إعلان الطوارئ في ولاية شمال دارفور

ميليشيا مجهولة تقتل 9 أشخاص... وحمدوك يتوعد بملاحقة الجناة ومحاسبتهم

TT

إعلان الطوارئ في ولاية شمال دارفور

أعلنت حكومة ولاية شمال دارفور السودانية «حالة الطوارئ»، ابتداء من أمس حتى إشعار آخر، وذلك بسبب أحداث عنف شهدتها منطقتي «فتابرنو» و«كتم»، غرب حاضرة الولاية بمدينة الفاشر، وقتل جراها 9 أشخاص، وجرح 12 آخرون، فيما عد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الحادثة تأكيداً على أهمية تحقيق السلام، وإقامة المساءلة، وإحقاق سيادة حكم القانون.
وقالت حكومة الولاية، في بيان لها أمس، إنها تلاحق المشتبه بهم بارتكاب أعمال العنف والقتل لتقديمهم للعدالة، وإن فرض حالة الطوارئ، ابتداء من مساء الاثنين حتى إعلان آخر، أوجبته امتحانات شهادة الأساس، وهيبة الدولة، وسيادة حكم القانون.
وأوضحت أن مندسين ومتسللين يسعون لزعزعة الأمن والاستقرار، وتنفيذ أجندات (لم تحددها) استغلوا أجواء الاعتصام في عدد من مناطق الولاية لإثارة الفتنة، وإعادة الولاية لمربع الحرب مجدداً. وكشفت عن اعتقال مشتبه بهم، فيما تجري ملاحقة الآخرين لتقديمهم للعدالة، وأعلنت عن إرسال تعزيزات أمنية للمناطق المتوترة.
وتشهد شمال دارفور موجة اعتصامات سلمية مطلبية، تطالب ببسط الأمن، ونزع سلاح الميليشيات، وحماية المدنيين، وقد بدأت في منطقة «نيرتتي» على سفح جبل مرة، ثم انتقلت لمناطق أخرى في الولاية، لتشمل «فتابرنو، وكتم، والسريف» وغيرها، ووصفتها الحكومتين المحلية والاتحادية بأنها «مطالب مشروعة».
وهاجمت ميليشيا مجهولة بالسيارات الرباعية الدفع والدراجات النارية، أول من أمس، معتصمين سلميين في منطقة «فتابرنو» (نحو 40 كيلومتراً غرب الفاشر)، وأطلقت عليهم الرصاص، ما أدى لمقتل 9 أشخاص، وجرح 14، وفقاً للجنة أطباء السودان المركزية، وقاموا بتفريق الاعتصام، فيما دخل المعتصمون في «كتم» مواجهة مع أجهزة الأمن المحلية، وأحرقوا عدداً من مقار الشرطة والسيارات.
وأكد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، أهمية تحقيق السلام، واتباع منهج يقوم على المساءلة وسيادة القانون. ووفقاً لحسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال حمدوك: «مع وقوع حوادث مثل حادث فتابرنو وكتم، تصبح هنالك حاجة ماسة وعاجلة لتحقيق السلام، واتباع النهج المؤسسي القائم على المساءلة في إطار سيادة حكم القانون».
ووصف حمدوك استمرار الخسائر في الأرواح بأنه «لا داعي له، ويمثل عقبة حقيقية أمام إحداث التحول الديمقراطي بالبلاد»، وحذر من التباطؤ في مواجهتها، ومعالجتها مباشرة، ومن إبطاء عجلة التغيير والازدهار في السودان.
وتوعد والي شمال دارفور المكلف، اللواء الركن مالك الطيب خوجلي، بالقبض على المتورطين الذين تسببوا في أحداث العنف الدموي. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن خطابه لذوي الضحايا بالفاشر، أمس، تكوين لجنة تقصي حقائق حول الحادثة، من قانونيين وسكان المنطقة، للقيام بتحقيق شفاف بشأن الحادثة لتحديد الجناة والخسائر، وإيجاد المعالجات القانونية الحاسمة الكفيلة بإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة.
وتعهد خوجلي بعدم السماح بأن تذهب أرواح الشهداء والجرحى هدراً، وقال: «ستكون أرواحهم ودمائهم مهراً وديناً على الحكومة لبسط الأمن والاستقرار بربوع الولاية». كما تعهد بدعم لجنة التحقيق لإنهاء أعمالها في أقرب وقت، وإلقاء القبض على الجناة، وعدم تقييد البلاغ ضد مجهول.
ونقلت «سونا» عن متحدث باسم ضحايا «فتابرنو» أن المنطقة ظلت تتعرض منذ سنوات لأحداث شبيهة، نتجت عن استيطان من أطلق عليهم «مجموعات جديدة» في المنطقة بقوة السلاح، واستيلائهم على أراضي المواطنين الزراعية والبستانية.
وطالب المتحدث باسم الضحايا حكومة الولاية بإجلائهم، وإعادة الأراضي الزراعية إلى أصحابها، ونزع الأسلحة و«الدراجات النارية» التي بحوزتهم، وإلقاء القبض على المتورطين منهم في الأحداث.
ومنذ عام 2003، يشهد إقليم دارفور حرباً أهلية أزهقت فيها أرواح مئات الآلاف من الضحايا، وشرد الملايين بين نازح ولاجئ، واستخدم فيها نظام الرئيس المعزول السكان المحليين وقوداً للحرب بعضهم ضد بعض، وهو الأمر الذي دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرتي قبض ضده، ومذكرات قبض ضد 4 من معاونيه، من بينهم علي كوشيب الذي سلم نفسه للمحكمة، الشهر الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.