوليو، لم ينشر منذ 4 سنوات. لماذا؟ لماذا هم خائفون؟ إنهم لا ينشرونه حتى لا يرى الناس الحقائق». وتابع، أن إردوغان قمع الصحافيين الأتراك الذين كتبوا تقارير عن أنشطة المخابرات التركية خارج البلاد وداخلها، وآخرها الصحافية ميسر يلديز التي شاركت في تقرير حول جنازة ضابط المخابرات التركي الذي قتل في ليبيا، حيث تمت محاكمتها بتهمة «التجسس السياسي والعسكري» على تركيا.
في المقابل، قال إردوغان، في كلمة بمناسبة ذكرى محاولة الانقلاب: «في الوقت الذي نزل فيه جميع أبناء الشعب إلى الشوارع بشجاعة كبيرة، هرب زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو إلى المنزل، وأخذ يتابع مجريات الأحداث في مطار أتاتورك وفي الميادين عبر شاشة التلفزيون».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.