تستقبل الأطراف السياسية في شرق ليبيا أنباء زيارات الوفود التركية المتكررة إلى العاصمة طرابلس بنوع من التوجس والريبة، في حين يراها «خصومهم» في غرب البلاد بأنها «طبيعية، فرضتها المرحلة الراهنة». ويلخص عضو مجلس النواب الليبي إبراهيم الدرسي، أهداف الزيارات التركية المتعاقبة إلى العاصمة بأنها تستهدف «الاستفادة القصوى اقتصاديا وعسكرياً قبل نفاد وقت المهمة الأميركية»، مشيراً إلى أن «أنقرة تعلم جیداً أن تدخلها فی لیبیا جاء بضوء أخضر من الولايات المتحدة، وأنها ستخرج من ليبيا بعد إتمام المهمة الموكلة إليها، وبالتالي تحاول قدر المستطاع تحقيق أقصى استفادة من هذا الوضع عبر الحصول على عقود الإعمار وصفقات التسليح». ولفت إلى ما سماه «استغلالا واضحا لوضع المجلس الرئاسي»، فضلاً عن أن «الأتراك يحاولون تحسين أوضاعهم الاقتصادية المنهارة وإنقاذ عملتها بواسطة الأموال الليبية التي تحول إلى مصارفهم».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وصف زيارة وزير دفاعه خلوصي أكار، إلى طرابلس بكونها «تندرج في إطار استمرارية التعاون القائم بين الجانبين استنادا لمذكرات التفاهم الموقعة بينهما نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي»، إلا أن مراقبين للشأن الليبي أشاروا إلى أن تلك الزيارات تستهدف التمهيد لتأسيس قاعدتين تركيتين بليبيا إحداهما برية بقاعدة الوطية قرب الحدود التونسية، وأخرى بحرية بمصراتة.
بالمقابل، رفض عضو المجلس الأعلى للدول عادل كرموس، الانتقادات التي وجهت لزيارات المسؤولين الأتراك إلى طرابلس، وقال إن «تبادل الزيارات بين الدولتين الليبية والتركية يأتي في إطار تنفيذ مذكرات التفاهم المبرمة بينهما والتي حققت مصالح للطرفين على الصعيدين الحربي والاقتصادي». ولم يستبعد كرموس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حصول أنقرة على بعض الفوائد الاقتصادية، وقال: «ما حققته قوات الوفاق من نصر عسكري جاء نتيجة الدعم التركي كبير. ولا يتصور عاقل أن يقدم كل هذا الدعم دون مقابل، وفي هذا الشأن ستسعى تركيا لتحقيق أكبر فائدة اقتصادية استناداً إلى الاتفاقيات المبرمة». واستبعد كرموس إقامة قواعد عسكرية تركية بليبيا في التوقيت الراهن، مستندا في ذلك «لعدم إدراج ذلك في مذكرة التفاهم الأمنية المبرمة بين البلدين، وبالتالي فإن إقامة قواعد تحتاج إبرام اتفاقية، والتي يجب أن تخضع لمصادقة مجلس النواب».
وفي أعقاب اللقاءات التي جمعت وزير الدفاع التركي بالقيادات العسكرية والأمنية التابعين لحكومة «الوفاق» كشف وكيل وزارة الدفاع صلاح النمروش النقاب عن أنه «تقرر بناء وفتح مراكز التدريب لبناء ما وصفه بأنه جيش محترف عبر تعزيز التنسيق بين وزارتي الدفاع الليبية والتركية في مجالات التدريب والتأهيل». ورأت عضو مجلس النواب عائشة الطبلقي، أن زيارة أكار تحديدا ورئيس الأركان التركي يشار غلولر، تعد رسالة تحد واضح لكل الأطراف الرافضة للتدخل التركي بالشأن الليبي.
وقارنت الطبلقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بين وضع المواطن الليبي الذي لا يجد ثمن الدواء في الوقت الذي تصرف فيه المليارات على «المرتزقة السوريين» وتحويلها إلى المصرف المركزي التركي، معتبرة أن ذلك كله جاء كنتيجة لـ«تدخل المجتمع الدولي ببلادها خلال السنوات التسع الماضية، مما ساهم في إنتاج الاتفاق السياسي والمجلس الرئاسي الذي توافق مع الأتراك الذين يحاولون الآن نهب الثروات الوطنية».
ودافع المحلل السياسي في الغرب الليبي، فيصل الشريف، عن تلك الزيارات، معتبراً أنها جاءت لما «تقضيها دواعي المرحلة»، وقال: «الأوضاع تتعقد في سرت والجفرة، وهناك مذكرة تفاهم أمنية عسكرية بين الدولتين، وبالتالي من الطبيعي أن يكون لتركيا ضباط وجنود يقدمون مهام التدريب والدعم اللوجيستي والخبرات التقنية لقوات «الوفاق» وقواته المساندة إعمالاً لبنود تلك المذكرة». وكانت قوات حكومة «الوفاق» وميليشيات مسلحة موالية تمكنت بدعم تركي غير محدود من تحقيق انتصارات نوعية خلال الشهرين الماضيين في مواجهة «الجيش الوطني» الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
إردوغان متهم بالسعي إلى «مكاسب اقتصادية» في ليبيا
أنصار «الوفاق» يرحبون بزيارات الوفود من أنقرة
إردوغان متهم بالسعي إلى «مكاسب اقتصادية» في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة