رفيف الظل: كتبنا الطريقَ.. محانا الوصول

رفيف الظل: كتبنا الطريقَ.. محانا الوصول
TT

رفيف الظل: كتبنا الطريقَ.. محانا الوصول

رفيف الظل: كتبنا الطريقَ.. محانا الوصول

يصرخُ الجبانُ: من أنا بين أقنعتي؟ ويلدغُه صدى صامتٌ في لسانه، ويخدش همزتَهُ حرفٌ طويل. الخوفُ دائرة لا تدور. عندما تصير الكلمة جمرة في الرمق ويعسر نطقها، وعندما ترتفع السياطُ ونحن لم نصفق بعد، وهذا وذاك مقتولان بالمجان. لن يحنو علينا الجدارُ وقد عهدناه أبا في الشدّة. وهذا المسير، ألا تراهُ يعيدنا معلولين إلى البداية مرة ومرتين؟ فلماذا لا تعرفُ الخوفَ وهو وجهُك ولسانُك وبعضُ رؤاك؟
برجل مرتجفة يتسابقُ المرتبكون، وبوجلٍ على عجل يتعثّرُ الملهوف، والغنيمة وهي طريدة المستحيلِ، لا يطالها سوى من تجاسرَ على هزّ الأساسات، حتى لو تهدّمَ المعبدُ فوق رؤوس نسّاكهِ المنسيين.
لقد رأيناكَ ترمي حجرا في الركود، وسمعنا ما تسرّهُ للورد. فاتكَ أن الرملَ شققّ الأسماءَ، وأعدم َالرؤية رميا بالسياط.
سيزحفُ الوردُ للبحيرة الراكدة، وسيجدُ جثثَ النسّاك بمحاذاتها، سيجدها ترتجف، فلا تقل لي إنها صلاة ما بعد الموت، بل هو الخوفُ يلازمُ الأرواح. كلّ ذلكَ ليسَ بيدك، ولا رهنا برغبتك: أن تخافَ أو أن تصغي لهسيس رمل البحيرات. الخوف في الخلايا والشرايين. وعلى من يرقبك أن يسبركَ وأنت تتفادى افتعال صلاة في وحش بلا شكيمة.
الخوفُ في الخلايا والشرايين.
لكَ أسماءٌ شتى، والمعاجمُ تقصرُ عن تفسيرك.
انظرْ إلى فرائص الناس وهي ترتعشُ وترتجفُ وتتأرجح في هاوية الخريطة.
ليس ثمة قتلٌ بالمجان، كلّ دمٍ له ثمن.
ما ثمنُ الدمِ الذي يغادر الروحَ بطلقة طائشة؟ ما ثمنُ هذا الطيش، إذ يجرّكَ إلى منفى بلا لغة، وإلى خريطة من دون جنوب؟ وقد يستدرجكَ من حبالِ عقلكَ إلى جنوح متأصلٍ فيك، وربما حملتَ البندقية وأنت تظنها قلمَ الضد.
سمعنا دعوة القتلِ في كتابِ الواجبات، وهمْ لبّوا لأن شهوتها لا تحد. ونحن انكفأنا لأننا نفكر وسلاحنا الشك. ولم يتوار الخوف يوما.
نحن جهاتُ الأرض ولغاتُها المذعورة. وقليل من الجنون يجعلنا كائناتٍ جديرة بالباقي من الحياة. وكلما شددْنا حبلَ هذا الباقي، وجدناهُ يصعدُ متشبثا بسفح بصيرتنا، ليشرفَ على ريف الذكرى، وليرى كم استنزفنا من أفق البحر.
هذا هو البحر، أفقٌ نذهبُ إليه لئلا نصل. فالتجربة في الطريقِ وليسَ في الوصول.
الحبُ هو ألاّ تصل.
من يزعم أنه وصل؟
بين الحبِ والبحرِ ثمة حبرٌ ضائعٌ، كلما كتبنا الطريقَ، مَحانا الوصول. وكلما نفضنا الرمادَ عن عظامنا المفتَتة، أغرقتِ البوصلة جلودنا باتجاه تيهِ الأنبياء. نحُن نعرفُ أن غيرَنا يغرقُ في قطرة، وبعضنا يغصّ إذا خسرَ الوحدة لأنها شتاته، وهناكَ من يسبحُ في الدمعِ، وامرأة تفيض، وأخرى تكون المد، ورجال سائبون تحت مطر النسيان.
تحشرنا اللحظة في خلاط، ولا نكادُ نتعارف.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».