أعمال شغب في أثينا ومظاهرات للنقابات احتجاجا على مشروع موازنة العام المقبل

اتحاد العمال أكد أنها تتسبب في المزيد من الحرمان وتزيد من نسبة الفقر

أعمال شغب في أثينا ومظاهرات للنقابات احتجاجا على مشروع موازنة العام المقبل
TT

أعمال شغب في أثينا ومظاهرات للنقابات احتجاجا على مشروع موازنة العام المقبل

أعمال شغب في أثينا ومظاهرات للنقابات احتجاجا على مشروع موازنة العام المقبل

تحولت شوارع وأزقة وسط العاصمة اليونانية أثينا، مساء السبت وصباح أمس الأحد، خصوصا منطقة اكسارتشيا المحيطة بالجامعة القديمة، إلى ساحة معركة وتراشق بالحجارة وقنابل المولوتوف والغاز المسيل للدموع ومطاردة بين الشرطة ومجموعات من الشباب المشاغب الذي يرتدي خوذات وملثم الرؤوس.
وجاءت أعمال الشغب في أعقاب مسيرة طلابية تم تنظيمها عصر أول من أمس السبت إحياء للذكرى السادسة لمصرع الصبي ألكسيس غريغوروبولوس على يد شرطي أطلق عليه النار دون مبرر عام 2008، وتضامنا أيضا مع الشاب المعتقل نيكوس رومانوس (21 عاما) صديق ألكسيس الذي حضر مقتل الأخير، وينفذ إضرابا عن الطعام منذ 27 يوما مطالبا بحقه في تلقي دروس خارج السجن.
ولم تهدأ الأحداث إلا بعد مرور ليلة طويلة من الصراع والتوتر، أسفرت عن خسائر مادية فادحة في الممتلكات العامة والخاصة بعد إحراق المشاغبين لصناديق القمامة في وسط الشوارع، وامتداد نيران قنابل المولوتوف للمحلات التجارية، ليس فقط في العاصمة أثينا، بل وأيضا في ثيسالونكي شمال البلاد، ومدينة باترا وسط، وكريت جنوبا، واعتقلت الشرطة 210 متهمين وتمت إحالتهم للنيابة العامة للتحقيقات.
وكانت الشرطة قد منعت المرور في الشوارع حول مبنى كلية الهندسة، وجعلت الاستخدام المكثف للمواد الكيميائية في الشوارع حول الساحة من اكسارتشيا، حيث كانت حرب العصابات بين الأحداث والشرطة حتى الساعات الأولى من صباح الأحد، وباتت الأجواء خانقة وسط أثينا نتيجة للعبوات الحارقة وإشعال النيران.
وبدأت أحداث الشغب نحو الساعة السابعة والنصف مساء السبت، عندما قامت مجموعة من الملثمين كانت تسير في آخر المظاهرة التي انطلقت من فناء الحرم الجامعي بإشعال النار في صناديق القمامة عند ميدان كلاثمونوس، وتحطيم واجهات المحلات، وأحدثت تخريبا في محطات الباصات وألقت بعبوات المولوتوف الحارقة في كل الاتجاهات. وردت شرطة مكافحة الشغب اليونانية على المحتجين مستخدمة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في حي اكسارتشيا. وكان قد شارك نحو 6000 متظاهر في المسيرة، ودفعت وزارة الأمن العام بنحو 8 آلاف شرطي لتأمين هذه الأحداث، والشيء الإيجابي الذي أعلنت عنه السلطات أنه لم تكن هناك أي حالات وفاة، سوى إصابات طفيفة.
وشهدت اليونان هذا الأسبوع مظاهرات عدة مؤيدة لرومانوس، خصوصا في أثينا، حيث تم احتلال مبان ووقعت مواجهات مع الشرطة، ودعت مجموعات تنتمي إلى التيار الفوضوي إلى التظاهر مجددا إلى جانب النقابات التي أعلنت التعبئة رفضا للتصويت على موازنة العام المقبل 2015، مساء الأحد صباح الاثنين.
يذكر أن ألكسيس غريغوروبولوس لقي حتفه، في السادس من شهر ديسمبر (كانون الأول) 2008، خلال مواجهة بين 30 شابا وشرطيين في حي اكسارتشيا في وسط أثينا، وأدى مقتله بالرصاص على يد شرطي إلى اندلاع موجة من الاحتجاجات في العديد من المدن اليونانية، استمرت لأسابيع، وتخللتها أعمال عنف ونهب وسرقة، بل وصل الأمر إلى احتلال المحتجين جامعتي أثينا وثيسالونيكي. ونظمت النقابات العمالية اليونانية في أثينا مظاهرة حاشدة قبل تصويت نواب البرلمان على الموازنة الجديدة، حيث يعارض الموظفون والعاملون خطط الحكومة للاستمرار في فرض إجراءات تقشفية تشمل زيادة الضرائب بالإضافة إلى خفض المرتبات والمعاشات، تلبية لمطالب الدائنين. ويرى المراقبون أن التنمية لا تأتي بالتقشف. فيما قال اتحاد العاملين في الحكومة في بيان مكتوب إن «الموازنة سوف تتسبب في المزيد من الحرمان لليونانيين وسوف تزيد من نسبة الفقر».
وتتوقع موازنة 2015، التي لم تحظ بموافقة الجهات المانحة الدولية، تحقيق نمو بنسبة 2.9 في المائة، وخفض معدل البطالة من 24.8 في المائة إلى 22.6 في المائة، كما تقول أثينا إنها سوف تحقق فائضا أوليا في الموازنة يقدر بـ3.3 مليار يورو أو ما يعادل 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العام المقبل.
كما تقدر أثينا أن عجز الموازنة سوف يصل إلى 338 مليون يورو أو ما يعادل 0.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ومع ذلك تصر الجهات المانحة على أن النسبة سوف تكون قريبة من 3 في المائة، وتطالب بإجراءات تقشف جديدة، ولكن الحكومة الائتلافية بزعامة أندونيس ساماراس، والتي لا تتمتع بشعبية خلال الشهور الأخيرة، حريصة على تجنب مثل هذه الإجراءات من أجل عدم الاضطرار لإجراء انتخابات مبكرة العام المقبل.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب تحالف اليسار الراديكالي «سيريزا»، المناهض لحصول اليونان على حزم إنقاذ، يتقدم على الائتلاف الذي يقوده المحافظون، ومن المرجح أن يفوز بالانتخابات في حال إجراء انتخابات مبكرة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.