القوى الفلسطينية تدعو إلى التصعيد عبر المسيرات

مواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
مواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

القوى الفلسطينية تدعو إلى التصعيد عبر المسيرات

مواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
مواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

دعت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينيين لتصعيد المقاومة الشعبية رداً على جرائم الاحتلال، بما فيها «جريمة الاستيطان الاستعماري، والتطهير العرقي».
وأكدت القوى في بيان صحفي صادر عنها بعد اجتماعها بمدينة رام الله أمس (السبت)، «استحالة القبول أو التعاطي مع أي أفكار أو مقترحات من أي جهة كانت لإضفاء طابع الشرعية على الاحتلال، وأن الحل الوحيد المقبول فلسطينياً هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية بإنهاء الاحتلال بكل أشكاله عن أرضنا، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، والاستقلال الوطني في دولة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، وتأمين حق العودة للاجئين وفق القرار الأممي 194».
وحذرت من إقدام الاحتلال على تنفيذ مخططاته العدوانية في قرية المغير شرق محافظة رام الله والبيرة، وهي إحدى المناطق المهمة لقربها من الأغوار، عبر البناء الاستيطاني، وتضييق الخناق على المزارعين. كما دعت القوى لحملة واسعة لإنقاذ حياة الأسرى من سياسة الإهمال الطبي المتعمد، بعد إعلان إصابة الأسير محمد صلاح الدين بالسرطان، خصوصاً مع تصاعد انتشار فيروس كورونا وإصابة عدد من السجانين بالفيروس.
ودعت القوى أيضاً للمشاركة الواسعة في المسيرات، والفعاليات التي تنظم رفضاً لمخطط الضم الاحتلالي، بما فيها المسيرة على ميدان أحمد الشقيري يوم الثلاثاء المقبل عند الساعة الخامسة مساء. وكانت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة قرار الضم، قررت إقامة المهرجان الوطني الرابع يوم الثلاثاء في رام الله، ودعت الجميع للمشاركة تحت علم فلسطين لإفشال الضم وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة وعاصمتها القدس.
ونظمت الفصائل بقيادة حركة «فتح» الشهر الماضي مهرجاناً كبيراً في أريحا في الأغوار ضد خطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية. وهددت حركة «فتح» بأنها قد تذهب إلى مرحلة جديدة من المقاومة إذا ضمت إسرائيل أجزاء من الضفة، في إشارة إلى المقاومة المسلحة.
ويأتي المهرجان الجديد بعد إعلان حركتي «فتح» و«حماس» وضعهما الخلافات جانباً والتوحد ميدانياً في مواجهط خطة الضم الإسرائيلي، وبناء عليه يتوقع أن تشارك «حماس» في هذا المهرجان الكبير. أثناء ذلك شن الجيش الإسرائيلي أمس، حملة اعتقالات في الضفة طالت مناطق متفرقة. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت مخيم بلاطة شرق نابلس من عدة محاور، وتمركزت في حارتي الحشاشين ومحيط المقبرة واعتقلت شابين بعد اقتحامها منزلهما، كما تم اعتقال أحد أفراد قوات الأمن الوطني على حاجز زعترة جنوب نابلس، وهو من سكان مخيم عسكر.
واعتقلت إسرائيل أيضاً شابين من أطراف قرية جيبيا شمال رام الله وآخرين من داخل البلدة القديمة في الخليل بعد اعتداء المستوطنين عليهم. وتقول إسرائيل إنها تراقب عن كثب تصرفات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، على ضوء إمكانية تنفيذ خطة الضم.
ويرجح الجيش الإسرائيلي أن السلطة لن تدفع نحو أعمال عنف شديدة ومتطرفة، لكنهم يستعدون لعدة سيناريوهات، بينها أن مظاهرات منظمة قد تخرج عن السيطرة عند نقاط التماس، ما يضطر الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق نار يمكن أن يسفر عن سقوط قتلى وجرحى، أما السيناريو الآخر فهو تنفيذ عمليات فردية، أو عمليات تنفذها خلايا نائمة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.