تزايد الاستدعاءات والاعتداءات على الناشطين في لبنان

أربع حوادث خلال أسبوع

من المواجهات الاخيرة بين متظاهرين وقوات الأمن في بيروت (رويترز)
من المواجهات الاخيرة بين متظاهرين وقوات الأمن في بيروت (رويترز)
TT

تزايد الاستدعاءات والاعتداءات على الناشطين في لبنان

من المواجهات الاخيرة بين متظاهرين وقوات الأمن في بيروت (رويترز)
من المواجهات الاخيرة بين متظاهرين وقوات الأمن في بيروت (رويترز)

تزايدت الاعتداءات التي تستهدف الناشطين اللبنانيين ضد أحزاب السلطة في الفترة الأخيرة، في حوادث وصفها البعض بأنها «استفراد» بهم، وسجلت أربع حوادث على الأقل خلال الأسبوع الأخير في بيروت والشمال والجبل وكان آخرها في الجنوب أمس.
واعتدى ثلاثة شبان يُشتبه في أنهم مقربون من «الثنائي الشيعي» في الجنوب (حزب الله وحركة أمل)، بعد ظهر الخميس، على ناشطين كانوا يقومون بنزهة سيراً على الأقدام في الأحراش الواقعة قرب مدينة النبطية في الجنوب، مستخدمين آلات حادة وعصيّاً، بينهم الناشط وسام بشارة الذي أظهرت صور تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، تعرضه لكسور وجروح في اليدين ومنطقة الظهر. وقال وسام لـ«الشرق الأوسط» إنه تقدم بدعوى قضائية وأدلى بإفادته أمام مخفر النبطية يوم الجمعة.
وأتت الحادثة بعد أيام على الاعتداء على الناشط شربل القاعي في البترون في الشمال، والتعرض لمجموعة محتجين في بقعاتا في جبل لبنان، بموازاة استدعاءات إلى القضاء لإعلاميين وناشطين اشتهروا بالاحتجاج ضد المصارف. وجاءت بعد أسبوع على الاعتداء على الناشط المعروف المحامي واصف الحركة الذي أوقفت شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي الخميس خمسة أشخاص تعرضوا له بالضرب أثناء خروجه من إذاعة «صوت لبنان» في الأشرفية، واعترفوا أثناء التحقيقات أنهم اعترضوا على تحركاته الاحتجاجية أمام الوزارات، ومن بينها وزارة الشؤون الاجتماعية.
وكشف الحركة أمس أن «الأشخاص الستة الذين اعتدوا علي لاحقوني طوال أسبوع وإحدى السيارات التي استخدموها تعود لوزارة السياحة ومن بين هؤلاء ثلاثة اعتدوا سابقاً على الناشط فراس أبو حاطوم». وقال في تصريح: «الواضح أن المعتدين علي ينتمون إلى الحزب الديمقراطي اللبناني وأحدهم ما زال فاراً»، مشيراً إلى أنه «خلال الاعتداء علي في سيارة الـ(رابيد) صوّروا العملية، والسؤال لمن أرسلوا الفيديو؟».
وأعلن الحركة أنه «قد يذهب ومجموعة محامين إلى الادّعاء على رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان والوزير رمزي مشرفية»، لافتا إلى أن «القضاء في لبنان يتبع الأمن ولن نسكت على عدم التوسّع بالتحقيق».
لكن وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية (المقرب من أرسلان) رفض هذا الاعتداء، معلناً يوم الجمعة أنه تواصل مع المدعي العام التمييزي القاضي غسّان عويدات وأرسل له كتاباً اتخذ فيه صفة الادعاء الشخصي على من قام بالاعتداء على المحامي الحركة. وقال المشرفية: «نكرّر رفضنا واستنكارنا لما حصل ودعوتنا للقضاء باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة».
من جهته، أعلن رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان عبر «تويتر» رفضه لما حصل، مؤكداً «أننا لا نغطي الفاعلين، وما يطالب به لا يستحق إلا التقدير». وطالب القضاء المختص بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة وأن يأخذ القانون مجراه».
ويظهر تزايد الاعتداءات في المناطق اللبنانية أن قوى السلطة تحاول ترهيب الناشطين، لحثهم على وقف التحركات. ويقول الأكاديمي والناشط السياسي الدكتور باسل صالح إن تلك الاعتداءات، وما يُضاف إليها من اعتداءات، «تظهر أن هناك توجهاً عاماً لترهيب الناشطين من قبل قوى النظام»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الترهيب يسير على ثلاثة مستويات عبر الاعتداء على التحركات، والثاني على ناشطين بارزين، كما هو الحال في قضية واصف الحركة، والثالث على أفراد بهدف توجيه رسائل ردعية لناشطين آخرين، كما هو الحال في الجنوب.
ويرى صالح أن هناك «محاولة لإخماد النشاط الثوري ضد النظام، ومحاولة التضييق على محركي الثورة وخنقهم وترهيبهم»، لافتاً إلى أن هناك «جواً من الترهيب في القضاء والاستدعاءات في السياق نفسه»، في إشارة إلى استدعاء الإعلامي رياض قبيسي، واستدعاء الناشط المنتمي إلى الحزب الشيوعي محمد بزيع الذي قاد حملة لإجبار المصارف على دفع الأموال للناس في وقت سابق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.