بايدن يتحدّى «أميركا أولاً» بالإنفاق

تحت شعار «إعادة البناء بشكل أفضل»

اختارت حملة بايدن العمل مع فريق اليساري بيرني ساندرز لتوحيد الحزب الديمقراطي في مواجهة ترمب (أ.ب)
اختارت حملة بايدن العمل مع فريق اليساري بيرني ساندرز لتوحيد الحزب الديمقراطي في مواجهة ترمب (أ.ب)
TT

بايدن يتحدّى «أميركا أولاً» بالإنفاق

اختارت حملة بايدن العمل مع فريق اليساري بيرني ساندرز لتوحيد الحزب الديمقراطي في مواجهة ترمب (أ.ب)
اختارت حملة بايدن العمل مع فريق اليساري بيرني ساندرز لتوحيد الحزب الديمقراطي في مواجهة ترمب (أ.ب)

مع دخول الانتخابات الأميركية هذا الشهر مرحلة جديدة من اشتداد التنافس يكشف الديمقراطي جو بايدن عن اقتراح يخطط لتنفيذه إذا فاز في السباق لإنفاق 700 مليار دولار على المنتجات والأبحاث الأميركية، في تحد مباشر لشعار ترمب «أميركا أولا».
وبحسب ملخص الاقتراح يريد بايدن إعادة إحياء المنافسة القومية الاقتصادية، ليدعم حملته بشعار يشير إلى حرصه على المستقبل المالي للولايات المتحدة. من ناحية أخرى كشفت حملة بايدن أنها تعمل مع فريق المرشح اليساري السابق بيرني ساندرز لإعداد وثيقة ستضم إلى برنامج الحزب الديمقراطي الانتخابي الرسمي حول تغير المناخ، في مسعى واضح لتوحيد قاعدة الحزب الديمقراطي، عبر تبني أجزاء من شعارات وبرامج ساندرز رسميا إلى شعارات بايدن.
وتقول حملة بايدن إن خطته للتصنيع والابتكار ستعيد الوظائف المفقودة هذا العام وستخلق 5 ملايين أخرى على الأقل باستثمارات كبيرة في التكنولوجيا المحلية. وتقول الوثيقة التي عرض ملخصها من 15 صفحة، إنها تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدول الأجنبية في توريد السلع الأساسية إلى البلاد، وتنفيذ سياسات تجارية وضريبية تدعم أولوية العمال الأميركيين، في تحد مباشر لترمب الذي يتهم بأنه لم يقم أو يقدم أي اقتراح عملي في هذا المجال، سوى كيل الاتهامات وشن الهجمات ذات الطابع الدعائي ضد الصين، لاستمالة قاعدته الشعبية. وبحسب ملخص الوثيقة الذي اطلعت عليه صحيفة واشنطن بوست «فإن بايدن لا يقبل وجهة النظر الانهزامية بأن قوى العولمة تجعلنا عاجزين عن الاحتفاظ بوظائف نقابية ذات أجر جيد وخلق المزيد منها هنا في أميركا». وأضافت «كان التصنيع هو ترسانة الديمقراطية في الحرب العالمية الثانية ويجب أن يكون جزءا من ترسانة الازدهار الأميركي اليوم، مما يساعد على تغذية الانتعاش الاقتصادي للعائلات العاملة». ويسلط اقتراح بايدن الضوء على تحول كبير في رؤية كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بعيدا عن العولمة والتجارة الحرة، والتوجه نحو حماية العمال الأميركيين وتنشيط الصناعات المحلية المتعثرة. وقد تسارعت هذه الاتجاهات بسبب جائحة الفيروس التاجي الذي تسبب في دمار للاقتصاد. ويشير الاقتراح إلى اعتراف بايدن بأن دعم تعامل ترمب مع الاقتصاد، لا يزال نقطة مهمة رغم أرقام الاستطلاعات الضعيفة التي يحققها، ويعكس نجاح رسالة ترمب بأن حماية العمال الأميركيين أكثر أهمية من ضمان التدفق الحر للتجارة.
وغني عن القول إن الرئيس ترمب الذي بنى حملته الانتخابية عام 2016 بشكل كبير على وعود بإعادة الوظائف الأميركية إلى الوطن، وكذلك إلقاء اللوم على المهاجرين لإيذائهم العمال الأميركيين، أشعل أيضا حربا تجارية مع الصين وفرض رسوما جمركية أطاحت بسياسات الحزب الجمهوري التقليدية في هذا المجال.
بايدن يسعى الآن إلى الاستعانة جزئيا باقتراحات منافسه ساندرز في مجال التجارة العالمية وحقوق العمال، الذي كان يزايد يساريا فيها على ترمب. ويعكس اقتراحه أيضا الآثار التي تركها فيروس كورونا الذي كشف ضعف الشركات الأميركية عن إنتاج إمدادات طبية كافية في حالات الطوارئ. وتبنى الاقتراح تقديم حزمة مساعدات فدرالية من 400 مليار دولار لتحفيز الطلب على المنتجات والخدمات الأميركية، بالإضافة إلى استثمار بقيمة 300 مليار دولار في الأبحاث الأميركية والاختراعات التقنية، نصفها سيتم استثماره في مبادرات للطاقة النظيفة، بما يلتقي مع خطة ساندرز في مجال الدفاع عن البيئة والحد من الاحتباس الحراري. كما يدعو الاقتراح الإدارة الأميركية إلى إطلاق «مراجعة سلسلة التوريد» لمدة 100 يوم والتي قد تتطلب من الوكالات الفيدرالية شراء الإمدادات الطبية والسلع الأخرى المصنعة في الولايات المتحدة فقط. وكان بيتر نافارو كبير مستشاري ترمب قد قدم مشروعا تنفيذيا يطالب الوكالات الفيدرالية بشراء الإمدادات الطبية والأدوية المنتجة في أميركا.
لكنه بقي من دون أي إجراءات عملية بسبب اعتراضات من مستشارين ومسؤولين آخرين، بينهم وزير الخزانة ستيفن منوشين وصهر ترمب جاريد كوشنر، الذين حذروا من أنه قد يقود الصين إلى الحد من إمدادات الحماية الشخصية للمعدات. وأمام تراجع الاهتمام بقضايا السياسات الخارجية، بعيدا عن الحملات اليومية التي تقوم بها إدارة ترمب، بات واضحا أن الاقتصاد سيكون مرة جديدة هو حلبة المنافسة الرئيسية للحزبين الجمهوري والديمقراطي، الأمر الذي يفسر إصرار ترمب على إعادة فتح الاقتصاد واستعادة الوظائف. ويجادل ترمب أنه بنى اقتصادا مزدهرا قبل تفشي الفيروس التاجي ويمكنه القيام بذلك مرة أخرى. في حين يلقي بايدن باللوم عليه في رد فعله العشوائي على الوباء والاستهزاء المتكرر بنصائح خبراء الصحة العامة، ويقول إن سياساته في هذا المجال ساهمت بشكل رئيسي في ارتفاع معدل انتشار الوباء وألحقت الضرر بالاقتصاد. وفي ظل سعي بايدن الذي يتصدر استطلاعات الرأي بشكل كبير، إلى إغلاق أي فجوة قد يستغلها ترمب في حملته الانتخابية، كشفت حملة المرشح الديمقراطي المفترض أن بايدن سيقدم في الأشهر المقبلة مقترحات بشأن البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم والمساواة العرقية، تحت شعار «إعادة البناء بشكل أفضل».



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.