غارتان إسرائيليتان على أهداف عسكرية قرب دمشق

مصادر إسرائيلية غير رسمية: القصف استهدف تدمير صواريخ «مهداة» لـ«حزب الله»

صورة نشرتها وكالة سانا السورية الرسمية تظهر مبنى دمرته الغارة الإسرائيلية قرب دمشق أمس (إ.ب)
صورة نشرتها وكالة سانا السورية الرسمية تظهر مبنى دمرته الغارة الإسرائيلية قرب دمشق أمس (إ.ب)
TT

غارتان إسرائيليتان على أهداف عسكرية قرب دمشق

صورة نشرتها وكالة سانا السورية الرسمية تظهر مبنى دمرته الغارة الإسرائيلية قرب دمشق أمس (إ.ب)
صورة نشرتها وكالة سانا السورية الرسمية تظهر مبنى دمرته الغارة الإسرائيلية قرب دمشق أمس (إ.ب)

في تصعيد غير مسبوق، أعلنت دمشق أمس، عبر تلفزيونها الرسمي، أن مقاتلات إسرائيلية قصفت مناطق قرب مطار دمشق الدولي وفي بلدة الديماس قرب الحدود مع لبنان، من غير أن تسفر عن إصابات بشرية، فيما أشار ناشطون إلى أن الغارات استهدفت مخازن يعتقد أنها للأسلحة قرب المطار، ومبنى للبحوث العلمية، من غير تقديم مزيد من التفاصيل.
رفضت إسرائيل التعليق على إعلان الجيش السوري عن قيام الجيش الإسرائيلي بمهاجمة منطقتين في ريف دمشق. وصرحت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في تل أبيب: «لا نعلق على تقارير وسائل إعلام أجنبية».
وذكرت تقارير أجنبية أن الهجوم استهدف مستودعا لصواريخ متقدمة من طراز إس - 300 كانت في طريقها من سوريا إلى «حزب الله» في لبنان.
وإزاء الصمت الإسرائيلي الرسمي، قالت مصادر غير رسمية إن القصف على موقعين أحدهما شرق العاصمة السورية دمشق والثاني غربها، أمس، استهدف صواريخ مضادة للطائرات أهداها النظام السوري لـ«حزب الله»، الذي كان يستعد لنقلها إلى الأراضي اللبنانية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن «حزب الله» يحاول نقل صواريخ أرض جو من مختلف الأصناف إلى لبنان، خصوصا من طراز «سام 17»، ضمن استعداداته للمواجهة المقبلة مع إسرائيل، التي يعتقد أنها حتمية. وقد حرصت إسرائيل بمنعه من ذلك طول الوقت. ومنذ اندلاع النزاع في سوريا، قصفت إسرائيل 7 مرات قوافل أو مخازن أسلحة كهذه تابعة لـ«حزب الله»، 6 منها على الأراضي السورية، والسابعة تمت في شهر فبراير (شباط) الماضي؛ فقد أفيد في حينه بأن إسرائيل قامت بمهاجمة قافلة عسكرية سورية عند الحدود السورية اللبنانية. كما أكد مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة «تايم» وقتها أن إسرائيل هي من وقفت وراء الهجوم. ووفقا للأنباء التي وردت، فإن إحدى الشاحنتين كانت تحمل صواريخ بينما الثانية حملت قاذفات صواريخ. وقد ادعى «حزب الله» أن القصف تم على الأراضي اللبنانية ورد عليها بعدة عمليات تفجير ضد قوات الجيش الإسرائيلي على الشريط الحدودي في هضبة الجولان المحتلة.
ويبدو أن القصف الأخير على الأراضي السورية جاء بسبب حرص إسرائيل على أن لا تنتهك الأراضي اللبنانية. ولفتت المصادر الإسرائيلية إلى أن هذه أول مرة يتم فيها القصف في وضح النهار. وعلى مدى ساعات بعد هذا القصف، شوهدت الطائرات الإسرائيلية المقاتلة والطائرات من دون طيار تحلق فوق سماء الأراضي اللبنانية والسورية، شمال إسرائيل. وقال ناشطون في درعا والقنيطرة جنوب سوريا إنهم شاهدوا تحليق طائرات إسرائيلية فوق المنطقتين.
وقال ناشطون سوريون إن المنطقة المستهدفة قرب المطار هي منطقة «المطار الشراعي»، وتتضمن مهاجع ومستودعات ذخيرة عسكرية. أما منطقة الديماس، فأشار الناشطون إلى أنها تتضمن مركزا للبحوث العلمية، من غير تأكيد الأهداف.
وقال سكان في دمشق إنهم سمعوا دوي انفجارات هائلة. وذكر تلفزيون «المنار» اللبناني التابع لـ«حزب الله» أن مقاتلات إسرائيلية قصفت مناطق حيوية قرب المطار الأصغر وفي الديماس قرب الحدود اللبنانية. وأشار إلى أن «الجيش السوري تصدى للعدوان بالمضادات الأرضية، وأطلق صواريخ أرض جو باتجاه الطائرات المعادية لمنعها من قصف أهداف أخرى».
وتستهدف الطائرات الإسرائيلية مطار الديماس للمرة الثانية خلال عام ونصف العام. وقال مسؤولون غربيون وإسرائيليون إثر استهدافه في مايو (أيار) 2013 إن الهجوم استهدف صواريخ إيرانية كانت في طريقها إلى «حزب الله» في لبنان.
وتعد هذه الضربة الإسرائيلية خامس ضربات تنفذها الطائرات الإسرائيلية لمنشآت ومراكز عسكرية سورية، منذ بدء الأزمة في 15 مارس (آذار) 2011؛ إذ استهدفت في السابق منشآت عسكرية في منطقة جمرايا الحدودية مع لبنان في شهر يناير (كانون الثاني) 2013، قبل أن يتعرض الموقع نفسه لهجوم جوي إسرائيلي في شهر مايو 2013، وقالت إسرائيل إنه استهدف قافلة أسلحة نوعية كانت تتجه إلى «حزب الله»، كما استهدفت منشأة عسكرية في اللاذقية في خريف 2013، قيل إنها تحتوي على صواريخ «ياخونت» البحرية، قبل أن تستهدف إسرائيل موقعا للقوات الحكومية في القنيطرة، في مارس الماضي.
ويرجح أن تكون الطائرات الحربية الإسرائيلية عبرت الأجواء اللبنانية غرب السلسلة الشرقية الحدودية مع ريف دمشق السورية، قبل الدخول إلى المجال الجوي السوري. وحلقت تلك الطائرات على علو منخفض فوق منطقة العرقوب وفوق البقاع الأوسط في شرق لبنان على علو منخفض، قبل الإعلان عن ضرب أهداف في سوريا.
وعادة ما تحلق الطائرات الإسرائيلية في هذه الوجهة، قبل ضرب أهداف في سوريا، كي تتجنب أنظمة الدفاع الجوي السوري في محيط دمشق، إذ تحلق غرب المرتفعات اللبنانية الشرقية مما يمنع الرادارات السورية من اكتشافها مبكرا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم