{فيتو} روسي ـ صيني يمنع تمديد آلية المساعدات الإنسانية لسوريا

13 دولة من بين 15 وافقت على مشروع القرار الألماني ـ البلجيكي في مجلس الأمن

مظاهرة في إدلب ضد الفيتو الروسي - الصيني على قرار دولي لتمديد المساعدات (أ.ف.ب)
مظاهرة في إدلب ضد الفيتو الروسي - الصيني على قرار دولي لتمديد المساعدات (أ.ف.ب)
TT

{فيتو} روسي ـ صيني يمنع تمديد آلية المساعدات الإنسانية لسوريا

مظاهرة في إدلب ضد الفيتو الروسي - الصيني على قرار دولي لتمديد المساعدات (أ.ف.ب)
مظاهرة في إدلب ضد الفيتو الروسي - الصيني على قرار دولي لتمديد المساعدات (أ.ف.ب)

انتظر نحو 3 ملايين شخص في شمال غربي سوريا نتائج تصويت أعضاء مجلس الأمن في شأن تمديد ولاية قرار دولي لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود الذي انتهت مدته أمس.لكن آمالهم أُحبطت بعدما لجأت روسيا والصين إلى ممارسة حق النقض ضد مشروع قرار ألماني - بلجيكي يهدف إلى الإبقاء على آلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية مع تركيا.
ونقل دبلوماسيون أنّ مشروع القرار حاز على موافقة 13 بلدا من بين 15، لكنه أسقِط بسبب لجوء موسكو وبكين إلى حق النقض للمرة الثانية في ثلاثة أيام، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ونشأت آلية الأمم المتحدة عبر الحدود عام 2014، وهي تسمح بإيصال المساعدات للسوريين دون موافقة دمشق. وانتهى التفويض لهذه الآلية مساء الجمعة. وهذا الفيتو الـ16 لروسيا والعاشر للصين حول نصوص مرتبطة بسوريا منذ بدء الحرب عام 2011.
واستخدمت روسيا ومعها الصين الثلاثاء حق النقض ضد مشروع القرار الذي يمدد لعام هذه الآلية مع المحافظة على المعبرين الحاليين في شمال غربي البلاد مع تركيا، الأول هو معبر باب السلام المؤدي إلى محافظة حلب والآخر معبر باب الهوى نحو محافظة إدلب.
وهذه الإجراءات المحددة للأمم المتحدة تسمح بتجاوز الحصول على أي موافقة من دمشق لنقل المساعدة الإنسانية إلى السوريين في مناطق لا يسيطر عليها النظام.
وكانت روسيا التي تعد أن القرار ينتهك السيادة السورية قد فرضت إرادتها على الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، بانتزاعها خفضاً كبيراً في آلية المساعدات عبر الحدود التي باتت تنص على نقطتي عبور، بدلاً من 4 نقاط، ولستة أشهر، بينما كانت تمدد سنوياً منذ تطبيقها في عام 2014.
وقدمت روسيا التي تؤكد رغبتها بمواصلة تقديم المساعدة لمحافظة إدلب، معقل الفصائل المقاتلة، ويعيش فيها نحو 4 ملايين شخص، إلى مجلس الأمن مشروعاً مضاداً يبقي على معبر الباب فقط، ولستة أشهر.
وحصل القرار، خلال تصويت الأربعاء، على تأييد 3 دول فقط، بالإضافة إلى روسيا، فيما كان يحتاج إلى 9 لتمريره من دون أن تستخدم أي من الدول الدائمة العضوية في المجلس حق النقض.
وتقدمت ألمانيا وبلجيكا، العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن المكلفان بالشق الإنساني في الملف السوري في الأمم المتحدة، بمشروع قرار لتمديد التفويض طرح للتصويت الخميس، وتم التصويت عليه أمس. وفي تنازل وحيد لموسكو، تعرض الدولتان الأوروبيتان تمديد تقديم المساعدات لستة أشهر فقط، لكنهما أبقتا على نقطتي العبور الحاليتين إلى الأراضي السورية.
وترى السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، أنه من الضروري «الوصول إلى أكبر عدد ممكن من السوريين الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية». ورداً على سؤال حول ما إذا كان هذا الأمر يشكل «خطاً أحمر»، أجابت: «نعم، بالتأكيد». وعدت إن إلغاء معبر باب السلام سيحرم 1.3 مليون سوري من المساعدات الإنسانية في شمال حلب.
ولم يجازف كثير من الدبلوماسيين، الخميس، بالتخمين حول تصويت روسيا لحسم هذه «المواجهة». وقال أحد الدبلوماسيين: «ليس لدي أي فكرة». وعد آخر أن موسكو قد تظهر «عدم مرونة»، كالتمسك بموقفها الأصلي (ستة أشهر ونقطتا عبور) خلال المفاوضات قبل أن تتشدد. وأشار ثالث إلى أن فيتو روسياً جديداً «غير مستبعد»، ولكن من الممكن أيضاً أن يمر النص «بفارق طفيف جداً» من الأصوات.
وترى الأمم المتحدة أن الإبقاء على أكبر عدد ممكن من المعابر أمر بالغ الأهمية، خاصة في ضوء خطر وباء «كوفيد-19» الذي ينتشر في المنطقة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد طلب، في تقرير في يونيو (حزيران) الماضي، تمديد المساعدات لمدة عام واحد في نقطتي العبور الحاليتين. وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، الخميس، رداً على سؤال حول إذا ما كان يمكن للأمم المتحدة أن توافق على وجود معبر واحد: «نحن نحتاج إلى تمرير مزيد من المساعدات عبر الحدود، وليس أقل».
وأعرب نازحون سوريون يعتاشون على المساعدات الإنسانية عن قلقهم بعدما حاولت روسيا، حليفة نظام الرئيس بشار الأسد، خفض المساعدات الدولية التي تصل عبر الحدود التركية.
لكن ما يثير قلق النازحين هو أن يوم الجمعة هو تاريخ انتهاء صلاحية الآلية الأممية المتبعة لإيصال المساعدات. ووفقاً للأمم المتحدة، يعتمد نحو 2.8 مليون شخص على هذه المساعدات في شمال غربي سوريا، بما في ذلك معقل المعارضة في إدلب.
وفي المخيم الأزرق، الواقع شمال مدينة إدلب، يقول النازح أبو سالم (48 عاماً)، وهو أب لخمسة أطفال: «هناك أناس محتاجون؛ لقد تركوا خلفهم بيوتهم، تركوا خلفهم كل شيء... هم يقيمون في خيمة من نايلون، بلا مروحة وبلا أي شيء». ويضيف وقد وقف قرب خيمة بلاستيكية زرقاء: «لأي سبب سيوقفون المساعدات الإغاثية؟ من أين سنأتي غداً بكيلو أرز أو بكيلو سكر؟».



إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
TT

إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

ألحقت جماعة الحوثيين مئات المهاجرين الأفارقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة العسكرية، ضمن حملات تجنيد تستهدف جميع الفئات؛ استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

ودفعت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة بأكثر من 220 مهاجراً أفريقياً، بينهم أطفال وكبار سن للالتحاق بدورات عسكرية سرية أُقيمت في مناطق عدة في صنعاء وريفها تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، حسب ما ذكرته مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

أفارقة استقطبهم الحوثيون في صنعاء (إعلام محلي)

ويسعى الحوثيون إلى تدعيم صفوفهم بمقاتلين جُدد، عبر تنفيذ عمليات ملاحَقة وخطف واستقطاب وغسل أدمغة وإجبار على الالتحاق بدورات طائفية وعسكرية.

ووفقاً للمصادر، فإن مئات المهاجرين الأفارقة المستهدفين بعملية التجنيد الأخيرة هُم ممن جرى القبض عليهم قبل فترة، ونقلهم على دفعات من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة إلى معسكرات تدريب تعبوية وعسكرية أُنشئت بعيداً عن متابعة المنظمات الدولية ورقابتها.

واتهمت المصادر جماعة الحوثي بالقيام بمساومة أعداد من المهاجرين بين الالتحاق بصفوفها للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وذكرت أن ذلك الاستهداف يُعد ترجمة لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة الحوثية، تحضّ على إنشاء معسكرات تعبئة المهاجرين.

وجاءت هذه الممارسات متوازية مع إقرار الجماعة بشنّ حملات تعقب ومطاردة للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة أسفرت خلال شهر واحد عن اعتقال 1694 شخصاً من مناطق عدة بالمحافظة، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز، بعضها يتبع ما تُسمّى «مصلحة الهجرة»، وفق ما بثّه مركز الإعلام الأمني الحوثي.

مهاجرون أفارقة في إحدى المناطق اليمنية (إكس)

كما أقرت الجماعة الحوثية، عبر تقارير أخرى صادرة عن أجهزتها الأمنية في صنعاء، بتنفيذها، منذ مطلع العام الحالي، حملات تعقب وملاحَقة وخطف، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 3480 مهاجراً في صعدة ونقلهم إلى صنعاء.

انتهاك مستمر

يأتي الاستهداف الحوثي للمهاجرين الأفارقة مع استمرار تعرّض المئات منهم لشتى صنوف الانتهاك والابتزاز، وفق ما ذكرته مصادر حقوقية وتقارير دولية.

وتبرّر الجماعة الحوثية عملياتها الاستهدافية المستمرة ضد اللاجئين بسبب ما تزعمه من «خطورتهم على المجتمع»؛ حيث ترحّلهم من معقلها الرئيسي في صعدة، ومن مدن أخرى، وتجميعهم في مراكز تابعة لها في صنعاء، ثم إلحاقهم بمعسكرات تجنيد واستخدامهم في مهام تجسسية وتهريب ممنوعات.

وسبق أن اتّهم ناشطون يمنيون الجماعة الحوثية باستحداث معسكرين تدريبيين جديدين؛ أحدهما بمحافظة صعدة، وآخر قرب مزارع «الجر» غرب مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة؛ حيث تستقطب الجماعة إليهما مئات المهاجرين الأفارقة الواصلين تباعاً إلى الأراضي اليمنية؛ بهدف إلحاقهم بجبهات القتال، واستخدامهم بمهام استخباراتية وتنفيذ مخططات استهدافية.

المهاجرون الأفارقة يتدفقون إلى الأراضي اليمنية عبر شبكات التهريب (الأمم المتحدة)

وكانت الحكومية اليمنية ندّدت غير مرة باستمرار الجماعة الحوثية في تجنيد اللاجئين الأفارقة للقتال في صفوفها، وعدّت ذلك جريمة حرب وانتهاكاً للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

وفي تقرير سابق لها، اتّهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الحوثيين بإخفائهم قسرياً نحو 2406 يمنيين من مختلف الفئات والأعمار، مضافاً إليهم 382 لاجئاً أفريقياً في 17 محافظة، في الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2017 حتى منتصف العام الماضي.