جرائد روبرت ميردوخ البريطانية تسجل أرباحا بـ2.8 مليون دولار

لأول مرة منذ 13 عاما ولصالح جريدتي «التايمز» و«صنداي تايمز» ونسختيهما الإلكترونيتين

روبرت ميردوخ
روبرت ميردوخ
TT

جرائد روبرت ميردوخ البريطانية تسجل أرباحا بـ2.8 مليون دولار

روبرت ميردوخ
روبرت ميردوخ

أعلنت «تايمز نيوزبيبرز»، مؤسسة النشر البريطانية، التي يملكها إمبراطور الإعلام الأسترالي الأصل روبرت ميردوخ، وتضم صحيفتي «التايمز» اليومية و«صنداي تايمز» الصادرة يوم الأحد، أنها سجلت أرباحا تشغيلية قدرت بأكثر من 1.7 مليون جنيه إسترليني (2.8 مليون دولار)، مع انتهاء العام المالي في 30 يونيو (حزيران) 2014، وذلك لأول مرة منذ 13 عاما.
وقالت المؤسسة إنها قبل أن تطلق نسختها الإلكترونية باشتراكات سنوية في يونيو 2010 سجلت خسائر بـ70 مليون جنيه إسترليني (100 مليون دولار) سنويا للنسخ المطبوعة. لكن خسائر العام الماضي بعد 5 سنوات من الاشتراكات في النسخة إلكترونية وحتى 30 يونيو 2013 تقلصت إلى 6 ملايين جنيه إسترليني (9 ملايين دولار). وقالت المؤسسة إنها زادت أيضا من حصتها التوزيعية في الصحافة المطبوعة وكذلك في عضوية الاشتراكات، إذ يدفع العضو، كما تطلق عليه المؤسسة، 6 جنيهات أسبوعيا مقابل حصوله على الصحيفتين لمدة أسبوع كامل في شكليهما المطبوع والرقمي. عندما أطلقت النسخة الرقمية حددت المؤسسة الاشتراكات فيها بمبلغ جنيهين إسترلينيين (3 دولارات) في الأسبوع.
وحسب الأرقام الرسمية قدرت المبيعات من نسخها في أكتوبر (تشرين الأول) في اليوم بـ545 ألف نسخة لـ«التايمز» اليومية و958 ألف نسخة لـ«الصنداي تايمز» الأسبوعية. أما العضوية في النسخ الإلكترونية فقد وصلت إلى 291 ألف و338 ألفا لكل منهما، وهذا ما يعادل 54 في المائة و35 في المائة لمجموع المبيعات للصحيفتين.
وقال جون وايترو رئيس تحرير «التايمز» تعليقا على هذه الأرقام التي وصفتها المؤسسة بالرائعة «خلال الـ230 سنة الماضية إن (التايمز) قدمت مستوى عاليا من الخدمات الصحافية بأسعار معقولة، ولهذا فإن القراء من جميع الأعمال ما زالوا يقبلون على شراء صحيفتنا».
أما محرر «الصنداي تايمز» مارتن إيفينز فقد علق هو الآخر بدوره على هذه الأرقام قائلا: «كانت سنة رائعة للصحيفة الأسبوعية، التي بينت نوعية صحافتنا وتأثيرها ليس فقط في السوق البريطانية وإنما عالميا أيضا». في مارس (آذار) 2010 أعلنت «نيوز إنترناشيونال»، الاسم السابق للمؤسسة التي تملك الصحيفتين «التايمز» و«التايمز صنداي»، أنها ستبدأ في فرض رسوم للاطلاع على محتويات موقعيهما الإلكترونيين بداية من يونيو 2010. وأعلنت «نيوز إنترناشيونال» آنذاك أن الاشتراكات ستبدأ من جنيه إسترليني واحد (1.48 دولار) للعدد الواحد، أو جنيهين إسترلينيين للاشتراك لفترة أسبوع كامل. وتضارب نجاح الصحف التي عملت بنظام فرض الرسوم على محتوياتها على الإنترنت، في الوقت الذي ينتظر فيه القراء الحصول على محتوى ومعلومات دون مقابل. أما بالنسبة للصحف فهي تواجه مشكلة إيجاد نظام للمواقع المدفوعة دون إفساد شهية المعلنين على الموقع.
وتحدث آنذاك جيمس هاردينغ، محرر صحيفة «التايمز» السابق قائلا: «فرض الرسوم قد يكون مخاطرة، لكنه أقل خطورة من عرض الصحافة مجانا بلا مقابل على الإطلاق».
وكانت قد أعلنت «نيوز كوربوريشن» التي يملكها إمبراطور الإعلام روبرت ميردوخ، والشركة الأم «نيوز إنترناشيونال» في أغسطس (آب) الماضي، أنها ستتجه إلى فرض الرسوم على مواقعها الإلكترونية، التي تحتوي على صحيفة «وول ستريت جورنال» ضمن المجموعة، التي أثبتت نجاحا في نظام الدفع مقابل الأخبار. ولدى «وول ستريت جورنال» نحو 407 آلاف مشترك إلكتروني عن فترة 6 أشهر منتهية في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي. وكانت قد أعلنت صحيفة «نيويورك تايمز»، التي أقلعت عن محاولات سابقة لتقاضي اشتراكات مقابل تصفح موقعها، أنها ستفرض نظاما لتحصيل الرسوم في عام 2011، وسيسمح هذا النظام بالنفاذ المجاني لعدد قليل من الأخبار، لكن ينبغي لك الاشتراك إذا كنت تريد التصفح الكامل لمحتوى الصحيفة.
وبسبب الكشف عن القرصنة التليفونية في صيف 2011 أعلنت مجموعة «نيوز إنترناشيونال» تغيير اسمها إلى «نيوز يو كيه».. وكان تم إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» التابعة للمجموعة عام 2011 بعدما تم الكشف عن قيامها بصورة غير قانونية بالتنصت على هواتف مشاهير وسياسيين وضحايا جرائم. وكانت المديرة التنفيذية للمجموعة ريبيكا بروكس من بين من وجهت إليهم اتهامات على صلة بهذه الفضيحة، لكن المحكمة برأتها أخيرا من هذه التهم. وأوضحت المؤسسة التي تمتلك أيضا صحيفة «ذا صن» أكثر الصحف البريطانية شعبية، وكذلك «التايمز»، أن التغيير أعقب تغييرات أساسية على أسلوب الإدارة والعاملين للتعامل مع المشكلات التي حدثت أخيرا. وأضافت أن الاسم الجديد «يهدف إلى عكس هوية أكثر تماسكا ومنطقية للشركة الأم الجديدة في أنحاء العالم».
ويأتي هذا الإعلان قبل أيام من الانفصال المقرر بين قطاع النشر في الإمبراطورية عن قطاع الترفيه، الذي يضم أقسام الأفلام والتلفزيون، والذي تم إدراجه بصورة منفصلة تحت اسم «توينتي فيرست سينشري فوكس».



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.