السلطة الفلسطينية تفرض حظر تجول ليلياً لاحتواء الوباء

طاقم طبي فلسطيني في مستشفى دورا الخميس الماضي (إ.ب.أ)
طاقم طبي فلسطيني في مستشفى دورا الخميس الماضي (إ.ب.أ)
TT

السلطة الفلسطينية تفرض حظر تجول ليلياً لاحتواء الوباء

طاقم طبي فلسطيني في مستشفى دورا الخميس الماضي (إ.ب.أ)
طاقم طبي فلسطيني في مستشفى دورا الخميس الماضي (إ.ب.أ)

أعلنت السلطة الفلسطينية، أمس، فرض حظر تجول ليلي، خلال عطلة نهاية الأسبوع، يستمر أسبوعين، بهدف مكافحة فيروس «كورونا» المستجد بعد ارتفاع عدد الإصابات.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية، إبراهيم ملحم، في مؤتمر صحافي، إن الحكومة قررت «منع الحركة يومياً من الثامنة مساء حتى السادسة صباحاً في جميع محافظات الوطن لمدة أسبوعين»، على أن يسري القرار أيضاً من مساء الخميس حتى صباح الأحد، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح ملحم أن سبب اتخاذ السلطة الفلسطينية هذه الإجراءات يعود إلى «عدم الالتزام التام من بعض الفئات»، لافتاً إلى أن عدد الإصابات وصل إلى 5793. منها 4142 في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة فقط. وأضاف: «كان عدم الالتزام التام بالتدابير الاحترازية من بعض الفئات سبباً في انتشار الوباء، ما يفرض علينا بعض الإجراءات والحد من الحركة، وفرض مزيد من التشدد ومتابعة ومحاسبة من يحاول إفشال الجهود الوطنية في منع تفشي الوباء».
وسُجّلت حتى الآن في الأراضي الفلسطينية 6 آلاف و158 إصابة، بينها 33 وفاة، فيما سجلت في قطاع غزة 72 إصابة، ووفاة واحدة. وأورد المتحدث أن «التطور الجديد هو انتشار المرض في عدد من المخيمات الفلسطينية، وهو ما جعلنا بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) نضع خطة طوارئ خاصة تراعي الاكتظاظ السكاني، مع تحمل الوكالة مسؤولياتها تجاه اللاجئين». وسُجلت إصابات جديدة في عدد من المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، معظمها في مخيم الجلزون (16 ألف نسمة) القريب من رام الله؛ حيث فاق عدد الإصابات 100 حالة.
من جهة أخرى، ومع استمرار وزارة الصحة الإسرائيلية في نشر معطيات، تشير إلى شيء من الانفلات والفوضى في معالجة انتشار فيروس كورونا، وآخرها الحديث عن مساواة عدد المرضى مع عدد المتعافين، وارتفاع عدد الموتى إلى 359، بعدما أضيفت 5 حالات وفاة، أمس (الأحد)، أعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في مستهل جلسة حكومته، أمس، أنه لا مفرّ من اتخاذ قرار ذاتي وواعٍ لدى المواطنين، وهو التعايش مع وباء كورونا.
وقال نتنياهو: «بإمكاننا التغلب على (كورونا)، أو على الأقل جلب إسرائيل إلى روتين اقتصادي وصحي يسمح لنا بالعيش بصورة معقولة في السنة القريبة. هذا هو هدف غير قليل. تعالوا نعتبره خطوة أولى في هذه الحرب». وكانت وزارة الصحة الإسرائيلية، قد أعلنت أمس عن تسجيل 5 وفيات جديدة، و749 إصابة بفيروس كورونا، من الساعة الثامنة من مساء أمس (السبت)، حتى الساعة العاشرة والنصف من صباح الأحد.
وبحسب بيان الوزارة، ارتفعت حالات الوفاة إلى 359. فيما بلغ العدد الإجمالي للإصابات 38213، بينهم 141 حالة خطرة، و48 على أجهزة التنفس الاصطناعي، و109 حالات متوسطة، واقترب عدد الحالات النشطة (18940) من عدد التماثل للشفاء (18915) بشكل كبير، وهذه إشارة غير إيجابية. وقالت الوزارة إن عدد الإصابات الذي سجل في الأيام العشرة الأولى من شهر يوليو (تموز)، زاد عن عدد الإصابات في شهر يونيو (حزيران) بكامله.
وكشف مصدر في الوزارة أن نسبة المصابين بالفيروس مِن مجموع مَن يجري فحصهم ارتفعت إلى رقم قياسي هو 6.5 في المائة، وهذا دليل على فوضى عارمة وعدم التزام من المواطنين بتعليمات الوقاية الصادرة عن الجهاز الطبي. وقالت «الهيئة العربية للطوارئ» التي تتابع وضع «كورونا» في الوسط العربي إن نسبة اكتشاف المرضى في الفحوصات بلغت بين العرب 10.2 في المائة. وقالت إن عدد المصابين العرب بفيروس كورونا المستجد، بلغ 3063 (8 في المائة من الإصابات في إسرائيل)، مع تسجيل 303 حالات جديدة خلال نهاية الأسبوع، ليبلغ مجمل عدد المصابين الجدد خلال الأسبوع الماضي 600 إصابة.
وكان وزير الصحة الإسرائيلي، يولي إدلشتاين، قد حذّر من استمرار الارتفاع، وقال إن «الحكومة قد تعيد فرض الإغلاق على الصعيد الوطني، إذا وصل عدد الإصابات اليومية إلى 2000».
ولكن يبدو أن الإسرائيليين مشغولون بخطر الانهيار الاقتصادي بشكل يزيد عن الشعور بالخطر الصحي. وقد خرج الألوف إلى الشوارع للتظاهر بسبب أزمة كورونا الاقتصادية. ولذلك، فقد صادقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع، أمس، على حزمة مساعدات جديدة لأصحاب المصالح التجارية والمستقلين، الذين تضررت مداخيلهم بسبب أزمة «كورونا». وستدفع مبلغاً بقيمة 2100 دولار لكل مصلحة متضررة، وستعوض المصالح بـ70 في المائة من الأضرار، في حال اتضح أن خسارتها تعدت 40 في المائة من دخلها السنوي.



مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
TT

مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

يترقب عاطف محمد (62 عاماً)، الموظف المصري المتقاعد، حزمة حماية اجتماعية جديدة نوهت الحكومة إلى إقرارها قريباً، متمنياً ألا تكون مجرد زيادة 200 أو 300 جنيه على معاشه البالغ 3 آلاف جنيه فقط (الدولار 50.57 جنيه)، فيما يعول أسرة تضم 3 أبناء، اثنان منهم في المرحلة الجامعية.

وأعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، عن توجيه رئاسي للحكومة بـ«وضع تصور لحزمة حماية اجتماعية تقديراً للضغوط على المواطن»، واعداً بالانتهاء منها «في الفترة القصيرة المقبلة».

ويطالب رب الأسرة الستيني بمضاعفة قيمة ما يتحصل عليه كي يشعر بالفارق، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن تكون الزيادة 100 في المائة، المعاش لا يكفي أسبوعين في الشهر»، مشيراً إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات.

وكانت آخر حزمة حماية اجتماعية طبقتها الحكومة المصرية، في مارس (آذار) الماضي، بقيمة 180 مليار جنيه، تمثلت في رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المائة وزيادة المعاشات بنسبة 15 في المائة.

وقال مدبولي، الأربعاء، إن «توجيهات الرئيس لنا كحكومة هي أن نضع دائماً هموم وأعباء المواطن نتيجة للضغوط الموجودة اليوم، أولوية بالنسبة لنا».

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

لكن السيدة الثلاثينية مروة، وهي ربة منزل تسكن في مدينة حدائق أكتوبر (جنوب العاصمة) تخشى من تبعات المنحة الحكومية القادمة، التي لا تشمل سوى القطاع العام، تقول لـ«الشرق الأوسط» فيما تشتري حاجاتها اليومية من الخضراوات، «كل مرة تزيد المرتبات 100 جنيه مثلاً، ترتفع الأسعار 200 وأكثر».

ويفسر الخبير الاقتصادي مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط»، العلاقة بين زيادة المرتبات وارتفاع الأسعار «التضخم»، قائلاً: «هناك أثر اقتصادي مباشر طردي بينهما، فزيادة الأموال في يد الناس ولو بشكل نسبي، دون زيادة الإنتاج تنعكس مباشرة في ارتفاع الأسعار، فيما يسمى (التضخم الحلزوني)».

مثل مروة، يشكو حمدي علي، الذي يعمل سباكاً، وينفق على 4 أبناء، لـ«الشرق الأوسط» من صعوبة المعيشة، وارتفاعات الأسعار المستمرة، وعدم القدرة على مجابهتها، مطالباً أن تنظر الدولة إلى فئة العمالة غير المنتظمة، وهي تفكر في «الحماية الاجتماعية».

ويتوقع العم أشرف، وهو بائع خضراوات في مدينة 6 أكتوبر (جنوب العاصمة) أن تشهد الأسعار ارتفاعات جديدة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الأسعار بتزيد مبتقلش، ومع اقتراب شهر رمضان ستزيد أكثر كما هو الحال في هذا الموسم كل عام».

أشرف بائع خضراوات في مدينة 6 أكتوبر (الشرق الأوسط)

وقدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة عام 2017 بأكثر من 5 ملايين شخص. ولا توجد إحصائية عن العاملين في القطاع الخاص، فيما قدرهم المتحدث باسم وزارة العمل في تصريح العام الماضي بـ15 مليون شخص. وتتراوح العمالة غير المنتظمة بين 8 إلى 11 مليوناً آخرين، وفق تصريحات سابقة لوزيرة التضامن الاجتماعي في عام 2022.

ويشير الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، محمد رمضان، إلى أن حزم المساعدات التي تعلنها الحكومة لا تستوعب الزيادة في الأسعار ونسب التضخم.

وانخفضت نسبة التضخم على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، إلى 23.4 في المائة، بعدما سجلت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 25 في المائة.

وأوضح رمضان لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة الاقتصادية الكبرى ليست مرتبطة بالمرتبات، لكن بسعر صرف الجنيه أمام الدولار، الذي يؤثر بشكل مباشر على الأسعار.

وحررت الحكومة المصرية سعر الصرف في مارس الماضي، ليرتفع الدولار الرسمي إلى نحو 50 جنيهاً.

واعتبر رمضان أن الحكومة تعلن حزم حماية اجتماعية، لكنها لا تصل دائماً للموجهة إليهم، في ظل عزوف بعض مؤسسات القطاع الخاص عن تطبيق الحد الأدنى للأجور.

وبخصوص إجراءات مرتقبة تتعلق بخفض الدعم الحكومي في سلع وخدمات حيوية كالوقود والكهرباء، وهي إحدى التبعات المتوقعة بعد حزم الحماية المجتمعية، استبعد الخبير الاقتصادي مدحت نافع أن تحدث مباشرة بعد الزيادة هذه المرة، قائلاً «الحكومة تحاول حالياً استيعاب الآثار الاجتماعية للتضخم، وسبق ونوه وزير المالية قبل أيام أنهم لن يرفعوا سعر الكهرباء، على الأقل، قبل يونيو (حزيران) 2025».

ورفعت مصر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي المحروقات بنسب وصلت إلى 17 في المائة.

ومن جهته، يصف النائب في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) أشرف أبو النصر توجيهات الرئيس المصري بوضع تصور لحزمة حماية اجتماعية جديدة بأنها «خطوة استراتيجية» تعبر عن «اهتمام القيادة السياسية بالمواطنين»، مشيراً في بيان له إلى أن الحكومة «توازن بين مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية».