مصر تتحرك أممياً ضد اتفاق إردوغان ـ السراج

السعودية والبحرين واليونان وقبرص طالبت بعدم تسجيل المذكرة

TT

مصر تتحرك أممياً ضد اتفاق إردوغان ـ السراج

غداة إعلان تركي عن «اتصالات مع مصر على مستوى الخبراء» بشأن «المصالح المشتركة في البحر المتوسط»، سعت القاهرة إلى نفي وجود مشاورات مع أنقرة بشكل مباشر وضمني؛ إذ أعلنت على لسان وزير خارجيتها سامح شكري، أنه «لم يكن هناك أي تواصل أو حوارات» بين البلدين في «الفترة الماضية». كما أفادت وكالة الأنباء الرسمية المصرية، بأن «مصر، والسعودية، والبحرين، واليونان، وقبرص» توجهت بمذكرة إلى الأمم المتحدة تدعو لعدم تسجيل اتفاق وقَّعه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس حكومة «الوفاق الوطني» الليبية بشأن «تفاهمات بحرية وأمنية».
كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد قال في مقابلة تلفزيونية، مساء أول من أمس: إن «سياستنا في شرق البحر المتوسط ثابتة ومعلنة، وهناك مصالح مشتركة متعددة بين مصر وتركيا، وإنهما يتبادلان وجهات النظر، وجرت اتصالات على مستوى الخبراء في هذا الشأن»، لكن سرعان ما رد نظيره المصري سامح شكري، في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، نافياً حدوث ذلك، مدللاً على ذلك بـ«التصريحات المتكررة التي تخرج عن إطار العلاقات الطبيعية بين الدول على المستوى الدولي». ونقلت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية المصرية، عن مصادر وصفتها بـ«المطلعة» في الأمم المتحدة، أن «(مصر، والسعودية، والبحرين، واليونان، وقبرص) وجّهت مذكرة شفهية مشتركة لمكتب سكرتير عام الأمم المتحدة، لمطالبة الأمم المتحدة بعدم تسجيل مذكرة التفاهم المبرمة بين تركيا ورئيس مجلس الوزراء الليبي فائز السراج لتعيين الحدود البحرية بين تركيا وليبيا في البحر المتوسط، والموقّعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مشددة على أن المذكرة تعد معدومة الأثر القانوني ولا يجوز تسجيلها لدى المنظمة الأممية».
وحسب المصادر نفسها، فإن «المذكرة الشفهية المشتركة تضمنت استعراضاً للإطار القانوني الذي يحكم إجراءات تسجيل المعاهدات الدولية بالأمم المتحدة، وأكدت في هذا السياق ضرورة ألا يتم تسجيل المعاهدات الدولية لدى سكرتارية الأمم المتحدة إلا بعد دخول المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية حيز النفاذ، وذلك كشرط ضروري للتسجيل، وهو الأمر الذي لا ينطبق على مذكرة التفاهم الموقّعة بين تركيا والسراج، خصوصاً مع تأكيد رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، صراحةً في خطاب موجّه إلى السكرتير العام للأمم المتحدة، رفض مجلس النواب الليبي مذكرة التفاهم».
وشددت «المذكرة الشفهية على أهمية الأخذ في الاعتبار ما تضمنه (اتفاق الصخيرات) السياسي من أحكام ذات صلة، وذلك عند الخوض في عملية تسجيل مذكرة التفاهم، خصوصاً أن إبرام مذكرة التفاهم بين تركيا والسراج على نحو ما تم يعد خرقاً جسيماً لأحكام ومواد (اتفاق الصخيرات)».
ووصفت المذكرة المشتركة مذكرة التفاهم بين السراج وتركيا بأنها «تعدٍّ جسيم على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط، بل وتُعد خرقاً واضحاً لاﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻷﻣم اﻟﻤﺘﺤدة ﻟﻘﺎﻧون اﻟﺒﺤﺎر، ومن ثم يتعين ألا يترتب عليها أي أثر على تعيين الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط».
كما دعت الدول سكرتارية الأمم المتحدة إلى «عدم تسجيل مذكرة التفاهم، اتساقاً مع أحكام القانون الدولي، وحفاظاً على أمن واستقرار منطقة المتوسط».
كان وزير الخارجية التركي، قد قال إن «سياسة بلادة بشأن التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط ثابتة ومعلنة، وإنها ستبدأ التنقيب قريباً في منطقة بشرق المتوسط، أتاحتها لها مذكرة التفاهم في مجال الحدود البحرية مع ليبيا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».