«الشخصية» و«الإصلاح» و«العلاقات» تهيمن على مضامين التنافس لرئاسة «التجارة العالمية»

مرشحو مصر والمكسيك ونيجيريا يؤكدون إعادة ترتيب المنظمة داخلياً وإحياء دور المفاوضات خارجياً

المرشح المصري يشرح ملف ترشحه لمنصب رئيس منظمة التجارة العالمية أمس في جنيف (الشرق الأوسط)
المرشح المصري يشرح ملف ترشحه لمنصب رئيس منظمة التجارة العالمية أمس في جنيف (الشرق الأوسط)
TT

«الشخصية» و«الإصلاح» و«العلاقات» تهيمن على مضامين التنافس لرئاسة «التجارة العالمية»

المرشح المصري يشرح ملف ترشحه لمنصب رئيس منظمة التجارة العالمية أمس في جنيف (الشرق الأوسط)
المرشح المصري يشرح ملف ترشحه لمنصب رئيس منظمة التجارة العالمية أمس في جنيف (الشرق الأوسط)

انطلقت، أمس، في العاصمة السويسرية جنيف حمى التنافس لقيادة «منظمة التجارة العالمية» بأجندة جاء أبرز ما فيها التأكيد على قوة الشخصية ومعرفة منافذ الإصلاح وعمق العلاقات الدولية، إذ شرع مرشحو المكسيك ومصر ونيجيريا بالكشف عن تفاصيل مرئياتهم أمام 164 عضواً في المجلس لإدارة دفة المنظمة، في خضمّ تحديات ماثلة، أبرزها الحرب التجارية وأزمة الاقتصاد العالمي الحادة.
وشرع في رحلة الارتقاء لمنصب المدير العام في المنظمة كل من الدكتور خيسوس سعادة خوري مرشح المكسيك، بجانب الدكتورة نغوزي أوكونجو إيويالا مرشحة نيجيريا، وعبد الحميد ممدوح مرشح مصر، وأدلوا بتصوراتهم والرد على الاستفسارات من الأعضاء ووسائل الإعلام العالمية.
ويأتي التنافس المحموم بين المرشحين بعد أن أعلن البرازيلي روبرتو أزفيدو ترك منصبه بصورة مفاجئة في منتصف مايو (أيار) الماضي، والتخلي عن مهامه رسمياً، في نهاية أغسطس (آب)، قبل عام من انتهاء ولايته، مشيراً إلى «أسباب عائلية»، في وقت سيتولى فيه أحد مساعديه رئاسة المنظمة بانتظار تعيين خلف له.
ومع انطلاق رحى المنافسة بين ثمانية مرشحين (ثلاثة أفارقة وآسيويان وأوروبيان وأميركي لاتيني) حتى الجمعة المقبل لتولي المنصب الدولي، سيكون لدى المرشحين بضعة أسابيع حتى السابع من سبتمبر (أيلول)، لإقناع العواصم، قبل أن تتوافق الدول على اختيار الرئيس المقبل خلال اجتماع خاص في جنيف، بينما تجري التصفية بين المرشحين تباعاً اعتباراً من 8 سبتمبر، وفق آلية توافق قد تستغرق شهرين. إلى تفاصيل أكثر في رحلة المرشح المحتمل لمدير عام المنظمة، في التقرير التالي:

السمات الشخصية
وقدم أمس المرشح المكسيكي الدكتور جوزي سعادة خيسوس نفسه، بعد أن عرض في جلسة مستقلة أمام أعضاء المنظمة مرئياته التي سيسير بها إدارة منظمة، حيث أكد أن ما يتميز به هو الخلفية السياسية والدولية الواسعة ومعرفته بإدارة المنظمات الدولية.
وقال سعادة إن منظمة التجارة تحتاج في هذه المرحلة من عمرها لشخصية قوية عارفة بكيفية إدارة المنظمات وملمة بأساليب الإصلاح، مستطرداً: «أنا على ثقة بقدرتي إيجاد آلية للنقاش في صراعات وتجاذبات التجارة العالمية الحالية... وسننتهي بنتائج مرضية لجميع الأطراف بمقترحات سيمتد مفعولها لوقت طويل».
وأبان سعادة خلال مؤتمر صحافي حضوري وافتراضي عقدته منظمة التجارة عقب اجتماع الأعضاء للنظر في مرئيات المرشح، أن الأزمة الحقيقية في إدارة المنظمة الفترة الماضية كانت بسبب عدم القدرة على فرض مباحثات متوائمة مع التطورات الجديدة في العالم، وهو التحدي البارز، مبيناً أنه سيعمل على وضع آليات اتصال فاعلة تسفر عن خطوات حلول مهمة.
وأضاف أن الدعم السياسي مهم في عمل «منظمة التجارة العالمية»، بل عدها ضرورة لا مناص منها لحل الأزمات والمشكلات العالقة، مفيداً بأن عليه التواصل المستمر مع وزراء الخارجية وغيرهم في الدول لفكّ عقد الإشكاليات.
وأكد سعادة على أنه سيستفيد من اتصالاته العمقية مع جميع البلدان، لا سيما علاقاته الواسعة في كل القارات، منها الدول اللاتينية والأفريقية والأوروبية، مضيفاً: «لقد عملت في بلدان كثيرة منها فرنسا وبريطانيا والبرازيل وهونغ كونغ والولايات المتحدة والصين... ساهمت في تكوين شخصيتي وصقلتني بالتجربة والخبرة الدولية».

منافذ الإصلاح
من جهة أخرى، قالت المرشحة النيجيرية وزيرة المالية والخارجية السابقة الدكتورة نغوزي أوكونجو إيويالا إنها ستستخدم أدوات الإصلاح التي اكتنزتها من تجربتها الطويلة في بلدها ودولياً، مضيفة أن لديها كل السمات الشخصية التي تمكنها من تحقيق أهداف النهوض بالمنظمة، مستندة على علاقات دولية واسعة، وواضعة مناصرة التوجهات الدولية الإيجابية في مقدمة مرئيات إدارتها حال الفوز.
وذكرت إيويالا: «أشجّع على اتخاذ القرارات الفاعلة وإطفاء الأزمات بكل سرعة وتسخير جميع الوسائل المتاحة بينها التكنولوجيا في عمل المنظمة وارتباطها بالمنظمات الأخرى»، مشددة على أهمية إجراء تعديلات جذرية على لوائح وقواعد الاتفاقيات المشتركة، مستطردة: «تحتاج إلى مزيد من المراجعة والإصلاح والاستفادة من التجربة السابقة».
ولفتت إيويالا على أنها تعمل على الوصول إلى نموذج في إدارة المنظمة دولياً يضمن الاستقرار والاستدامة، في وقت ستمنح الفرصة الواسعة أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر مزيد من منحها موارد ومصادر تمويل داخلية وخارجية للوقوف على أقدامها. ورغم أن المرشحة النيجيرية بدت مرتبكة في بعض الإجابات، فإنها أكدت في ردها على سؤال طُرِح عليها بأنها مختصة في الاقتصاد التنموي، كما عملت على مشروعات الإصلاح في نيجيريا، واشتغلت لفترات طويلة في مجال التمويل، وهكذا يمنحها الخليط التخصصي مزيداً من الثقة في قيادة دفة المنظمة.

المعاهدات أولاً
وكان المرشح المصري المحامي الدولي عبد الحميد ممدوح الأكثر ثقة من سابقيه؛ إذ استند في طرحه على الجوانب القانونية؛ حيث أكد أن نقطة الانطلاقة لا بد أن تكون من إصلاح المعاهدات، وإعادة النظر في الأهداف الرئيسية للمنظمة، والعمل عليها بأسرع وقت ممكن.
ويرى أن التحدي الأكبر هو العمل لتعزيز الأهداف المشتركة للدول الأعضاء في ظل واقع اقتصادي يلف العالم، بينها العولمة، مشدداً على أنه لا يمكن تفكيك العولمة نتيجة أن العالم أصبح متقارباً في منظوماته التجارية، بيد أن الحاجة لا تزال مهمة للجهود السياسية للتقريب وحل المشكلات.
وأضاف ممدوح الذي قضى ساعة ونصف الساعة من الوقت أمام أعضاء المنظمة لشرح رؤيته في قيادة المنظمة، أن من أولوياته إعادة المفاوضات وانعاش المحادثات على الطاولة الدولية في مختلف الموضوعات المطروحة وسط إرجاع هيبة سكرتارية المنظمة مع رؤية الأهداف الواضحة والتحسين المستمر، تحت قاعدة أن «منظمة التجارة جزء من الحل».

تحديات المرشح
ووسط ظروف استثنائية تمر على الترشيح للمنصب الحالي، وتطال العالم بتفشي وباء فيروس «كورونا»، يدخل المرشحون وسط تحديات كبرى، حيث سيواجه الفائز منهم (المدير العام)، ملف الركود الاقتصادي العالمي نتيجة تداعيات «كوفيد - 19». والتحضير للمؤتمر الوزاري المقرر عقده في 2021، وتحريك المفاوضات المتعثرة، وتسوية الخلافات بين المنظمة والولايات المتحدة. حيث تهدد الأخيرة بالخروج منها وسط مطالبة بإعادة تنظيمها وتسوية النزاعات العالقة.

الآمال الأفريقية
وتأمل أفريقيا أن تحظى بفرص في الحصول على المنصب الذي لم يعين فيه أي أفريقي حتى الآن، غير أنه ليس هناك قواعد متّبعة بالنسبة لجنسية المدير العام للمنظمة.
وفي وقت انقسمت فيه القارة في مسعاها للمنصب، يتقدم ثلاثة مرشحين هم وزيرة المالية والخارجية السابقة النيجيرية نغوزي أوكونجو إيويالا، والمصري عبد الحميد ممدوح الموظف العالي السابق في المنظمة، ووزيرة الرياضة الكينية السابقة أمينة محمد، التي ترأست في الماضي أكبر ثلاث هيئات في المنظمة.

اختيار المرأة
وتتوالى ترشيحات مختلفة وتقارير دولية حول فكرة انتخاب امرأة لتولي منصب مدير عام منظمة التجارة العالمية لأول مرة، إذ تشير إلى ضغوط من وفود تجارية في جنيف لاختيار النساء كرئيسة لمنظمة التجارة العالمية، لا سيما بمشاركة امرأتين مرشحتين من أفريقيا، ما يزيد توقعات التقارير الدولية بانتخاب إحداهما للمنصب.

المرشح السعودي
ويخوض السباق خمسة مرشحين آخرين بجانب الأفارقة، هم وزيرة التجارة الكورية الجنوبية يو ميونغ هي، ووزير التجارة الدولية البريطاني السابق ليام فوكس، ووزير الخارجية المولدوفي السابق تودور أوليانوفشي، والمساعد السابق للمدير العام للمنظمة خيسوس سيد كوري، بجانب ووزير الاقتصاد والتخطيط السعودي السابق محمد التويجري.
وتعلق السعودية الآمال على فوز مرشحها، لا سيما بعد ثقة عارمة من المجتمع الدولي بالدور الذي تلعبه السعودية على الساحة الاقتصادية العالمية، لا سيما في نموذج الإصلاح الاقتصادي المتبع حالياً، ومشروعات التحول كما هو في برنامج «رؤية المملكة 2030»، بالإضافة إلى شغلها حيزاً جوهرياً في منظومة الاقتصادات الأكبر في العالم حيث عضويتها في «مجموعة العشرين»، التي ترأس أعمالها وتقود دفة مبادراتها بكل اقتدار في ظل أزمة تفشي الوباء الفيروس «كورونا المستجد»، هذا بجانب ثقلها الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط ودورها الاستراتيجي في ضبط توازن أسواق النفط والطاقة العالمية، وتلك العوامل الاستراتيجية الكلية تجعل من مرشحها خياراً نموذجياً لقيادة دفة المنظمة.

المفاتيح العشرة
وبحسب تحليلات تقارير دولية مختلفة، يبرز مفاتيح عشرة للفوز بهذا المنصب، أبرزها الدعم الأميركي، لا سيما حال القدرة على حل النزاع التجاري الصيني، لا سيما أن سبب إصابة الولايات المتحدة لمنظمة التجارة العالمية بالشلل هو الصين.
في ذلك الوقت، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استيائه الشديد، قائلاً: «تستغل الصين وضعها في منظمة التجارة العالمية كدولة نامية».



«فوكسكون» التايوانية تتحدى رسوم ترمب... تأثير محدود بفضل الانتشار العالمي

جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)
جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)
TT

«فوكسكون» التايوانية تتحدى رسوم ترمب... تأثير محدود بفضل الانتشار العالمي

جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)
جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)

قالت شركة «فوكسكون» التايوانية، يوم الأربعاء، إنها تتوقع أن يكون تأثير الرسوم الجمركية الجديدة التي يخطط لها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أقل حدة من منافسيها، مستفيدة من بصمتها التصنيعية العالمية الكبيرة.

وقال يونغ ليو، رئيس شركة «فوكسكون»، أكبر شركة تصنيع تعاقدية في العالم، ومورد رئيس لشركة «أبل»، في منتدى في تايبيه: «نرى التأثير الرئيس للرسوم الجمركية الجديدة على عملائنا؛ حيث يعتمد نموذج أعمالنا على التصنيع التعاقدي. قد يقرر بعض العملاء نقل مواقع الإنتاج، ولكن بالنظر إلى بصمتنا العالمية، فإننا في وضع أفضل مقارنة بمنافسينا؛ لذا من المرجح أن يكون التأثير علينا أقل»، وفق «رويترز».

وأعلن ترمب، يوم الاثنين، أنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا في أول يوم له في منصبه، إضافة إلى تعريفات جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة على الواردات من الصين.

وبدأت شركة «فوكسكون»، التي تمتلك مرافق تصنيع كبيرة في الصين، بما في ذلك مصنع رئيس لتجميع هواتف «آيفون»، بالفعل في توسيع استثماراتها في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والمكسيك وفيتنام ليكون جزءاً من جهودها لتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها. وفي المكسيك، تقوم الشركة ببناء منشأة كبيرة لإنتاج خوادم «إنفيديا إيه آي جي بي 200».

وأضاف ليو أنه لن يتمكن من تقديم مزيد من التفاصيل بشأن خطط «فوكسكون» في الولايات المتحدة حتى 20 يناير (كانون الثاني)، بعد أن يتولّى ترمب منصبه، ويوضح سياساته وتعديلات التعريفات الجمركية المحتملة.

وأضاف: «بعد ذلك سنكون مستعدين للرد وفقاً للتطورات»، مشيراً إلى أن «ما نشهده الآن هو صراع بين الدول وليس الشركات، وسواء كانت التعريفة 25 في المائة أو 10 في المائة إضافية، فإن النتيجة لا تزال غير مؤكدة مع استمرار المفاوضات. نحن في شركة (فوكسكون) نعمل باستمرار على تعديل استراتيجيتنا العالمية».

وخلال رئاسة ترمب بين عامي 2017 و2021، أعلنت «فوكسكون» عن استثمار بقيمة 10 مليارات دولار في ولاية ويسكونسن الأميركية، لكنها تخلّت لاحقاً عن المشروع إلى حد كبير.

وأعلنت «فوكسكون»، الثلاثاء، أن إحدى الشركات التابعة لها أنفقت 33 مليون دولار لشراء أراضٍ ومبانٍ في مقاطعة هاريس بولاية تكساس.

وقال لو إن الشركة ستواصل الاستثمار في المكسيك، وهو ما تراه فرصة عظيمة بالنظر إلى الاتجاه العالمي نحو التصنيع الإقليمي، فضلاً عن الموقع الاستراتيجي للمكسيك بالقرب من أسواق أميركا الجنوبية؛ حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة.