العميم: لا يوجد تيار ليبرالي في السعودية... والليبرالية فشلت في سوريا ومصر والعراق

تحدث عن معاركه النقدية في لقاء افتراضي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة

العميم في اللقاء الافتراضي الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة مساء أول من أمس
العميم في اللقاء الافتراضي الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة مساء أول من أمس
TT

العميم: لا يوجد تيار ليبرالي في السعودية... والليبرالية فشلت في سوريا ومصر والعراق

العميم في اللقاء الافتراضي الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة مساء أول من أمس
العميم في اللقاء الافتراضي الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة مساء أول من أمس

خاض الناقد السعودي علي العميم الكثير من المعارك النقدية والأدبية على مدى سنوات طويلة، استرجع أبرزها في لقاء افتراضي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة مساء أول من أمس، ووصف خلاله المفكر الفلسطيني عدنان إبراهيم بأنه «مُستقطب سياسياً»، رغم كون إبراهيم يُقدم نفسه بأنه من أهل التجديد الديني.
وكانت ردود إبراهيم على المكاشفات النقدية التي قدمها العميم قاسية وعنيفة، الأمر الذي دفع العميم لوصفه بأنه مملوء بالزهو والغرور. وحول التصنيف الفكري الذي يضع إبراهيم فيه، اكتفى العميم بالقول إنه «متحوّل». وذهاباً إلى سلسلة نقدية شهيرة أخرى تناول فيها العميم أطروحات الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي، وأحدثت ضجة فكرية أثناء حياته، إذ علّق خاشقجي بأن العميم وصفه بأنه «ماركسي إسلامي».
رد العميم على ذلك قائلاً: «أنا لم أصنفه ماركسياً أبداً»، مشيراً إلى أن السعودية في الأساس لا يوجد فيها إسلام يساري أو يسار إسلامي. وأبان العميم بأنه قدم استدراكات موضوعية لخاشقجي الذي كان ينوي حينها طرحها في كتاب جديد يتناول الثورة والإخوان المسلمين والليبرالية وغير ذلك، مبيناً أنه قدم استدراكات ليستفيد منها خاشقجي قبيل ظهور كتابه. وعن ردة فعل خاشقجي آنذاك، يبدي العميم تعجبه قائلاً: «أتساءل هل هو لم يفهم كلامي أم تعمد المغالطة؟».
وحفل اللقاء بالعديد من الأسماء اللامعة التي أوجعها العميم بنقده، في حين وجه مشاري الذايدي الكاتب في صحيفة «الشرق الأوسط»، وهو الذي أدار الحوار، السؤال للعميم عن سبب أن معظم هذه الأسماء لاذت بالصمت، وأبدى العميم تفهمه لكون بعضهم قد لا يملك الوقت الكافي للرد على أطروحاته، إلا أنه أشار إلى أن العديد من الأسماء التي تحدث عنها هي لأشخاص موظفين سياسياً، بحسب وصفه، و«هناك من لجأوا إلى آخرين ليردوا عنهم، وجاءت ردودهم ضعيفة جداً».
وطرح الذايدي، سؤالاً للعميم حول سبب تخصصه في النقد، الأمر الذي دفع متندرين لأن يروا العميم في قالب (المدقق الفكري)، مع اتهامه بأنه ليس لديه أفكاره الخاصة. وهنا رد العميم في كونه في مرحلة عمله التي كان فيها منصرفاً للصحافة، كان يحب إجراء الحوارات الصحافية، قائلاً: «في لقاءاتي، كثيرٌ من الأسئلة أطرح فيها أفكاراً جديدة».
وتحدث العميم، وهو المثقف البريداوي نسبة إلى مدينة (بريدة) شمال العاصمة السعودية، عن المشهد الثقافي في مدينته بريدة، مع بداية قراءته للمجلات الثقافية العربية التي كان شغوفاً بها في صباه، مروراً بذكرياته للمكتبات القديمة في بريدة بتلك الحقبة، والتي كان يتردد عليها لاقتناء الكتب الفكرية التي توارت واختفت بعد الصحوة، وصار بديلها ما يُسمى الكتاب الإسلامي، بحسب وصفه.
والعميم الذي يصف قراءاته بأنها موسوعية، يقول: «هناك قراءة لأسباب آيديولوجية... لكن قراءاتي كانت قراءة حرة». إلا أن فكرة المثقف غير المتخصص ظلت تؤرقه، حيث يفيد بأنه كان يشعر بأن هناك أمراً خاطئاً، وعندها قرر أن يركز على موضوعات بعينها، مؤكداً أن القراءة الواسعة أفادته كثيراً، إلا أن تعدد القراءة يدفع للتشتت. واسترجع العميم ذاكرة الصحافة الثقافية آنذاك، قائلاً: «كان تيار الحداثة الأدبي هو المسيطر على جميع الصحف السعودية، فيما عدا جريدة (الندوة)».
ونفى العميم أيضاً وجود تيار ليبرالي في السعودية، «رغم وجود تيارات قومية ويسارية وأخرى دينية، آنذاك». وذكر أن «دخول السعودية في التيارات السياسية الفكرية الحديثة جاء تزامناً مع النظرة لليبرالية على أنها مرحلة تم تجاوزها في العالم العربي، وذلك رجوعاً للخمسينيات ميلادية، معتبراً أن الليبرالية - كتجربة سياسية - فاشلة في مصر أو في سوريا أو في العراق.
ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة من اللقاءات الحوارية الافتراضية التي تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة، وتستمر حتى الـ18 من شهر يوليو (تموز) الحالي، وتستضيف فيها مجموعة من المثقفين السعوديين والعرب لمناقشة قضايا ثقافية وفكرية متنوعة، ويتم بث اللقاءات مباشرة لعموم المهتمين عبر القناة الرسمية لوزارة الثقافة في موقع «يوتيوب».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.