بينما يتواصل التحشيد العسكري المتبادل في سرت بين «الجيش الوطني» الليبي، وقوات حكومة «الوفاق»، كشفت مصادر ليبية مطلعة النقاب عن ملامح صفقة تتبلور حالياً، يتم بموجبها رسمياً إعادة استئناف إنتاج النفط في ليبيا، مقابل خروج تركيا من المشهد العسكري، وتجنب حرب وشيكة في منطقة البحر المتوسط، وسط معلومات خاصة عن تهديدات أميركية بفرض عقوبات على القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، عجلت بقرار غير رسمي حتى الآن بإعادة إنتاج النفط مجدداً.
وأفصحت وثيقة حصلت عليها «الشرق الأوسط» عن وضع حفتر، وما يعرف باسم «حراك المدن والقبائل الليبية للحفاظ على الموارد النفطية»، أربعة شروط في رسالة وجهت إلى ستيفاني ويليامز، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا بالإنابة، أولها إخراج الإرهابيين الذين جلبتهم تركيا، وإلغاء الاتفاق الذي أبرمته مع حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، بشأن تدخلها العسكري في ليبيا، بالإضافة إلى إقالة رئيسي المصرف المركزي، ومؤسسة النفط، المواليين لحكومة السراج.
وتضمنت الرسالة، التي تم إرسالها في العاشر من الشهر الماضي، إلى ويليامز، «تحويل إيرادات ليبيا من النفط إلى فرع المصرف المركزي في مدينة البيضاء»، التابع للحكومة المؤقتة، وذلك تحت إشراف البعثة الأممية، التي يفترض أنها «ستتعهد بتحقيق هذه المطالب خلال 90 يوماً من بدء استئناف إنتاج وتصدير النفط».
وتلت الرسالة اجتماعاً لأعضاء الحراك مع المشير حفتر، عقد في التاسع من الشهر الماضي، حيث تم «الاتفاق بطلب منه على ضرورة فتح النفط حفاظاً على مدنية الدولة والمسار الديمقراطي»، كما أشارت هذه الرسالة إلى تأكيد حفتر على «ضرورة الوقوف مع البعثة الأممية»، باعتبارها «الجهة الوحيدة التي تستطيع متابعة تنفيذ المطالب السابقة»، بالإضافة إلى حرصه على تدريب شركة النفط العالمية للكوادر الليبية.
وقالت مصادر ليبية مقربة من عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، الذي يعتزم القيام بزيارة وشيكة إلى إيطاليا، لـ«الشرق الأوسط»، إن جانباً من المحادثات، التي أجراها مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي، تشمل رفع العقوبات المفروضة عليه، مشيرة إلى أن صالح كان لديه أمس جدول مزدحم بالاجتماعات مع مسؤولين أوروبيين، بالإضافة إلى وفد فرنسي.
كانت البعثة الأممية قد أعلنت، في بيان لها، مساء أول من أمس، عن اجتماع عقدته رئيستها وليامز في مدينة جنيف السويسرية مع رئيس مجلس النواب الليبي، تناول مبادرته الأخيرة لحل الأزمة الليبية، وإعادة إحياء الحوار السياسي، والحاجة لتكثيف الجهود لإيجاد حل سياسي شامل.
وطبقاً للبيان، فقد رحب الطرفان بإعلان مؤسسة النفط الموالية لحكومة «الوفاق» رفع القوة القاهرة، وإعادة فتح النفط أول من أمس. كما أكدا على ضرورة عدم وضع أي عراقيل أمام تدفق النفط، كونه «ملك كل الليبيين، ويجب أن يدار إنفاق إيراداته بشفافية ومهنية».
وقال مسؤول مطلع على كواليس المفاوضات، «ثمة ضغوط أميركية ودولية، فالمشير حفتر مهدد بعقوبات أميركية، وبإدراجه على قائمة المحكمة الجنائية الدولية»، مع ما يعرف باسم «قوة الكانيات» في مدينة ترهونة، وهي قوة مسلحة موالية للجيش الوطني تحولت لاحقاً إلى اللواء السابع ثم التاسع، مشيراً إلى تهديد المحكمة بمعاقبة حفتر في إطار تحقيقاتها بشأن زرع ألغام، والعثور على مقابر جماعية في ترهونة.
وتزامناً مع ذلك، قرر المجلس الأعلى للقضاء، الموالي لحكومة «الوفاق»، استحداث دوائر خاصة لمحاكمة المتهمين في جرائم وقعت في عدة مدن بالبلاد، قبل انسحاب قوات الجيش منها، وقال في بيان له، مساء أول من أمس، إنه لن يقبل التشكيك بمقدرته على اتخاذ هذا القرار، بالرغم من الظروف التي تمر بها البلاد.
وأوضح المجلس أن هذه الدوائر ستحاكم المتهمين في أحداث وقعت بمدن ترهونة وبنغازي ودرنة، وطرابلس وضواحيها وغيرها بعدة تهم، من بينها القتل وتلغيم وحرق المنازل، لافتاً إلى أنه تواصل مع مكتب النائب العام لمباشرة الدعاوى الجنائية بحق الجناة، وملاحقتهم أينما كانوا.
بدوره، اعتبر فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، أن عائدات النفط يجب أن تدار بشفافية وتوزع بعدالة على مختلف المناطق، وألا تكون مصدراً لابتزازات فئوية، أو مناكفات سياسية. كما رحب في تغريدة له عبر موقع «تويتر»، بإعلان رفع القوة القاهرة عن كل صادرات النفط، وشكر جميع الأطراف التي ساهمت في تحقيق ذلك.
وفيما اتهم المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» بالجيش الوطني، الميليشيات المسلحة، بحرق سوق تجارية في العاصمة طرابلس، استمر التحشيد العسكري المتبادل في سرت، بين قوات «الجيش الوطني» وقوات حكومة «الوفاق»، التي قالت عبر بيان مقتضب لعملية «بركان الغضب» التي تشنها، إن عناصر من قوة مكافحة الإرهاب بدأت ما وصفته بعمليات تمشيط الأودية الواقعة بين مدينتي ترهونة وبني وليد «لفرض الأمن والاستقرار بالمنطقة، وملاحقة أي فلول هاربة لعصابات (الكانيات)».
كما اتهم الناطق باسم غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابعة لقوات «الوفاق»، عناصر من الكتيبة 128 بالجيش بقتل شخصين، بينهما امرأة وأحد سكان مدينة هون، بينما لا يزال مصير شخص ثالث مجهولاً.
ملامح صفقة لإعادة استئناف إنتاج النفط مقابل «خروج تركيا»
«الجيش الوطني» يتهم «الميليشيات» بحرق سوق في طرابلس... وتحشيد عسكري متبادل في سرت
ملامح صفقة لإعادة استئناف إنتاج النفط مقابل «خروج تركيا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة