تركيا تتهم أوروبا بـ«الازدواجية» تجاه ليبيا

بعد مطالبة بروكسل باحترام حظر السلاح

TT

تركيا تتهم أوروبا بـ«الازدواجية» تجاه ليبيا

تصاعد التوتر مجددا بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد مطالبة بروكسل أنقرة باحترام حظر السلاح، المفروض على ليبيا، والالتزام بمقررات مؤتمر برلين.
ودعت تركيا الاتحاد الأوروبي إلى التخلي عما وصفته بـ«المواقف المزدوجة» حيال الأزمة الليبية، وضرورة الالتزام بالشرعية الدولية، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن إذا كان يريد أن يساهم في حل سلمي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، في بيان أمس، تعليقاً على تصريحات الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، حول الأزمة الليبية: «لقد دعمت تركيا وساهمت باستمرار في جميع الجهود الدولية، بدءاً من قمة الصخيرات ووصولاً إلى برلين، تحت رعاية الأمم المتحدة، لإحياء العملية السياسية التي يقودها الليبيون»، مضيفاً أنه إذا كان الاتحاد الأوروبي يريد أن يساهم في الحلّ السلمي للأزمة الليبية، فيجب عليه أن يلتزم بالشرعية الدولية، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، من خلال التخلي عن الموقف المزدوج، الذي قدمه مع عملية «إيريني» لمراقبة دخول السلاح إلى ليبيا، دون استشارة حكومة الوفاق الليبية، التي يرأسها فائز السراج، والموالية لأنقرة.
وتابع المتحدث التركي ليؤكد أن بلاده أوضحت منذ البداية أنه لن يكون هناك حل عسكري للأزمة الليبية.
وطالب بوريل تركيا باحترام التزاماتها بموجب مخرجات مؤتمر برلين، واحترام حظر السلاح إلى ليبيا، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أمس. وقال: «نحن عازمون على تعزيز نظام العقوبات للمساهمة في تنفيذ أفضل لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي سيزيد أيضاً من فاعلية عمليتنا (إيريني)».
وأضاف أنه كان هناك إجماع بين الدول الأعضاء على أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا «تتعرض حالياً لضغوط مستمرة... هناك تطورات مقلقة، لا سيما في شرق المتوسط، وفيما يتعلق بليبيا، تؤثر بشكل مباشر على مصالحنا. وبالتالي، يجب على تركيا معالجة العديد من القضايا الخطيرة من أجل تغيير ديناميكية المواجهة الحالية، وخلق بيئة من الثقة مع أنقرة».
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن تركيا ومالطا تتشاطران الرأي حيال القضايا الإقليمية بما فيها الوضع في ليبيا. وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية مالطا، إيفاريست بارتولو، عقب محادثات جمعتهما، أمس، أن تركيا ومالطا تريدان السلام والاستقرار في ليبيا ومنطقة شرق المتوسط.
وأضاف الوزير التركي موضحا: «استقرار ليبيا أمر مهم للغاية بالنسبة لمالطا، وحتى بالنسبة لإيطاليا، وللبلدان في شمال البحر المتوسط، وجنوب أوروبا، وأي تطور سلبي في ليبيا له تأثير كبير على مالطا. ولهذا السبب نتفهم مخاوف مالطا، وخاصة بخصوص الهجرة غير النظامية والإرهاب».
وحث جاويش أوغلو حكومة الوفاق الليبية ومالطا على إجراء تعاون بينهما، مؤكداً أن بلاده ستزيد من دعمها لمالطا في مكافحة الهجرة غير النظامية خلال الفترة المقبلة، مبرزا أن تركيا منفتحة على التعاون مع الجميع في منطقة شرق المتوسط.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.