قوى الشرعية اليمنية وتحدي الخروج من عنق الزجاجة

TT

قوى الشرعية اليمنية وتحدي الخروج من عنق الزجاجة

هل تنجح الأطراف اليمنية المنضوية تحت شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي في تجاوز خلافاتها والتفرغ لإنقاذ مستقبل البلاد الذي يتعرض للانهيار بأيدي الميليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من النظام الإيراني.
تخوض قوى الشرعية جولات مشاورات مستمرة منذ قرابة الأسبوعين في العاصمة الرياض، بدعم وإشراف مباشر من السعودية، وتتمحور أبرز النقاشات حول كيفية تنفيذ اتفاق الرياض الذي يوحد هذه القوى ويفتح باب البناء والتنمية والاستقرار في المناطق المحررة والتي تشكل نحو 85 في المائة من مساحة البلاد.
ووفقاً للدكتور نجيب غلاب وكيل وزارة الإعلام اليمنية، فإن اتفاق الرياض والجهود الكبيرة التي تقوم بها السعودية للتنفيذ تسير باتجاه تحقيق أهداف المعركة بصرف النظر عن مصالح الأطراف المتنازعة، ورهان المملكة مرتبط بمصالح وحاجات الناس على الأرض على حد تعبيره.
وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بقوله «تبذل الرياض جهوداً محمومة وكبيرة حتى تتمكن القوى المناهضة للحوثية من تنفيذ اتفاق الرياض الذي يشكل تحول نوعي وجذري باتجاه تحويل الشرعية إلى دولة حقيقية وملموسة».
وكانت العاصمة السعودية الرياض استقبلت قبل أسبوعين مستشاري الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس البرلمان ونوابه، إلى جانب رؤساء الأحزاب السياسية للتشاور حول إيجاد حلول سريعة وعملية للخلافات بين قوى الشرعية نفسها وسرعة تنفيذ اتفاق الرياض.
رافق ذلك، نشاط دبلوماسي غربي وأممي من قبل مارتن غريفيث المبعوث الأممي الخاص لليمن، ومايكل آرون السفير البريطاني لدى اليمن، وكريستوفر هنزيل سفير الولايات المتحدة لدى اليمن، إلى جانب دعم سعودي كبير للمشاورات اليمنية وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف.
وفي الاجتماع التشاوري، خاطب الرئيس اليمني نائبه ومستشاريه ورئيس البرلمان والحكومة والأحزاب السياسية بالتأكيد على ضرورة تطبيق اتفاق الرياض بشكل كامل دون انتقاء أو تجزئة، مبيناً أن الاحتكام إلى لغة السلاح والقوة لن يكون مقبولاً.
وبحسب غلاب، فإن عملية جمع وتوحيد آراء القوى المناهضة للحوثية يبدو أمراً شاقاً وصعباً، إلا أنه بدأ متفائلاً بالجهود السعودية التي ستقود إلى نتائج إيجابية على حد تعبيره. وقال «بعض القوى المناهضة للحوثية مراهنة على مصالحها الأنانية أكثر من مصالح الوطن، هناك طابور خامس يعمل للحوثية أو لصالح أجندات خارجية معادية للتحالف».
وتابع «المسألة تحتاج إلى تجاوز والضغط على قيادات الأطراف لإسكات الأصوات الشاذة».
ولا تزال الاجتماعات مستمرة من قبل رئاسة مجلس النواب ومستشاري الرئيس ورئيس الحكومة وعدد من أعضائها، في وقت أكد سلطان البركاني رئيس البرلمان أن ما يجري من مشاورات على مستوى عال هي لإنجاز اتفاق الرياض برعاية وإشراف السعودية.
ويرى غلاب أن الشرعية حررت فعلاً أكثر من 85 في المائة من الأرض لكن تمكنت مراكز القوى داخلها من تشكيل أنظمة موازية تدار خارج الدستور والقانون، وأنتج ذلك حالة من الصراعات في بينتها، مشيراً إلى أن اتفاق الرياض يعالج كافة مكامن الخلل هذه.
وأضاف «متفائل بدور المملكة، إذا مارست الضغوط على كافة الأطراف (...) المسألة باختصار أن الخارج يريد أن ينقذ اليمن، والداخل كل طرف يريد إنقاذ نفسه ومصالحه».


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.