جنى روحانا: فترة الجائحة علمتني عدم الاستخفاف بالوقت

أطلقت أخيراً أغنية جديدة من إخراج جاد شويري

جنى روحانا
جنى روحانا
TT

جنى روحانا: فترة الجائحة علمتني عدم الاستخفاف بالوقت

جنى روحانا
جنى روحانا

قالت الفنانة جنى روحانا، إن قرار إطلاقها أغنية جديدة في هذه الفترة كان صعباً. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «لقد كانت جاهزة منذ أشهر طويلة إلا أن اندلاع الثورة من ناحية، وانتشار الوباء من ناحية ثانية، أخّرا عملية إصدارها. واليوم ورغم الأوضاع المتأزمة في لبنان على أصعد كثيرة، اتخذت قراري وقدمتها. فالفنان من شأنه أيضاً أن يخفف من قتامة الأجواء واسودادها».
وكانت روحانا قد صورت أغنيتها الجديدة التي تحمل عنوان «تقبرني أنا»، مع المخرج جاد شويري الذي تصفه بالصديق المقرّب والفنان المتألق، وتقول «لقد سبق وتعاونت معه في أغنيتي (بنت جديدة) و(درس خصوصي)، فأحببت طريقته في العمل، ولا سيما وأنه يعطي كل فنان طابعاً يتلاءم مع شخصيته. فهو من المخرجين المثقفين جداً في لبنان، ويتمتع بعين ثاقبة، وحركة كاميرا خارجة عن المألوف. وفي أغنيتي (يقبرني أنا) خاط لها الزي الإخراجي الذي يلائمها».
لحّن الأغنية جان صليبا، أما كلماتها فكتبتها جنى شخصياً، هي التي تعشق الكتابة سيما وأنها ابنة الشاعر اللبناني مارون روحانا. «بداية لم أكن أعلم أني أتمتع بهذه الموهبة، ومع الوقت أخذ قلمي يخط قصائد منّوعة. كما أني استطعت تأليف كلمات على لحن معين، وهو أمر لم أكن أجيده من قبل».
وعن مواضيع الأغاني التي تحب تناولها في أعمالها ترد في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، «أميل دائماً لكتابة موضوعات اجتماعية تقربني أكثر من الناس، وتحكي بلسان حالهم. كما أبتعد عن الكلمات العاطفية، وأفضل عليها الوجدانيات بعيداً عن السطحية». وتتابع «برأيي أن كلمات الأغنية تشكل العنصر الأساسي لنجاحها. فهي إما تحث سامعها على الطرب أو العكس. الأعمال الغنائية تلحن نفسها بنفسها، وأعني بذلك أن إحساس الملحن بالكلمة يدفعه لكتابة هذا اللحن أو ذاك. وهو ما لمسته عندما لحنت (إنسان بشخصيتين) فكانت بمثابة تحد جديد لي».
وعن مدى تأثرها بأسلوب والدها في كتابة الشعر تقول «والدي يكتب قصائد كلاسيكية، وأتمنى يوماً ما أن أغني واحدة من قصائده».
تفضل جنى الغناء على كتابة الكلام، فالناس تعرفت إليها كمغنية منذ إطلالتها في برنامج «ستوديو الفن» للمواهب الغنائية في عام 2010 «يومها قدمت أغنية من كلماتي وألحاني بعنوان (حبيبة حبيبي) ولاقت صدى طيباً. وهذه الموهبة بدأت معي منذ عام 2006، فرحت أميل نحو الكتابة كوني أتمتع بخيال ساعدني كثيراً في سنواتي الدراسية في الجامعة».
وعن كلمات أغنيتها الجديدة «يقبرني أنا» تقول «هي عبارة شعبية يرددها اللبناني ويتوجه بها إلى من هو قريب إلى قلبه. فيقولها لولده وحبيبته ووالدته؛ لأنها تنبع من إحساس وحب كبيرين يعبّر عنهما الشخص بهذه الطريقة. واخترت هذه العبارة بالذات كمطلع للأغنية لأن الطفل كما الشاب والمسن يمكنه أن يغنيها ويتذكر معها أحباءه».
وعن الصعوبات التي واجهتها في مشوارها الفني تقول في معرض حديثها لـ«الشرق الأوسط»، «كل ما نطمح إليه يجب أن نكدّ ونعمل من أجله. فالأحلام كما التمنيات لا تتحقق ونحن نتفرج عليها أو نتخيلها. وأعتقد أن جيلنا اليوم من المغنيين يواجه صعوبات أكبر في مجال الفن. فإن شق طريقنا والوصول إلى ما نرغب فيه، يتطلب الجهد الكبير في ظل أوضاع معيشية واجتماعية غير مستقرة. فهناك أولويات في الحياة علينا الاهتمام بها كغيرنا من الناس. ولذلك نواجه في هذه المهنة صعوبات كبرى تتطلب منا مضاعفة جهودنا».
وتشير جنى روحانا إلى أنها ورغم ميلها إلى الألحان الإيقاعية والحماسية، ولكنها في الوقت نفسه تحب كلام الشعر الكلاسيكي. «أنا معجبة بقصائد نزار قباني وكذلك بكلمات أغاني الشاعر اللبناني نبيل أبو عبدو. أما شعر والدي مارون روحانا فيلامس روحي ويشدني بشكل كبير».
وتصف جنى روحانا نفسها بالـ«مستعجلة» التي تتسابق مع الزمن. «لا أعرف لماذا لدي هذا الشعور الدائم بأن العمر يركض بسرعة. وعندما انتشرت الجائحة تأكدت من نظريتي هذه. فكان الوباء فرصة تأمل في أنفسنا وبشريط حياتنا. كما كان بمثابة علاج للروح والفكر كي ننظم إيقاعنا ونركز على الأهم بدل الانشغال بالسطحيات».
تدرس جنى روحانا خطواتها الفنية بدقة وتعلّق «لا أحب القيام بأي خطوة ناقصة بسبب عجلتي الدائمة. ولذلك أتأنى في خياراتي الفنية وأعطها وقتاً طويلاً كي أدرسها من كل جوانبها». وعن الملحن الذي يلفتها تقول «أحب كثيراً ألحان زياد برجي، وأتمنى يوماً أن أغني عملاً من تأليفه، ومن كلمات والدي الشاعر مارون روحانا».
أما إذا رغبت يوماً في تقديم أغنية ثنائية مع أحد من زملائها، فهي تقول «أختار أدهم النابلسي؛ فلديه صوت جميل وإحساس رائع».
وتتحدث المغنية الشابة عن أعمالها المستقبلية «هناك مجموعة أغانِ أحضّر لها وأنوي إطلاقها الواحدة تلو الأخرى على طريقة الـ(سينغل). لقد فكرت كثيراً في الانتقال إلى بلد عربي كي أكمل ما بدأته في لبنان، ولكني متعلقة جداً بجذوري وبأهلي، ولولا ذلك لكنت رحلت من زمن وهاجرت».
وعن متابعتها أخبار الساحة الفنية، ترد «أنا بعيدة وقريبة في الوقت نفسه عن الساحة. وفي فترة الوباء لم أغن ولم أستمع إلى أي جديد من أغنيات وأعمال فنية. فكنت منشغلة أكثر بنفسي وبالعودة إلى الذات وبالاستمتاع بأجواء العائلية».



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».