لجوء 20 % من الأسر السعودية إلى تدريس أبنائها في القطاع الأهلي

أجواء دراسية أكثر طمأنينة.. وصارت ثقافة اجتماعية لدى متوسطي الدخل

أشارت دراسة تربوية سعودية إلى أن الأهالي الذين يفضلون هذا النوع من المدارس الأهلية لإيمانهم بقدرة هذه المدارس على احتواء أبنائهم في المراحل المبكرة من الدراسة (أ.ف.ب)
أشارت دراسة تربوية سعودية إلى أن الأهالي الذين يفضلون هذا النوع من المدارس الأهلية لإيمانهم بقدرة هذه المدارس على احتواء أبنائهم في المراحل المبكرة من الدراسة (أ.ف.ب)
TT

لجوء 20 % من الأسر السعودية إلى تدريس أبنائها في القطاع الأهلي

أشارت دراسة تربوية سعودية إلى أن الأهالي الذين يفضلون هذا النوع من المدارس الأهلية لإيمانهم بقدرة هذه المدارس على احتواء أبنائهم في المراحل المبكرة من الدراسة (أ.ف.ب)
أشارت دراسة تربوية سعودية إلى أن الأهالي الذين يفضلون هذا النوع من المدارس الأهلية لإيمانهم بقدرة هذه المدارس على احتواء أبنائهم في المراحل المبكرة من الدراسة (أ.ف.ب)

أفصحت رئيسة لجنة ملاك المدارس الأهلية في مدينة جدة غرب السعودية، عن لجوء 20 في المائة من الأسر السعودية إلى تعليم أبناءئها في المراحل الدراسية الأولى في مدارس أهلية، لتعزيز الرغبة في الدراسة واكتشاف القدرات لدى الطفل في مراحله الأولى.
وأكدت مسفرة الغامدي رئيسة لجنة ملاك المدارس الأهلية بجدة لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر بدأ تدريجيا حتى أصبح ثقافة اجتماعية لدى الكثير من الأسر متوسطة الدخل، التي يؤمن الكثير منها بأنها تساعد الأبناء لقبول الدراسة في مراحل العمر المبكرة التي عادة ما يتخوف منها الكثير من الأبناء، إضافة إلى تعزيز المهارات التي تظهر على الطفل في السن المبكرة وتنمية هواياته.
وبررت الغامدي، سبب توجه الأسر السعودية للقطاع الأهلي في المدارس خلال السنوات الـ20 الماضية بشكل كبير، بأنه جاء نظير المخرجات التعليمية التي يلمسها أهالي الأطفال عن غيرها من مخرجات التعليم الحكومي في مرحلة الابتدائي، الأمر الذي اعتبره الكثير من أولياء الأمور مطلبا أساسيا لتعليم أبنائهم في المراحل المبكرة للدراسة.
واعتبرت الغامدي ظهور المدارس الأهلية جنبا إلى جنب مع المدارس الحكومية أمرا صحيا على مستوى التعليم، فقد أضافت مساحة تعليمية أخرى من خلال إضافة بعض المواد المحفزة والنشاطات المدرسية وطرق تدريس يصاحبها الترفيه، خاصة في مرحلة الابتدائي أو حتى ما قبلها.
وتسهم المدارس الأهلية في التخفيف على قطاع التعليم الحكومي من خلال استقطاب نسبة كبيرة من أبنائها بحسب الغامدي، معتبرة أن القطاع الأهلي يسير جنبا إلى جنب مع قطاع التدريس الحكومي لدعم حركة التعليم في السعودية الذي يعتبر من أكثر القطاعات دعما من قبل الحكومة. وتعتبر المدارس الأهلية في السعودية ذات مستويات مختلفة، فقد تفنن المستثمرون في هذا القطاع لتحفيز وترغيب عملائها من أولياء أمور الطلاب والطالبات على مختلف المراحل، وخاصة في المرحلة المبكرة من التعليم، التي يحرص فيها كثير من أولياء الأمور على اختيار مدرسة يطمح إلى أن تلبي رغباته الأولية في تعليم أبنائه بالشكل الذي يضمن مفهوم التربية والتعليم.
واعتبرت أمل الدوسري، مالكة لإحدى المدارس الأهلية في مدينة الخبر شرق السعودية، أن وجود قطاع التدريس الأهلي بمختلف مراحله، وخاصة التمهيدية منها والابتدائي، هو مساند قوي لقطاع التعليم الحكومي بشكل كبير، مؤكدة على نظرة المستثمر في هذا القطاع إلى تطوير مرافق التعليم واختيار كادر تدريس من ذوي الخبرة والكفاءة العالية، حرصا منها على استمرارية الطالب وتقوية سمعتها في المجتمع.
وأشارت الدوسري إلى أن المدرسة الخاصة بها مستمرة في هذا المجال باحتوائها على فصول خاصة بصعوبة النطق والتوحد، الأمر الذي ساعد بشكل كبير وملموس على تخفيف الحمل عن القطاع الحكومي، بتهيئة فصول دراسية داخل الأحياء القريبة من ذويهم، التي شجعت كثيرا من أولياء الأمور على إشراك أبنائهم في هذه المدارس.
واتفق الكثير من أولياء الأمور خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» على أن التعليم في القطاع الأهلي للمراحل الدراسية الأولى يسهل على أولياء الأمور تقبل أبنائهم للمدرسة لما يلقونه من مبادرات ترغيب للطالب من اليوم الأول، مشيرين إلى أن أبناءهم يستشعرون وجود المرح والتسلية في تلك المدارس التي تمارس التعليم بالترفيه في المراحل الأولى.
من جهة أخرى، أشارت دراسة تربوية سعودية إلى أن الأهالي الذين يفضلون هذا النوع من المدارس الأهلية، لإيمانهم بقدرة هذه المدارس على احتواء أبنائهم في المراحل المبكرة من الدراسة وبعدهم عن الجو المنزلي مع أول تجربة لهم، كما تساعدهم في التغلب على الصعوبات التي تواجههم، سواء كان ذلك من ناحية دراسية كضعف التحصيل والقدرات العقلية، أو من ناحية السمات الشخصية كالخجل والانطواء والقلق والاضطراب.
وتؤكد الدراسة التي أجرتها منى السديري، وهي أكاديمية بجامعة القصيم، على محاولة قطاع التدريس الأهلي دمج الطلاب وإشراكه في العملية التعليمة استنادا إلى الوسائل والتقنيات الحديثة التي تمتلكها هذه المدارس، التي تسهم في رفع أداء طلابها، من خلال أساليب تدريسية ذات نظم حديثة ومتطورة، تتفوق فيها على نظيراتها الحكومية. وتشير الدراسة إلى إسهام القطاع الأهلي في تدريس مناهج داعمة للطلاب تساعدهم في تقوية مهاراتهم وقدراتهم، كوجود مواد إضافية ولغات أخرى، كالإنجليزية والفرنسية، إضافة لبعض المهارات التربوية وبعض الأنشطة الأخرى التي تقوي حصيلتهم المعرفية وتنمي مواهبهم وميولهم واتجاهاتهم.
واعتبرت الدراسة أن المناخ التربوي في قطاع التدريس الأهلي مريح للطلبة في مختلف مراحلهم بسبب قلة الأعداد الملتحقة بها، وبالتالي القدرة على توجيههم وضبط سلوكهم بالطرق التربوية الصحيحة، ولذلك يفضل الكثير من الأهالي هذا الخيار التربوي لتمكن أبنائهم من الالتحاق بجو تعليمي هادئ خال من المشكلات والتحرشات المؤذية لنفسية الطالب، والمساهمة في تراجع أدائه المدرسي بشكل كبير، فأحد أهم شروط البيئة التعليمة المثالية الصحية هو الأمان النفسي والبدني، وهذا ما قد تحققه المدارس الأهلية.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».