إعصار يهز الفلبين.. وإجلاء الملايين من منازلهم

مخاوف من تكرار فاجعة «هايان» التي أسفرت عن مصرع 7350 شخصا

إعصار يهز الفلبين.. وإجلاء الملايين من منازلهم
TT

إعصار يهز الفلبين.. وإجلاء الملايين من منازلهم

إعصار يهز الفلبين.. وإجلاء الملايين من منازلهم

ضرب الإعصار هاغوبيت، اليوم (الأحد)، شرق الفلبين ترافقه امطار غزيرة ورياح تتجاوز سرعتها المائتي كيلومتر في الساعة انتزعت اسطح المنازل وخطوط الكهرباء.
وبدأت هذه العاصفة القوية - القادمة من المحيط الهادئ وتعد اقوى اعصار يسجل في الارخبيل هذه السنة - تضرب قرى صيادي السمك في جزيرة سامار مساء امس. ويتوقع ان تؤثر على اكثر من نصف الارخبيل الذي دمر الاعصار هايان العام الماضي مناطق في وسط شرقه.
وقالت ستيفاني اوي-تان رئيسة بلدية كاتبالوغان كبرى مدى سامار في اتصال هاتفي ان "الرياح العاتية اقتلعت الكثير من المنازل، وخصوصا على الساحل". واضافت ان "الاشجار واعمدة الكهرباء سقطت ارضا والاسطح اقتلعت وهناك سيول".
وصرح المدير الوطني للدفاع المدني الكسندر باما، بأن السلطات المحلية لم تبلغ بوقوع ضحايا حتى ظهر اليوم (4:00 تغ).
وقال جيري يواكاسين نائب رئيس بلدية تاكلوبان ان شعورا "بالارتياح" يسود في هذه المدينة الساحلية الكبيرة. وأضاف "نحن مستعدون بشكل افضل مما كنا عند مرور الاعصار يولاندا" الاسم الذي يطلقه الفلبينيون على الاعصار هايان.
وخشية من تكرار مأساة العام الماضي التي سببها الاعصار هايان - الذي اسفر عن مصرع 7350 شخصا - قامت الحكومة بإجلاء ملايين السكان قبل وصول الاعصار هاغوبيت، ليلجأوا الى كنائس ومدارس ومنشآت اخرى.
وفي منطقة بيكول وحدها شمال سامار تم تجميع حوالى 600 الف شخص في مراكز إيواء.
وبيكول منطقة زراعية ولصيد السمك تبعد قليلا عن الاماكن التي دمرها الاعصار هايان، الذي ضرب الفلبين في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) 2013.
وفي ليغاسبي المدينة الكبيرة الواقعة في منطقة بيكول، تضرب أمواجا هائلة السدود بينما تعصف الرياح في المنازل المبنية من الخشب او الصفيح او سعف النخيل قبل ان تبلغ العاصفة ذروتها بين الاحد والاثنين.
ويتوقع ان يؤثر الاعصار هاغوبيت على شريط يبلغ عرضه اكثر من 300 كيلومتر في البلاد، مما يشكل تهديدا لحوالى خمسين مليون نسمة اي نصف السكان، كما قال وزير الشؤون الاجتماعية كورازون سليمان.
وذكرت وكالة الانباء باغاسا انه حتى اذا ضعف بوصوله الى الارض، فان هذا الاعصار يبقى الأعنف في الارخبيل هذه السنة.
وتضرب الفلبين التي يبلغ عدد سكنها مائة مليون نسمة حوالى عشرين عاصفة قوية سنويا، وتشهد ايضا هزات ارضية وثوران براكين ما يجعل من هذا البلد الاكثر تضررا بالكوارث الطبيعية في العالم.
والعواصف تتسبب بسقوط ضحايا، لكنها تزداد عنفا نتيجة التقلبات المناخية وفقا للأمم المتحدة وعلماء.
والعام الماضي كان الاعصار هايان اسوأ كارثة طبيعية في العالم.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»