مصدر أمني إماراتي: جريمة «منتقبة جزيرة الريم» عمل إرهابي فردي

أكد أنه لا دليل على ارتباط الموقوفة بأي تنظيمات إرهابية أو حزبية

زوج الضحية الأميركية  في أبوظبي (وام)
زوج الضحية الأميركية في أبوظبي (وام)
TT

مصدر أمني إماراتي: جريمة «منتقبة جزيرة الريم» عمل إرهابي فردي

زوج الضحية الأميركية  في أبوظبي (وام)
زوج الضحية الأميركية في أبوظبي (وام)

كشف مصدر أمني إماراتي مسؤول أنه بناء على التحقيقات الجارية والاعترافات التي أدلت بها الموقوفة في قضية «منتقبة جزيرة الريم»، وما توفر من أدلة مادية لدى الأجهزة الأمنية، تبين أن الجرائم التي ارتكبتها تعتبر بوازع شخصي، وعملا إرهابيا فرديا، ولم يتبين حتى الآن ارتباط الموقوفة بأي من التنظيمات الإرهابية أو الحزبية التي يمكن القول إنها قامت بتحريضها أو مشاركتها أو التخطيط لها لارتكاب جريمتها.
وأفاد المصدر، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، بأن التحقيقات توصلت إلى أن الموقوفة قامت في الآونة الأخيرة بالتردد على بعض المواقع الإلكترونية الإرهابية المنتشرة على الشبكة العنكبوتية، التي أدت بدورها لاكتساب الموقوفة للفكر الإرهابي، ودراسة آلية صنع القنابل المتفجرة، وبعد فحص المواد المضبوطة المعدة من قبلها تبين أنها تركيبة بدائية للمتفجر.
وأكد المصدر أن التحقيقات حتى الآن بينت أنه لم يكن لديها التخطيط المسبق لقتل أحد من الجنسية الأميركية أو أي جنسية بعينها، وإنما كانت تبحث عمن توحي هيئته الخارجية ولغته ولون بشرته بأنه أجنبي، حيث إنها قامت باختيار ضحاياها بشكل عشوائي، وبناء على ما ذكر فإن الجرائم التي ارتكبتها الموقوفة تعتبر بوازع شخصي وعملا إرهابيا فرديا لا يتصل بأي تنظيم إرهابي حتى الآن.
وكانت السلطات الإماراتية قد أعلنت يوم الخميس الماضي القبض على «منتقبة جزيرة الريم» وهي المرأة «المنتقبة» والمتهمة بتنفيذ جريمة قتل وقعت في أحد المراكز التجارية بجزيرة الريم بالعاصمة الإماراتية أبوظبي وذهبت ضحيتها مدرّسة الأطفال الأميركية، إيبوليا رايان.
من جانبه قال بول رايان، الزوج السابق للضحية الذي وصل إلى العاصمة الإماراتية، إن الشيخ سيف بن زايد وزير الداخلية الإماراتي اتصل به هاتفيا مقدما العزاء باسمه شخصيا وباسم الشعب الإماراتي عامة وحكومة دولة الإمارات. وقال: «أخبرني بأنهم سيعثرون على المتهم الذي ارتكب الجريمة وبأنهم يفعلون أقصى ما بوسعهم في هذا الشأن، وقال لي بأنهم سيبذلون كل الجهود لمساعدتنا خلال محنتنا وحتى نهاية هذا الوقت العصيب».
وتابع زوج الضحية الأميركية: «علمت أولا بالوفاة عن طريق إحدى صديقات زوجتي.. وتواصلت معي عن طريق البريد الإلكتروني، حيث قالت (حدث شيء ما) وطلبت مني أن أتصل بها، وبعد اتصالي بها ومعرفتي الحاصل قررت السفر إلى أبوظبي، فوصلت إلى دبي وأبلغتني صديقتها بأنهم قد علموا بأن إيبوليا قد توفيت». وزاد: «كان في استقبالي في مطار دبي ضابط من الشرطة المجتمعية، وتمت مرافقتي عبر الجمارك، ومن ثم التقيت ضابط شرطة من مكتب شؤون الضحايا انتقلت بصحبته بالسيارة إلى أبوظبي، حيث تولى أحد ضباط شرطة أبوظبي الاهتمام بي منذ ذلك الحين وحتى اللحظة الأخيرة ولم يزل».
وأكد أن خطته كانت بشكل أو بآخر تتمثل في توفير الأدوات التي تتيح له البقاء لبعض الوقت حتى انتهاء الفصل الدراسي لأبنائه. وأضاف: «ستعود ابنتي إلى المدرسة، وسيقوم الكثير من الأصدقاء بالاعتناء بها جيدا هناك». وقال: «لقد قدمت الحكومة الإماراتية لي تطمينات وأظهرت سخاء كبيرا لي حول الكيفية التي سيساعدونني من خلالها بأي شيء أود القيام به أنا والأولاد، ولذلك فإنني أشعر بارتياح بهذا الخصوص، ولن أضطر للتفكير بأي أعباء أو الشعور بأي قلق إزاء ذلك».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.